عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-02-2006, 10:48 PM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

ويضيف الشيخ الصفار: "لماذا يحاكم بعضنا بعضاً على ما ورد في كتب أسلافه؟علينا أن نقرر تجاوز هذا الجانب المظلم السلبي من تراثنا سنة وشيعة، ونركز على الجانب المضيء الإيجابي منه الذي يساعدنا على إصلاح أمورنا ومعالجة مشاكلنا وتدعيم وحدتنا وألفتنا". "مقولات التجريح والطعن والسب والشتم لا تقتصر على بعض كتب التراث الشيعي، فهي موجودة في بعض كتب التراث السني، فكتاب (السنة) لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ( 213-290هـ) -على سبيل المثال- فيه فصل كامل يبلغ 50 صفحة في ذم الإمام أبي حنيفة واستحباب بغضه ووصفه بالكفر والزندقة واتهامه بأبشع التهم، فهل يعني ذلك أن يحصل النزاع والخلاف الآن بين الأحناف والحنابلة؟ وكذلك لو راجعت كتاب طبقات الشافعية لوجدت فيه نقلاً كثيراً لتجريح وخصومات بين علماء الحنابلة والشافعية، وفي كتب الشيخ ابن تيمية كلام عنيف ضد الشيعة وضد علمائهم وزعمائهم، فهل نعيش آثار هذه المعارك الموجودة في كتب التراث الشيعي والسني، ونتخذ المواقف من بعضنا البعض على أساسها؟".




عقلية رفض الآخر

- في ضوء كل تلك الخلافات الحادة هل ترى أن الفكرة التي تطرحها حول حوار المذاهب الإسلامية والتقريب بينها يمكن تحقيقها حاليا؟

- المشكلة واحدة. وهي تنحصر في عقلية قبول الآخر والرأي الآخر، فنحن تربينا على الأحادية، وعلى رفض الرأي الآخر. ضخت لنا ثقافة بهذا الاتجاه. نرفض التعددية ولا نقبلها. ونمارس الرفض في مختلف الدوائر، القريبة والبعيدة، بينما القرآن يوجهنا إلى أن نقبل الرأي الآخر المخالف لنا في الدين، فيقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ). الآية تذكر ست ديانات كاعتراف بوجودها في الواقع الخارجي. أما من حيث الصواب والحق فإن الدين عند الله هو الإسلام. بل أن القرآن يخاطب الديانتين المنافستين بأهل الكتاب وهذا اسم للاحترام. وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقبل بوجود النصارى واليهود كأمر واقع مع قوله إن الدين عند الله الإسلام. ولكن في الواقع الحياتي كان يقبل وجود الآخرين. والحديث المشهور موجود في صحيح البخاري وفي رسائل الشيعة إن الرسول كان جالسا فمرت جنازة فقام وقام الأصحاب وقالوا يا رسول الله إنها جنازة يهودي. قال أو ليست نفسا. هكذا كان يتعامل نبينا. ونحن كيف نتعامل فيما بينا. يقول القرآن (لقد كرمنا بني آدم) لم يقل المسلمين، لأن التكريم الإلهي للإنسان بعنوانه الإنساني بغض النظر عن العناوين الأخرى.

- ولكنك شخصيا متهم بالأحادية ورفض الآخر، وهناك مواقع على الإنترنت تنشر أحاديث لك تهاجم فيها المذاهب الأخرى، فكيف ينجح الحوار والتقريب إذن؟

- يبدو أن هناك جهات تزعجها مبادرات الوحدة والتآلف وجهود التقريب بين المسلمين، وتسيطر عليها حالة من التشنج الطائفي، لذلك تسعى إلى افتعال ما يشكك في صدقية هذه المبادرات والجهود، وليس صعبا دبلجة بعض الأشرطة والتسجيلات وإقحام شيء من العبارات فيها، ويهمني أن أشير هنا إلى ما هو معروف من أنني كنت أعيش ضمن وضع معارضة سياسية في الثمانينيات، وكانت المنطقة آنذاك تعيش تشنجاً سياسياً طائفياً بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وأثناء الحرب العراقية الإيرانية، وقد تكون بعض خطاباتي في تلك المرحلة، ذات طابع تعبوي في الاتجاه السياسي والمذهبي.

ويضيف الصفار: ثم أدركت مبكراً ضرورة تجاوز مثل هذه التوجهات، واعتماد منطق الاعتدال والتسامح والحوار والعمل البناء لمعالجة مشكلة الخلاف والتمييز الطائفي، وأعلنت عن هذه التحولات الفكرية والسياسية في وقتها وكنت خارج الوطن. وتغيرت لغة خطابي السياسي والديني، تبعاً لتغير قناعاتي، وأعقب ذلك حواري مع الحكومة وعودتي إلى الوطن بحمد الله، وقد صدر لي في هذا السياق في 1989 كتاب بعنوان (التعددية والحرية في الإسلام: بحث حول حرية المعتقد وتعدد المذاهب)، أعقبته كتب أخرى في سنوات لاحقة ككتاب (التنوع والتعايش)، وكتاب (التسامح وثقافة الاختلاف)، وكتاب (رؤية حول السجال المذهبي)، (وكتاب السلم الاجتماعي مقوماته وحمايته)، كما ألقيت خطابات كثيرة في جمهور المواطنين الشيعة في المملكة موجودة على موقعي في شبكة الإنترنت تبشّر بتوجهات الاعتدال والتسامح والتقريب، وهي تعبر عن قناعات نؤمن بها ونعمل من أجلها، لكن بعض المغرضين يبحثون عن كلمات قيلت في التعبئة السياسية والمذهبية من مرحلة سابقة، وضمن توجهات تجاوزناها فكرياً وعملياً، من أجل تشويه الصورة وتعويق مسيرة الوحدة والانفتاح.

- في ضوء ما سبق.. هل ترى الطائفية عاملا إيجابيا في تكوين المواطنة أم تعدها عنصرا سالبا؟

- الطائفية خطر على كل وطن أو شعب يبتلى بها، لأنها أولاً، تضعف الوحدة الوطنية، وتجعل الناس يفكرون ككيانات قلقة من بعضها البعض، بدل أن ينظروا لأنفسهم كياناً واحداً، ثانياً تخلق أرضية النزاع والاحتراب الداخلي، ثالثاً يحرم الوطن من الاستفادة من الكفاءات الحقيقية لبعض أبنائه حينما يهمش دورهم ضمن المعادلة الطائفية، رابعاً تعطي الفرصة للأعداء للعب بهذه الورقة ضد مصلحة الوطن.

- إذن كيف يتم إيجاد آليات مناسبة لحوار مذهبي يؤدي إلى الوحدة ويقضي على الطائفية؟

- الآليات السليمة للحوار المذهبي تتمثل في الاتفاق على مبادئ للتعايش والتعاون ضمن مصلحة الأمة والوطن والبحث في القواسم المشتركة ومناطق الاتفاق والتأكيد عليها والانطلاق منها بوصفها الآليات السليمة للحوار المذهبي فضلا عن الحوار حول القضايا المختلف فيها لمعرفة أدلة كل طرف ومستندات آرائه، بعيداً عن التقولات والتفسيرات الخاطئة" وأخيرا دراسة التحديات المعاصرة التي تواجه الإسلام والأمة وتقديم الحلول الفكرية والتشريعية لها بالاستفادة من اجتهادات مختلف المذاهب.




شيعة السعودية والولاء لإيران

وكان ضروريا أن نعرج على مسألة تثار من حين لآخر حول ارتباط الشيعة السعوديين بإيران وتأثير هذا الارتباط -في حال وجوده- على ولاءات الشيعة في السعودية، سألته عن ذلك فقال:

"تاريخياً لم تكن للشيعة في السعودية علاقة مع إيران حتى على المستوى المذهبي إذ كانت المرجعية التي يرجع إليها المواطنون الشيعة في السعودية موجودة في العراق. ولكن بسبب القمع في العراق انتقل كثير من العلماء والمرجعيات الدينية إلى إيران وبالتالي حصل ارتباط في ناحية الفتاوى والثقافة الدينية. من جهة أخرى كانت إيران في ظل نظام الشاه موالية للغرب ومؤيدة لإسرائيل، ولما سقط هذا النظام تفاعل مع هذا التغيير ليس الشيعة فحسب، بل المسلمون في مختلف البلدان الإسلامية. لكن ليس هناك ارتباط سياسي بين الشيعة في السعودية والشيعة في إيران. فالشيعة في السعودية جزء من وطنهم وولاؤهم لهذا الوطن ويخضع الجمهور الشيعي هنا لعلماء الشيعة الموجودين داخل السعودية.

- ولكن لا يوجد مرجع ديني للشيعة في السعودية؟

- هذا سيحدث إذا توفرت حركة علمية للشيعة في المملكة لأن ذلك سيؤدي إلى وجود مرجعية دينية محلية كما كان في الماضي قبل حوالي نصف قرن هذا جانب، أما الجانب الآخر فهو أن الارتباط العلمي والديني لا تحده الجغرافيا والحدود السياسية عند جميع الأديان والمذاهب، فهناك بعض المسلمين "السنة" في العالم كانوا يأخذون بفتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز في المملكة فهل كان ذلك مخلاً بانتمائهم وولائهم الوطني؟ وبالمثل هناك كثير من المسلمين من خارج مصر يأخذون بآراء وفتاوى الجامع الأزهر وليس ذلك منافياً لوطنيتهم.

- وماذا عن علاقتكم بالقوى الشيعية الأخرى في العراق وسوريا؟

- نحن نؤمن بضرورة التواصل مع كل القوى الإسلامية شيعة وسنة، ولدى الشيعة في السعودية علاقات وانفتاح على الشخصيات والعلماء المسلمين في الكويت والبحرين ولبنان والعراق وإيران وغيرها وهي علاقات تتعدى الإطار المذهبي الطائفي لتنبني على أساس التعاون على البر والتقوى والتعاون بالجهود الثقافية المعرفية.

- وإذا كانت الفتنة مأمونة فلماذا إذن –بتصورك- لا زالت الكتب الشيعية تمنع في السعودية؟"

- لا أرى مبرراً مقبولاً لمنع الكتب الشيعية في المملكة، فما يثير الفتنة يمنع سواء كان كتاباً شيعياً أو سنياً أما الكتب العلمية والفكرية التي تعرض رأي الشيعة العقدي والفقهي وغيره فلا مبرر لمنعها، وسبب المنع هو الهيمنة الأحادية لرأي مذهبي واحد لعله يخشى من تأثير الآراء الأخرى أو قوة منطقها.


__________________
معين بن محمد