الموضوع: يزة
عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 24-02-2006, 03:03 AM
عبدالحميد المبروك عبدالحميد المبروك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2005
المشاركات: 172
إفتراضي يزة 5

يزة 5
مسعود ان الناس لايصدقون عودتك الى .. لأنه لايمكن فى شرعهم أن يعود الميت حيا.. . وعندما يسمعون مناجاتى يظنون بي الظنون ، والوقت ليل والصوت يسمع صداه . فكيف يمكنهم تصديق مالاطاقة لهم على رؤيته ؟!.
هاهم قد جاؤا فى جمع من الفلاحين والعمال لا نتزاعك منى . هاهم يتجمعون أمام باب بيتنا يصيحون . وأنى لا أتبين ما يقولون لأنهم فى غليان لم أر له مثيلا ، وهم يتكلمون فى وقت واحد . انهم يهددون ويتوعدون ويريدون كسر الباب واقتحام البيت .
اني أزداد اقترابا منك ويشتد ضمى لــــك كلما تعالت صيحات هؤلاء الفلاحين والعمال ، وكلما ازداد طرقهم على الباب.
عادت الأصوات مهددة متوعدة وعاد الطرق على الباب أشد قوة حتى كاد أن ينشق له الخشب. عند ذلك وسدت يزة رأس مسعود بالأرض ونهضت وأخذت زجاجة وقود وعلبة كبريت وفتحت الباب بشدة ووقفت على عتبته ساكتة .
فوجئ القوم واندهشوا وخيم الصمت عليهم وتأخر الرجل المتوعد فنقلت يزة بصرها من واحد الى آخرعلى ضوء نيران تلك العصي التي بأيدي بعض منهم ، فلم تر الا وجوها تملكها الغيظ والحيرة وسادها التوتر والحقد ، فقالت...


ها قد فتحت لكم الباب . فماذا تريدون منى فى هذه الساعة المتأخرة من الليل؟
تقدم صاحب الصوت وصاح فى وجهها نريد الكيس ... ومايحتوى..
قالت : ولماذا ؟ ... فقال : لأنها عظام انسان ميت ولابد أن تدفن فى المقبرة.
فقالت يزة بصوت عال : ما أدراكم أنه ميت .انه زوجى ولن أفرط فيه الى أحد فضج الحاضرون ونظروا لبعضهم بعضا وتبادلوا عبارات الحيرة والتعجب ثم نطــــق أحدهم ، ســــــــــــــــــــــــننتزعه منك عنوة .وقال آخر : مصابها فى زوجها أذهب عقلها . وكثر اللغط والهرج والمرج .. حتى أيقظ من كان نائما.. فالتحقت نسوة وعجائز بالجمع .
ثم قال آخر : أنا لها . سأنتزع منها الكيس فصاح أحدهم :لا، لا ،لا تفعل ان بيدها زجاجة وقود سكبتها على جسدها منذ لحظة . ستشعل النار اذا تقدمت خطوة.
وجاء صوت لاهث من خلف الفلاحين ..لا تفعلوا ابتعدوا عنها..
انه صوت قريرة سائق السيارة التى جاءت فيها من المدينة الى القرية . اخترق صوته الجمع واخترق بجسمه الفاره وهو يفسح لنفسه الطريق بقوة للوصول اليّ .. واقترب منى فسكت القوم فى انتظار ما سيفعله قريرة . هذا السائق الفريد فى الشهامة ، العميق فى الصمت والوفاء والاخلاص ،العريض المنكبين والطويل الشاربين وكأنه حاكم من حكام الأتراك.
توقف قريرة برهة استرد فيها أنفاسه وقال فىصوت حاول أن يجعله رقيقا..
يزة .. اهدئى .. لن يصيبك أحد بسوء مادمت حيا . أنا هنا لأحميك .هؤلاء جميعا لا يفهموك . يحسبونك مجنونة ، وأنت لست كذلك ، هم لايعرفون مدى تعلقك بمسعود . أنا أعلم ما بينكما من محبة . احتفظى بهيكله فى غرفته وهات علبة الكبريت ، أشارت يزة برأسها رافضة .
يزة لا تسيئي الظن بي . أنا فى صفك وضد هؤلاء جميعا وسأصرفهم فى الحال . وفعلآ التفت اليهم وطلب منهم فى لهجة ناهرة العودة لبيوتهم وتركي وشأني . فصاح أحدهم نريد الهيكل . ويجب أن يدفن فى المقبرة ..
فصاح قريرة ...الرجل حى .. فاذهبوا الى شأن حالكم . فقال آخر بلهجة ساخرة نريد أن نراه .. فارتعش قريرة ورفع يده ولطمه لطمة أسقطته أرضا ..واختطف عصاة كانت بيد أحدهم ووقف فى مواجهتهم وهم فى موقف بين أخذ الرجل الذى سقط أرضـــــــــــــا وبين مصارعة قريرة .. فصاح قريرة..كفاكم لجاجا كفاكم لجاجا .. عودوا الى بيوتكم قبل أن يسيل الدم بيني وبينكم .لا دخل لكم فى حياتها الخاصة .. لستم أوصياء عليها ..أو على مسعود ..مسعود ..مسعودها ، وهى تتصرف فيه كما تشاء.
ابتعدوا عن البيت. عودوا الى بيوتكم. فوقف بعض الرجال بين قريرة وباقى الناس وصاروا يدفعونهم بعيدا عن البيت.. وماهى الا برهة حتى خلت المنطقة من الرجال والنساء ولم يبق غير قريرة .. وقد تمزقت ثيابه وسال الدم من خلف كفه نتيجة اللطمة التى لطم بها ذلك الرجل ، وهمّ قريرة بمغادرة المكان فاستوقفته لأشكره ..فالتفت الى قائلا..
يزة .... لقد عرضت نفسي لغضب الناس من أجلك ..ومن أجل مسعود فقد كان صديقا حميما ، وعزّ عليّ أن يهان بهذه الصورة بعد موته . قال ذلك وتركنى واقفة على عتبة باب البيت ... وهو يقول وداعا ..يايزة.. أعانك الله على هؤلاء القوم.
ولم أفهم ماتمتم به بعد ذلك من كلام ..ولم أشعر الا وأنا بجوار هيكل مسعود والنار تشتعل فى كل مكان من البيت ..أنا .. وهيكل مسعود ...البيت ....والفناء .... كل شيء تحول الى ألسنة من لهب. فوسدت رأس مسعود ركبتي وانحنيت عليـــــــــــــــــــــــــــه.

انتهت
الرد مع إقتباس