عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 05-02-2006, 04:43 AM
مقتبس الخير مقتبس الخير غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 3
Exclamation وهنا يقع إشكال وهو .... ( ابن عثيمين )

بسم الله الرحمن الرحيم


عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله أخبرني بعملٍ يدخلني الجنّة يباعدني عن النار قال : ( لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئا , وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصوم رمضان , وتحج البيت ...... إلـخ )


قال ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في شرح هذا الحديث في الأربعين النووية :

أن العمل يُدخل الجنة ويباعد عن النار , لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّه على هذا .

وهنا يقع إشكال وهو : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لن يدخل أحدٌ الجنّة بعمله قالوا : ولا أنت يارسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ) فكيف يُجمع بين هذا الحديث وبين النصوص الأخرى الدالة على أن الإنسان يدخل الجنّة بعمله ؟
أجاب العلماء رحمهم الله فقهاء الإسلام أطباء القلوب والأبدان ممن علّمهم الله ذلك فقالوا : الباء لها معنيان : تارةٌ تكون للسببية , وتارةٌ تكون للعِوض .


فإذا قلت : بعت عليك هذا الكتاب بدرهم , فهذه للعِوض .
وإذا قلت : أكرمتك بإكرامك إياي , فهذه السببية .


فالمنفي هو باء العِوض , والمثبت باء السببية .

فقالوا : معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحدٌ الجنّة بعمله ) أي على أن ذلك معاوضة , لأنه لو أراد الله عزّ وجل أن يعاوض العباد بأعمالهم ويجازيهم لكانت نعمة واحدة تقضي على كل ما عمل , وأضرب مثلاً بنعمة النفس , هذه نعمة عظيمة لا يعرف قدرها إلا من ابتلي بضيق النفس , واسأل من ابتلوا بضيق النفس ماذا يعانون من هذا , والرجل الصحيح الذي ليس مصاباً بضيق النفس لايجد كلفة في التمتع بهذه النعمة , فتجده يتنفس وهو يتكلم , ويتنفس وهو يأكل ولا يحس بشيء .

هذه النعمة لو عملت أي عمل من الأعمال لا تقابلها , لأن هذه نعمة مستمرة دائماً بل نقول : إذا وفّقت للعمل الصالح فهذا نعمة قد أضل الله عزّ وجل عنها أُمماً , وإذا كانت النعمة تحتاج إلى شكر , وإذا شكرت فهي نعمة تحتاج إلى شكر آخر , ولهذا قال الشاعر :


إذا كان شكري نعمة اللـه نعمـة * * * عليّ له في مثلها يجب الشكرُ
فكيــف بلـوغ الشكـرِ إلا بفضلـه * * * وإن طالت الأيــام واتصل العمرُ


المرجع كتاب شرح الأربعين النووية



رحم الله شيخنا
وغفر له
وأسكنه فسيح جناته

هذا والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد