فضل الجهاد والمجاهدين والرد على المبطلين والمثبطين والقاعدين
للقائد العسكري / ابوعمر الكويتي أحمد العازمي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد..
فإن الزمان الذي نعيش فيه زمان كثرت فيه الفتن والبلايا وعظمت فيه المحن والرزايا وادلهمت فيه الخطوب وتجلت فيه الكروب زمان شهد أعظم خسارة للبشرية وأقسى هزيمة للأمة الإسلامية زمان ملئت فيه الدنيا جوراً وظلماً وانقلبت فيه الأمور رأساً على عقب فوسد الأمر إلى غير أهله ونطق الرويبضة وساد السفيه وتمكن الخائن وصار الملك جبريا فبعد أن كانت الخلافة قائمة بشرع الله صار الحاكم لا يسأل عما يفعل فعطل شرع الله واستبدل أحكامه بأحكام النصارى الوضعية الوضيعة ولم يكتف بذلك بل حمى هذه القوانين وأطر الناس عليها أطرا بل وحارب من رفضها وزج بالمجاهدين في غياهب السجون والزنازين ونكّل بهم أشد التنكيل واستباح دمائهم واغتصب نسائهم فانكسرت شوكة المسلمين ولم يعد للدين من يحميه ولا يذب عنه ويذود ، فجرّ الطاغوت بذلك على الأمة أكبر المصاعب وأعظم الشرور وجرح الإسلام أعمق الجروح وأصاب الدين في مقتلٍ وأنّى له أن يقتل ، وبهذا ساد النصارى واليهود وتمادى الطواغيت والمنافقون وأصبحوا يعلنون جهاراً نهاراً كفرهم وردتهم وطعنهم في الدين واستهزائهم بأهله وانتقاصهم للشرع وادعائهم رجعيته وعدم صلاحيته ولا رادع لهم ولا حسيب .
ولما أن رأى الله عز وجل حال هذه الأمة التائهة في ظلمات الضلال إلا من رحم الله ، الغارقة في أوحال الدنيا الغير آبهة بما يحصل لها من هدم لبنيانها وتدمير لكيانها ونسف لعقيدتها وأخلاقها لما أن رأى الرب الكريم جل جلاله تكالب الأعداء وتداعي الأمم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهي كالسجينة المقيدة لا تستطيع حراكا ولا تملك حيلة تذب بها عن نفسها فهي على أضعف ما تكون حالا وأردى ما تكون واقعا ، لما رأى الله حالنا هذه أراد أن ينجينا كما أنجى البشرية أول مرة بمحمد صلى الله عليه وسلم وأراد أن يدركنا برحمة منه ومنّه وأن يزيل عنا هذا الذل والهوان وأن يعيد للأمة كرامتها و مجدها وعزتها وعلو ملتها على سائر الملل وسيادتها على كل الأمم فأحيا فريضة الجهاد وأخرج من أصلاب من ضيعوا الأقصى من يجاهد في سبيل الله ولا يخاف لومة لائم وأحيا من بين الموتى رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه شهيدا ومنهم من ينتظر الفوز بالشهادة أو النصر على الأعداء وما بدلوا تبديلا ما بدلوا نواياهم ولا عقيدتهم رغم خذلان الأغلبية لهم اتبعوا في ذلك قوله تعالى: ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين * إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) مضوا وشعارهم قوله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) إنهم رجال وأي رجال طافوا البلاد بحثاً عن الجهاد وذوداً عن الحرمات ونصرة للحق ودفعاً للباطل ونشراً للإسلام وهدماً للكفر رجال عظام قارعوا الباطل وأهله فأقضوا مضاجع الأمريكان وأرهبوهم ، وحطموا أحلام اليهود وأرعبوهم ، وفتكوا بالروس فدمروهم ، ونازلوا الهندوس فزلزلوهم وأغلظوا على المنافقين فألجموهم ، وفضحوا المبتدعة وردعوهم ، فلله درهم وعليه أجرهم .
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل
تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعلا وكبول
وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل
وإنا لقوم ما نرى القتل سبةً إذا ما رأته عامر وسلول
يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطول
وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل منا حيث كان قتيل
تسيل على حد الظباة نفوسنا وليس على غير الظباة تسيل
فنحن كماء المزن ما في نصابها كهام ولا فينا يعد بخيل
وتنكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول
إذا مات منا سيد قام سيد قوول لما يقول الكرام فعول
وما أخمدت لنا نار دون طارق ولا ذمنا في النازلين نزيل
وأيامنا مشهورة في عدونا لها غرر معلومة وحجول
وأسيافنا في كل غرب ومشرق بها من قراع الدارعين فلول
معودة ألا تسل نصالها فتغمد حتى يستحل قبيل
* * *
إنهم عصبة من الشباب الغيور تساموا إلى العلا فصنعوا الأحداث وشغلوا بأفعالهم الإعلام العالمي وقهروا بصمودهم العقول وحيروا بشجاعتهم الأذهان وشهد بنبلهم الأعداء لم يطب لهم العيش الرغيد بل تسابقوا إلى مواطن النزال ومعترك الأبطال فتراهم يحن أحدهم إلى أرض الجهاد أكثر من حنينه إلى أهله وولده
يقول لي الطبيب أكلت شيئا وداؤك في شرابك والطعام
وما في طبه أني جواد أضر بجسمه طول الجمام
تعود أن يغبر في السرايا ويخرج من قتام في قتام
فيالهم من عاشقين، فيالهم من عاشقين للموت في سبيل الرحمن، ويالهم من طالبين للقرب من الحور الحسان، إنهم قوم كلماتهم قليلة معدودة ، وأفعالهم كثيرة مشهودة ، قالوا ففعلوا ووعدوا فوفوا وعاهدوا فصدقوا قوم لم يكتفوا بتعلم العقيدة نظرياً ومطالعة بل طبقوها عملياً ومقارعة وعلموا بأن العقيدة إن لم تفدى بالمهج والأرواح فلن تعدوا أن تكون حبراً على ورق وفقهوا بأن دعوة التوحيد إن لم تقم بالجهاد فلن تغدوا أن تكون شيئاً من التراث نظروا إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوها متكاملة في كل جوانبها فلم تشغله صلى الله عليه وسلم العبادة عن العلم ولا الدعوة عن الجهاد ولم تناقض رحمته بالمؤمنين غلظته على الكافرين والمنافقين فهو الضحوك للمؤمنين القتال للكافرين لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لقد تأمل هؤلاء في سير الصحابة رضي الله عنهم فقارنوها بسير المسلمين في هذا الزمان فرأوا أمراً عجبا ورأوا مفارقة وتضاداً كبيرين بين سير الصحابة وسيرنا فأما هم فقد كانوا مجاهدين مقاتلين لأعدائهم وأما نحن فأصبحنا قاعدين مسالمين لجلادنا كانوا أهل مفاصلة مع الكفار وأصبحنا أهل دعوة لتقارب الأديان كانوا يطالبون أعدائهم بالتوحيد والإسلام وأصبحنا نطالبهم بالتفاهم والتعايش كانوا يترفعون عن الكفار ويحتقرونهم وأصبحنا نذل لهم ونتزلف إليهم كانوا يتسابقون إلى الغزوات وأصبحنا نتسابق إلى الفضائيات والمؤلفات كانوا يتهافتون على الموت وأصبحنا نفر منه كانوا كالأسد الغائرة وأصبحنا كالقطعان النافرة ملكوا فارس والروم واستعبدنا الأمريكان والروس فتحوا الدنيا شرقاً وغرباً بدمائهم ثم أتينا نحن فبعناها بلا ثمن هابتهم الأعداء مع قلتهم وأذلتنا الأعداء مع كثرتنا حكمهم خيارهم وأتقياؤهم وحكمنا شرارنا وفجارنا لقد كانوا وكنا وشتان بينما كانوا وما كنا .
لما رأت هذه العصبة المؤمنة أحوال الصحابة الكرام علمت بأن المسلمين اليوم قد حادوا عن طريقهم إلا من رحم الله عز وجل وتنكبوا لمنهجهم وسيرتهم في مقارعتهم الأعداء وجهادهم الكافرين وعلموا بأنه لن يصلح شأن هذه الأمة إلا بما صلح به شأن أولها من الجهاد والدفاع عن بلاد المسلمين وإتباع منهج سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فوالله ما انتصر الإسلام ولا انتشرت دعوة التوحيد إلا بالقرآن الهادي والسيف الناصر وهذه سنة الله عز وجل قال الله تعالى: ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز) فقد أرسل الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالحجة والبرهان كما أرسله بالسلاح والسنان ليعلم الله من يجاهد في سبيله لإعلاء كلمته ولما علموا ذلك وأيقنوه حقا عزموا أمرهم وتوكلوا على الله جل جلاله وجاهدوا أعداء الله ففتح الله عليهم من الفتوحات في هذا الزمان ما لا يخفى على أحد مع قلة عَددهم وعُددهم وأراهم من الآيات والانتصارات ما زادهم إيماناً وثباتاً على المنهج حتى تحطمت على أيديهم أعتى إمبراطوريات وتزلزلت من غاراتهم أطغى الأمم ولما رأى الكفار بأسهم وشدتهم وأنهم لا يزدادون إلا قوة وثباتا وعدة وعتادا ارتعبت قلوبهم ووجفت وتزلزلت عروشهم وارتجفت فدقوا ناقوس الخطر ونادى حامل الصليب أن يا أهل الصليب ها قد عاد المارد يتململ فأجمعوا كيدكم ثم أتوا صفا وأعلنوها حرباً صليبية فاجتمع أهل الباطل واتحد أعداء الأمس من النصارى واليهود والهندوس والشيوعيين والرافضة والمنافقين والمرتدين وغيرهم على حرب الإسلام في حملة صليبية جديدة لم يخفوها سموها باسم الحرب على الإرهاب ، فكان فرضاً على الأمة التصدي لهذه الهجمة الصليبية بما اجمع عليه علماء الإسلام قاطبة من وجوب الجهاد بالنفس والمال واللسان إذ ليس أمام المسلمين خيار غير الجهاد في سبيل الله وسد الثغور بالسلاح والأرواح والتضحية بالنفس والنفيس وذلك أمر الله وحكمه ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون وقد كان فرضاً على أهل العلم تحريض المسلمين على ذلك وحثهم عليه والأمر به إن التحريض على الجهاد من أوجب واجبات الدين وهو نوع من الجهاد الذي أمر الله به وهو من الدعوة إلى الله عز وجل ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد قال الله تعالى: ( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ) وقال عز من قائل: ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً ) فجعل الله القتال والتحريض سبباً في كف بأس الذين كفروا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:- والعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء بعد الإيمان أوجب من دفعه.
|