عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 22-03-2006, 09:21 PM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي



"إن ملكك وملك آبائك لا يساوي عندي فلساً" !! هكذا كانت نظرة ابن تيمية للدنيا ، وهكذا كان يُخاطب ابن تيمة الملوك !! وبهذا ساد ابن تيمية أقرانه وعظم في عين العامة والخاصة في زمانه فلم يستطع أحد تقييده لأنه كان يحيى حياته بروحه لا بجسده ..

إنها عقيدة حيّة متجددة ينتقل روحها من جسد إلى جسد ومن عقل إلى عقل بقدرة الله وتدبيره وحكمته .. نفوس تتسابق إلى الموت لأنه أقصر طريق للحياة الأبدية :

"فلقد اشتد القتال ، وحزب الأمر ، وغص المكر بالرجال ، وتسابق القوم عشاق الحور إلى الميدان ، فإذا أشرت لهم بالمنع تحدرت العبرات كالجمان ، وكأن أحدهم عاشق ولهان ، أو واجم هيمان ، إن نفسه قد تعلقت بأخيه الذي سبقه ولسان حاله يردد :

وكنا كندماني جذامة برهة .... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأنـي ومالكا .... لطول اجتماع لـم نبت ليلة معا

كبيرهم وصغيرهم ، ثقيلهم وخفيفهم ، الكل مقبل على المعركة نحاول أن نردهم عن الموت وكأننا نحاول أن نرد ليوثا عن فريستها ، وعبثا نحاول ولولا الخوف من عصيان الأمر لانكبوا على الردى انكباب الأكلة على قصعتها، وأسامة بن لادن يشدها إلى الوراء كأنما يسحب الخيل العطاش بلجمها يمنعها من الماء ..." (من كلام الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في وصف صورة من معركة من المعارك في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت) ..

لعل في هذه الكلمات بيان وتوضيح لمن جهل شأن أهل الإيمان .. ولعل من يقرأ هذه الكلمات يعقل بأن محاربة أناس هذا شأنهم ضرب من الهذيان ، ومحاولة تخويفهم بالمنون ضرب من الجنون ..

هناك ثلاثة طرق يستعلمهما أعداء الإسلام مع المسلمين :

الأول : طريق الترغيب في الدنيا وملذّاتها.
الثاني : طريق الترهيب من الموت وأهواله.
الثالث: طريق الشبهات .

أما الأول : فليس بمجدي مع أُناس يرون هذه الدنيا بمنظور قرآني يقول لهم " ... مَّثَلَ الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ..." (الكهف : 45) ..
وما الملذّات التي يخاطَب بها المؤمن !! آالنساء !! فما نساء الدنيا مقارنة بالحور اللاتي إذا أسفرت إحداهن عن وجهها غطى نور وجهها ما بين السماء والأرض ، وللمجاهد منهنّ سبعين !!
آالأموال !! وما هي أمام قول النبي صلى الله عليه وسلم "لَقَابُ قوسٍ في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس أو تغرب" (متفق عليه) ..
آالمناصب : فقد استقرأنا قيمتها من كلام ابن تيمية ..

أما الطريق الثاني ، طريق الترهيب: فقد أسهبنا الكلام عنه ، ونقول هنا : كيف تخيف أُناس بالموت وهم يطلبونه في مظانه وكأنه كنز ثمين!! عبثاً تحاولون إخافتهم بالقنابل والقاذفات والطائرت ، كيف يخاف من هذه الآلات من يرى حقيقة حياته في الممات !!

وأما الشبهات : فإن من حمل روحه على كتفه وباع نفسه لربه يعصمه الله من كيد الكائدين ومكر الماكرين ، قال تعالى " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " (العنكبوت : 69) ، قال السعدي رحمه الله " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا " وهم الذين هاجروا في سبيل اللّه, وجاهدوا أعداءهم ، وبذلوا مجهودهم في اتباع مرضاته. " لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا " أي: الطرق الموصلة إلينا، وذلك، لأنهم محسنون. " وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " بالعون والنصر، والهداية. دل هذا على أن أحرى الناس بموافقة الصواب: أهل الجهاد .... " (انتهى) ..

وجاء في الحديث "لا تزال طائفة من أمته يقاتلون على الحق لا يضرّهم من خذلهم ، ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة" (البخاري) ، فلا يضر المجاهدين : المخذّلون والمرجفون والمخالفون لأن الله يحفظ المجاهدين ويلهمهم الرشد والصواب ، فهم يعلمون أنهم على صواب ، ولا يثنيهم قول قائل ولا تلبيس ملبّس عن طريقهم الذي استيقنوه ..

فلا ينفع مع المجاهدين الترغيب: لأنهم رغبوا عن الدنيا بالآخرة ،
ولا الترهيب: لأنهم يطلبون الموت في مظانه ،
ولا الشبهات: لأن الله تكفّل بهدايتهم إلى الطريق المستقيم ..

هذا هو المسلم المجاهد يا معاشر الكفار والمنافقين .. وليس لكم مع هؤلاء حيلة إلا التسليم ، أو ما تُلاقون على أيديهم من خزي وتعذيب أمَرَهم بفعله القريب المُجيب " قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ " (التوبة : 14) ..

هم بين جنتين " قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ..." النصر أو الشهادة ..
وأنتم بين نارين " وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ " (التوبة : 52) ..


يا معاشر الكفار والمنافقين :

ليس عاراً أن يُهزم الإنسان من قبل عدو هذا شأنه .. ليس عاراً أن يفرّ الإنسان من عدو يرى الموت نصراً والحياة حرباً .. ليس من العار أن تفر أمركيا من أفغانستان .. وليس عاراً على المنافقين أن يداهنوا هؤلاء الفرسان ، وإنما الإصرار على قتال أمثال هؤلاء يدل على البلاهة وقلة العقل والخسران ، فالفهم الفهم ، فوالذي نفسي بيده : لا يرى أحد وجه هؤلاء ويرى النصر ..

إن من حاربتم لأكثر من ثلاثة قرون مضت هم أبناء القوميات والعرقيات من عرب وعجم ، وها قد أتاكم أحفاذ العقيدة وأبناء فاتحي الدنيا الذين يرون الموت راحة والحياة جهاد ، فالنجاة النجاة ..



كتبه:
حسين بن محمود
16 ربيع الأول 1424 هـ