الحلقة الثالثة
موقف علماء أهل السنة والحديث من الدولة السعودية
يقول الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ... الآية}، ويقول عليه الصلاة والسلام (أنتم شهداء الله في خلقه)، فأمة الإسلام وسط بين سائر الملل، وأهل السنة والحديث وسط بين سائر الفرق، يقول عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)، فأهل السنة والحديث هم أولى الناس بهذه الأوصاف لأنهم يتبعون الكتاب والسنة ولا يخرجون عنهما، فهم أصدق الناس لهجة، وأحسنهم حديثاً، وأفضلهم طريقاً وأقومهم سبيلاً، خير الناس للناس، لا يشهدون الزور ولا يقرون الكذب والفجور يقولون الحق ويشهدون به.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في أهل الحديث: (فهم أكمل الناس عقلاً، وأعدلهم قياساً، وأصوبهم رأياً، وأسدهم كلاماً وأصحهم نظراً، وأهداهم استدلالا وأقومهم جدلاً، وأتمهم فراسة، وأصدقهم إلهاماً، وأحدهم بصراً ومكاشفة، وأصوبهم سمعاً ومخاطبة، وأعظمهم وأحسنهم وجداً وذوقاً. وهذا هو للمسلمين بالنسبة لسائر الأمم، ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل.
فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحد وأسد عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرهم في قرون وأجيال، وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين. وذلك لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه، قال تعالى: {والذين اهتدوا زادهم هدى} وقال: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً وإذاً لأتيناهم من لدنا أجراً عظيماً؛ ولهديناهم صراطاً مستقيماً}.
وهذا يعلم تارة بموارد النزاع بينهم وبين غيرهم، فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلا وقد تبين أن الحق معهم. وتارة بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم، أو بشهادتهم على مخالفيهم بالضلال والجهل. وتارة بشهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض، وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى، وتشهد بالضلال على كل من خالفها أعظم مما تشهد به عليهم.
فأما شهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض: فهذا أمر ظاهر معلوم بالحس والتواتر لكل من سمع كلام المسلمين، لا تجد في الأمة عظم أحد تعظيماً أعظم مما عظموا به، ولا تجد غيرهم يعظم إلا بقدر ما وافقهم فيه، كما لا ينقص إلا بقدر ما خالفهم).
ومما لا شك فيه أنه لما قامت الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبد العزيز لم تكن الأرض خالية من علماء أهل السنة الحديث، الذين عاصروا قيام هذه الدولة وشاهدوها وعرفوها عن كثب ممن كان داخل الجزيرة العربية أو في الشام ومصر والعراق واليمن أو المغرب الأقصى أو في شبه القارة الهندية أو غيرها من البلدان فلنر موقف هؤلاء العلماء والشهود من هذه الدولة ولنبدأ بالأبعد إقليماً قطعاً لشبهة المجاملة والتصنع!! وهم علماء أهل الحديث في شبه القارة الهندية ولنر موقفهم من هذه الدولة على ضوء كتبهم ورسائلهم ومجلاتهم وأنشطتهم الدعوية.
.. يتبع ..