لقد كانت أفلام المجاهدين التي تعرضها قناة الجزيرة بين الحينة و الأخرى تذكر جعفر بما يجري هناك , و كان يبدي لها إهتماما متزايدا , حتى ذهب مرة يبحث عنها في الشبكة العنكبونية , بعد أن أصابته حالة تشبه " الإدمان النفسي " عليها ..
دخل جعفر الإنترنت , و كتب كلمة " أفلام جهادية " في صندوق البحث لقوقل , لتخرج أمامه عشرات الأفلام الجهادية من أرض الرافدين ,
لقد كان جعفر يجد فيها إشباعا لحب غير واقعي أو تقليدي بالنسبة لمجتمع " العاديين " ,
وفي إحدى المرات , قاده محرك قوقل لموقع منتدى الأنصار , ولم يتمكن من تحميل الفلم الذي أراده لأن المنتدى يشترط الإشتراك أولا ...
سارع جعفر للمشاركة , ولكنه تحير كثيرا في إختيار المعرف , فهو غير معتاد على الإشتراك في المنتديات الجهادية , و كل معرفاته التي يستخدمها تليق بالمنتديات " العادية" التي يشارك فيها ولا تليق بعضو في منتدى الانصار الذي كان يسمع باسمه من قناة
الجزيرة كمصدر لبعض أفلام المجاهدين , قرر جعفر أن يختار اسم " خذوني للجهاد " ليكون معرفه في منتدى الأنصار ,
لم يدر جعفر أن الفلم الذي اراد أن يحمله هذه المرة هو فلم " أسد الثغور" لجماعة التوحيد و الجهاد , وأن مدة الفلم هي 50 دقيقة , فقرر مشاهدة الفلم في اليوم التالي... و غادر إلى فراشه ,
في اليوم التالي وبعد أن عاد من جامعته , حيث يدرس علم الهندسة الميكانكية في السنة الثالثة , تناول غداءه و تمدد ليشاهد فلم أبي أنس الشامي " أسد الثغور" عبر شاشة الحاسوب ,
لكنه سرعان ما استوى و اعتدل في جلسته بعد أن سمع صوت الشيخ أسامة بن لادن رضي الله عنه , يردد قوله صلى الله عليه وسلم :
قيام ساعة في الصف خير من عبادة ستين سنة ,
, لم يكن الفلم عاديا أبدا ,بالنسبة لشخص عادي..
مجاهدين عظام .. عمر حديد , أبو عزام ,و أبو أنس الشامي , يتحدثون عن يوميات الجهاد في سبيل الله ,
تأثر جعفر حين رأى ابن مدينته , الشيخ أبا أنس الشامي و هو يروي حديث عمير بن الحمام الأنصاري حين قال: يا رسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخ بخ. فقال رسول الله : ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟ قال: لا والله
يا رسول الله إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال: فإنك من أهلها.. فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه. إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل..
يكاد يكون هذا الحديث الوحيد الذي روي عن عمير بن الحمام رضي الله عنه , لكنه كان كافيا ليدفع أبا أنس الشامي ليغزو حصن أبي غريب , حيث هتك عرض المسلمات , و ذاق المستضعفين ألوان العذاب ,
تزلزل جعفر بما رأى ,
و كأن عهد الصحابة الأوائل قد عاد على يد فتية التوحيد و الجهاد , فهناك يرمي عمير بن الحمام التمرات و هنا يرميها أبو أنس الشامي رحمه الله , فمضى أبو أنس إلى حيث مضى عميربن الحمام الانصاري ,
لقد كانت دموع جعفر تنهمل دون تكلف أو توقف ,
" نعم..
نعم...
هذه هي ضالتي ...
هذا ما ابحث عنه ,
هذه هي جنة الجهاد التي أدخلها في الأرض قبل أن أنال جزاءها في السماء "
مازالت دموع جعفر تخدد خديه , و قلبه يشهد هزات إرتدادية , حين كان يشاهد الفلم للمرة الثانية دون ملل أو كلل ...
لقد كان صوت أبي مصعب الزرقاوي وهو يقول "ما بالكم يا أمة الإسلام يبلغ أحدكم الثلاثين من عمره .. أو الأربعين أو الخمسين , لا يكلف نفسه رباط ليلة في سبيل الله " يستفز قلبه قبل عيناه , و يثير أوجاعا و اشجانا و أهدابا ..
ذهب جعفر و اغتسل و استغفر ربه , و صلى لله ركعتي توبة عن معاصيه , و عاهد الله على الجهاد في سبيل الله ,
لقد كانت ألذ ركعتين صلاها جعفر في حياته ... وكانت سجدته أطول سجدة سجدها , لقد كان يومه يوم ميلاد جديد , و إشراقة صبح عيد ...
أكمل جعفر صلوات اليوم في المسجد خلف الشيخ " أبي محمود" , و قبل وقت الفجر , استيقظ ليصلي قيام الليل , ثم توسط السطر الأول في المسجد , و صلى صلاة الفجر كصلاة مودع , و عاد إلى منزله يقرأ القرآن , و في الصباح الباكر ,خرج من منزله ليستقل حافلة توصله إلى جامعته ,
يتبع..........
|