عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 01-04-2006, 01:38 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
Lightbulb ماذا تعرف عن الأغوات ؟

لم يتبق في المدينة المنورة سوى عشرة فقط اصغرهم في الستين من العمر.. هم «الأغوات» الذين تلحظهم يتجولون ليلاً ونهاراً في ارجاء المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف الذي نذروا انفسهم لخدمته.. ويظلون «لغزاً» يتطلع الكثيرون لسبر أغواره..
اكتسب الاغوات من المسجد النبوي واجوائه الروحانية وقارا وحكمة في هدوء لافت.. فهم لا يتكلمون كثيراً تأدباً في حضرة المكان.. وعلى «دكة الأغوات» التي تقع في جانب من الحرم تراهم يجلسون جلوساً «متأهباً» مرتدين عمائمهم البيضاء وشالاتهم الملونة وأحزمة تلتف حول خصورهم واضعين انفسهم رهن الاشارة اذا ما احتاج الأمر الى تقديم خدماتهم داخل المسجد النبوي.
تاريخ الأغوات
يقال ان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان أول من استخدمهم لخدمة الكعبة الشريفة فيما ذهبت بعض الآراء الى ان ابنه يزيد هو أول من استخدمهم.. وارجعت روايات اخرى تاريخهم الى أبي جعفر المنصور -الخليفة العباسي.
وتشير روايات اخرى الى ان ظاهرة «الأغوات» عرفت لدى عدد من القبائل الحبشية التي كانت تخصي ابناءها وتقدمها هدية للحرمين الشريفين لخدمتهما واصبح البحث عن الأغوات يتم عن طريق العاملين في الحرمين الشريفين فعندما يسافرون الى الحبشة يكلفون بالبحث عن أناس تنطبق عليهم مواصفات «الأغا».. وعند حصولهم على «مخصي» يخبرون به شيخ الأغوات ليقوم بعد ذلك بالرفع عنه حتى يتم اعتماده رسمياً للعمل في أي من الحرمين الشريفين في مجالات التنظيف والترتيب وتفريق النساء عن الرجال، وفي الحرم النبوي يقومون بتصريف النساء عند اغلاقه.
شيخ «الأغوات»
رغم توافق مواصفات «الأغوات» الا ان اعمالهم تختلف من شخص لآخر. فلهم رئيس يسمى بشيخ «الأغوات» ويأتي بعده (نقيب الأغوات) وهو الذي يخلف شيخ الأغوات بعد موته ثم يأتي بعد ذلك (أمين الأغوات) ويليه مباشرة (مشدي الأغوات) ومن ثم (الخبزي) ومن بعده يأتي (نصف خبزي) ثم (شيخ بطال) بعد ذلك يأتي (ولد عمل) ليأتي أخيراً (المتفرقة)، وهو آخر مرتبة لسلم الأغوات، والخمسة الأوائل يسمون (خبزية) وهم المشرفون الذين يتولون الاشراف على توزيع عمل الأغوات، واقدم الأغوات يعين شيخاً عليهم وهو المسؤول عن أوقاتهم وسير عملهم في الحرم وبعد موت الشيخ يصبح النقيب شيخاً والأمين نقيباً، وينوب النقيب عن الشيخ في حالة غيابه ويأمر كما يأمر الشيخ والناظر.. واما الوكيل الشرعي فلا ينوب عنه وانما يساعد الشيخ والناظر و(مشدي الأغوات) هو الاغا المشرف على أوقافهم الى جانب الوكيل والأمين يأتي من بعد (الخبزي) والخبزية يضعون على رؤوسهم (شوشة) وهي عبارة عن شاش معمول من القصب يوضع على الرأس. وبذلك يكون الأغا الذي لا يضع الشوشة على رأسه من صغار الأغوات اما نصف الخبزي فلا يضع شوشة على رأسه واذا مات الذي قبله يُرقى الأغا الى خبزي ويضع الشوشة على رأسه. واما (شيخ بطال) فيصبح نصف خبزي اذا رُقي الذي قبله ويوزع العمل بين هؤلاء ويخبر الشيخ بالذي لا ينفذ أمره ليتولى معاقبته.. واما (ولد العمل) فهو الذي ينام في الحرم طوال اليوم وبعد انقضاء سبع سنوات على هذا الحال يُرقى الى (شيخ بطال).. ليتولى «المتفرقة» مكانه ويصبح «ولد عمل».. والمتفرقة قبل الآغا الذي دخل من أولاد العمل بسنتين حيث ينظم الجديد للمتفرقة. فالمتفرقة هم أصلاً أولاد العمل ويسمونهم المتفرقة.
وعن تسميتهم بهذه التسمية يُقال ان هذه الكلمة (فارسية) وتطلق على الشيخ أو السيد أو الرجل الكبير أو رئيس الخدم.
ولعل هذه الكلمة اطلقت عليهم لجميع هذه الأسباب كونهم وخداماً وشيوخاً كباراً، وفي المدينة المنورة عرفوا بهذا المسمى وقد نقلوها عن الأتراك.
وتعني هذه الكلمة في المدينة بالخصيان الذين يقومون بخدمة الحرم النبوي الشريف. حتى اصبحت هذه الكلمة خاصة بهم، وبرغم قلتهم الا انهم معروفون في المدينة المنورة، ومنهم متزوجون بأكثر من زوجة، وقد تقلص عددهم لان القائمين على الحرم، اعتبروا ان هذا الاجراء قد توقف لكي لا يشجعوا الناس على إخصاء ابنائهم فهي عادة تعارض حقوق الانسان. وبسبب اغلاق المسجد النبوي ليلاً اصبحت لهم حارة تعرف باسمهم وهي التي يقطنون فيها بعد اغلاق المسجد.
وعرف الاغوات باعمال الخير ومنهم من عرف بالعلم والتفقه في الدين، وكان من بين (أغوات) المدينة المنورة من اشتهر بعمل الخيرات ومساعدة المحتاجين من الناس فمنهم من بنى المساجد والأربطة والمدارس في المدينة ويبقى مسجد (الآغا) في حي قباء خير شاهد على ذلك ولا يزال المسجد موجوداً كما أوقف رباط على الفقراء لا يزال يحمل اسم الأغوات. ويعرفون بغناهم المادي لكنهم لا يورثون ولا يحق لهم هبة أموالهم أو التصرف بها، وبموتهم تنتقل ممتلكاتهم الى الأوقاف. ولانسل لهم ولا أولاد وتنقطع سلالتهم بموتهم ورحيلهم عن الدنيا، والسبب ان أهاليهم قدموهم هدية للحرمين بعد خصيهم.
يحق لهم الزواج
يحق للآغا الزواج، ولكن زواجه ليس للمتعة ولكن من أجل ان يجد امرأة ترعاه اذا مرض أو كبر في السن وترعى شؤون حياته.
وغالبيتهم يتزوجون من الخارج ويحضرها معه للمملكة ويرعاها مع أولادها ويقوم بتربيتهم.
حارة الأغوات
تعتبر حارة (الأغوات) من اشهر الحارات في المدينة المنورة حيث يبدأ زقاق الحارة من امام باب جبريل من الناحية الشرقية للمسجد النبوي ويتجه شرقاً الى باب الجمعة في السور العثماني والذي كان يفضي الى البقيع و قد كانت بيوت حارة الأغوات بشكل عام قديمة جداً مبنية من الطين والطوب وهي على ارتفاع دورين وثلاثة أدوار، تحتوي على العديد من الأزقة منها: زقاق اللبان وزقاق الحبسي وزقاق سيدنا اسماعيل وزقاق مظهر وزقاق الخشب. كما كان يوجد فيها العديد من الأربطة كرباط مظهر ورباط البقر ورباط البدوي ورباط العرجة ورباط حواء ورباط المارداني ورباط خير الله، ورباط العشره (للعزاب فقط)، ورباط العشرة للعازبات فقط. وقد كثرت الأربطة فيها لأن غالبيتهم كانوا من الأغوات وأموال الآغا تتحول بعد موته الى وقف وأربطة، كما كان في حارة الأغوات بئر ماء تسمى عين الحارة وترجع تسميتها بهذا الاسم لأن أغلب الأغوات يسكنون بها لقربها من المسجد النبوي وهو ما يفسر ازدحام الأربطة والمدارس في هذه الحارة.
__________________
معين بن محمد