وكانت جماعة من الصحابة في غزوة من الغزوات وفيهم أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه حب رسول الله وابن حبه، فحصلت المعركة بينهم وبين المشركين وهرب رجل من المشركين فلحق به أسامة ورجل من الأنصار ـ يريدون قتله
ولما أدركوه قال: لا إله إلا الله.
فلما قال: لا إله إلا الله كف عنه الأنصاري
لكن أسامة رضي الله عنه ظن أنه ما قالها إلا ليتقي بها القتل فقتله ظناً منه أنه إنما قالها ليتقي بها السيف ولم يقلها صادقاً
فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له عليه الصلاة والسلام: ( أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ ) ثم رد عليه: ( أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟) ثم رد عليه الثالثة: ( أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ )
قال أسامة رضي الله عنه: إنما قالها ليعوذ بها من السيف
قال: هلا شققت عن قلبه حتى تعلم أنه قالها تعوذاً ؟ ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟
قال أسامة رضي الله عنه: فتمنيت أني لم أُسْلِم قبل ذلك ) رواه البخاري.
وذلك من شدة ما رآى من إنكار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليه، فدل على وجوب التثبت في الأمور وعدم التسرع في الحكم على الناس. لا بد أن يكون الحكم عن علم ولا بد أن يحصل التثبت في حال الشخص، فمن أظهر الإسلام ونطق بالشهادتين وجب الكف عنه كما تدل عليه هذه القصة العظيمة حتى يحصل منه ما يناقض الإسلام، كأن يشرك بالله أو يدعو غير الله أو يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المعروفة عند أهل العلم فحينئذ يحكم عليه بالردة.
وما دام لم يظهر منه شيء يخالف الإسلام فإنه يُحسن به الظن ويُحكم بإسلامه ولو حصل منه بعض المخالفات التي هي دون الشرك ودون الكفر كما لو حصل منه ذنب أو معصية فإنه لا يحكم بكفره حتى يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المعروفة عند أهل العلم ولا يكون له عذر، فقد يكون جاهلاً، وقد يكون حديث عهد بإسلام، ولم يعرف أن هذا الشيء كفر.
.. يتبع ..