عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 02-03-2006, 05:08 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

استوقفني هذا الكلام..فهو فعلا كلام منطقي وعميق جدا..

إقتباس:
إشارات القرآن للكتب السابقة ، وللميزان ، ولشراء الله للأنفس ، وللجزاء يوم القيامة ، ولإقراض الله ، وأن جزاء كل هذا أضعاف أضعاف ما قدم ، وصور كل ذلك على أنه بيع وشراء بين العبد وربه ، فقد كان العرب فى هذا الزمان ، تجار يعيشون على التجارة . وحينما يقارن القرآن حالة الكفار بحالة من يموت من العطش فى الصحراء ، أو يقارن بين البعث يوم القيامة وإحياء الأرض الموات بعد المطر ، أو حينما يصف الجنة بأمور جد حيوية ومثيرة ، فلنا أن نتصور وقع هذه الصور على الذين يستمعون إليها لأول مرة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

لم يكن العرب فى عهد الرسالة الإسلامية ، ملحدون أو لا أدريون ، ولكنهم لم يكونوا متدينين بعمق . كانوا بنفس الصورة التى عليها كثير من البشر الآن ، تطلعاتهم للدين عابرة ، الإيمان بالدين مجرد جزء من التقاليد ، ملحق بالثقافة ، ويمارس فى مكان ووقت محدود ، ويلجأ إليه عند اللزوم . وبمعنى آخر ، كانوا عباد أصنام ، يعتقدون فى عدة آلهة ، ويظنون أن لها تأثيرا على حياتهم الشخصية . مشكلة القرآن مع العرب ، ليست فى أنهم لا يعتقدون فى وجود الله ، بل فى اعتقاداتهم الخاطئة فى الله سبحانه وتعالى ، والتى أدت إلى تعزيز الفسوق .
جاء القرآن للإصلاح والتعديل ، لا للبداية من الصفر ، وقبول ما كان صحيحا والبناء عليه وتعديله إن كان فى حاجة لتعديل . جاء ليفكر العرب فى الدين بطريقة جديدة ، ويغرس فيهم مفاهيم جديدة ، وأطرا يرجعون إليها ، لتنقلهم من نظرة عالمية محدودة كانوا يعيشونها لنظرة عالمية أخرى ، أرقى وأعلى . هذه العملية التحويلية ، أخذتهم من تقليد الآباء ، إلى المسئولية الفردية ، من الفوضى إلى النظام ، من الجهل إلى العلم ، من الحدس إلى السببية ، وفى النهاية ، توافق كل هذه الأمور .
وفى المجتمع الأوربى المعاصر ، فالوضع هو تقريبا ، عكس ما جاء به القرآن . نظريات الإنتقاء الطبيعى ، أو التطور بالصدفة ، مما جعل الدين لا يوضح حقيقة الوجود .
ونجح علم النفس الحديث ، فى شرح أن القيم ، والميول الروحية ، والفضائل ، والمبادئ الأخلاقية ، التى يعيشها الغرب ، هى نتاج تطورات اجتماعية ديناميكية ، ولهذا فهى ليست "حقيقية" أو "مطلقة" ، ولكنها فقط شئ "نسبى" ، نتيجة لتصوراتنا واسعة الإنتشار . فوجود الله عند الغربيين لا ضرورة له ، ويحل محله العلم والمنطق . نتيجة لهذا ، فالذين يتحولون للإسلام منهم يختلفون عن كفار الجزيرة العربية الذين تحولوا من الشرك إلى الإسلام منذ أربعة عشرة قرن . النهاية واحدة ، ولكن الجذور السابقة مختلفة . المتحولين الآن للإسلام ، ينتقلون من الفردية فى الحكم على الأشياء إلى قبول تشريع علوى ، من المادية البحتة إلى المادية والروحانية معا ، من المحسوس إلى الغيب ، وبالأحرى ، تناغم كل ذلك معا .

جزاك الله خيرا جدنا الفاضل.