
05-04-2006, 08:39 AM
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
|
|
الرد على من كابر وعاند
إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة قناص بغداد
|
هذه أم المسائل التي يبني عليها خوارج العصر ، فسلفهم قال " لا حكم إلا لله " أرادوا أن يبطلوا حكم العبد ولو لم يخالف حكم الله فرد عليهم علي رضي الله عنه بقوله " كلمة حق أريد بها باطل " ، قال شيخ الإسلام في وصف الخوارج الأولين (مجموع الفتاوى 13/208) " قالوا إن عثمان وعلياً ومن والاهما قد حكموا بغير ما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فكفروا المسلمين بهذا وبغيره " ، وفي هذا العصر قالوا بكفر من حكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق فلما تنبهوا أن مذهبهم هذا يلتقي مع مذهب الخوارج الأولين ، حصروا الحكم في القضاء .
والصحيح أن من عصى الله فقد حكم بغير ما أنزل الله فيلزم من كفر الحاكم بغير ما أنزل الله في القضاء بدون قيد أو شرط أن يكفر مرتكب الكبيرة بدون استحلال وهذا مذهب غلاة الخوارج ، وقد سبق الرد عليهم .
فالمعصية حكم بغير ما أنزل الله ، كما أن البدعة حكم بغير ما أنزل الله ، كما قال الامام الشاطبي رحمه الله تعالى في الاعتصام والإمام ابن حزم رحمه الله في الفصل فمن كفَّر بالحكم بغير ما أنزل الله مطلقاً لزمه التكفير بالبدعة ومعاصي الشهوات التي هي دون الكفر بالاتفاق وخوارج العصر على صنفين : صنف التزم بهذا وكفر بجميع الذنوب وقد سبق الرد عليهم ، وصنف راوغ وأوّل ، ومهما يكن فهذا لازم مذهبه شاء أم أبى ، ولولا أن لازم المذهب ليس بلازم اعتقاداً لألحقناه بالصنف الأول ، أولاً) قوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " ، المقصود بالكفر هنا الكفر الأصغر كما ذهب إلى ذلك ابن عباس وطاوس ومجاهد وأحمد وجمع من السلف وليس لهم مخالف عند التحقيق ، كما سيأتي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (3/268) في تفسير قوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " (المائدة 44): " أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " أ.هـ
وفي مجموع الفتاوى (7/329) ذكر شيخ الإسلام : عن الشالنجى إسماعيل بن سعيد أنه سأل أحمد بن حنبل عن قوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال : فقلت له ما هذا الكفر فقال "كفر لا ينقل عن الملَّة مثل الإيمان بعضه دون بعض وكذلك الكفر حتى يجئ من ذلك أمر لا يختلف فيه ".
قال ابن عبد البر كما في التمهيد (5/74) في صدد الكلام على الكبائر" وأجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمد ذلك عالماً به رويت في ذلك آثار شديدة عن السلف وقال الله عز وجل ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) و ( الظالمون ) و ( الفاسقون ) نزلت في أهل الكتاب ، قال حذيفة و ابن عباس : وهي عامة فينا ، قالوا ليس بكفر ينقل عن الملة إذا فعل ذلك رجل من أهل هذه الأمة حتى يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر " .
فهذا إجماع أهل العلم على أن الحكم بغير ما أنزل الله من الكبائر[95] ، والمتأمل في كلام السلف في هذه المسألة لا يجد ما يخالف هذا الاجماع بل قد صرح جمع من المفسرين ، بأنه لم يخالف في ذلك إلا الخوارج .
وابن القيم رحمه الله بعد أن عرض أقوال الناس في هذه المسألة قال " والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم " .
قلت : وهذا مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة بل في جميع الكبائر ، واشتراط الاستحلال في الكفر الأصغر يمضي على جادة طريقة أهل السنة والجماعة ، فتنبه [96].
وبهذا تعلم أن ما أثر في هذه المسألة من أقوال للسلف فإن مرده إلى قول واحد وإنما الاختلاف حسب حال الحاكم .
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين ( 1 / 336):
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " المائده 44
1- قال ابن عباس ليس بكفر ينقل عن الملة بل إذا فعله فهو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وكذلك قال طاووس وقال عطاء هو كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق .
2- ومنهم من تأول الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحداً له وهو قول عكرمة وهو تأويل مرجوح فإن نفس جحوده كفر سواء حكم أو لم يحكم .
3- ومنهم من تأولها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله قال ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام وهذا تأويل عبد العزيز الكناني وهو أيضاً بعيد إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه .
4- ومنهم من تأولها على الحكم بمخالفة النص تعمداً من غير جهل به ولا خطأ في التأويل حكاه البغوي عن العلماء عموماً .
5- ومنهم من تأولها على أهل الكتاب وهو قول قتادة والضحاك وغيرهما وهو بعيد وهو خلاف ظاهر اللفظ فلا يصار إليه .
6- ومنهم من جعله كفراً ينقل عن الملة .
والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم…" ا.هـ
فالأقوال السابقة كما ترى لا تنافي القول بأن الحكم بغير ما أنزل الله كفر أصغر وقد يكون كفراً أكبر بحسب حال الحاكم مثله مثل باقي الكبائر ، ومثله قول شيخ الإسلام (مجموع الفتاوى 3/267) " والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء وفي مثل هذا نزل قوله - على أحد القولين [97] – (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله " فهذا المذكور في كلامه أحدهما والآخر أنه كفر دون كفر وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما [98] .
وأما جعل الحكم بغير ما أنزل الله من الكفر الأكبر مطلقاً فهو قول الخوارج يدل على ذلك سبب نزول الآية فقد جاء عند مسلم [99] مايبين حال من نزلت فيهم الذين قالوا " ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) " :
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا فَدَعَاهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَالَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ قَالَ لَا وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ نَجِدُهُ الرَّجْمَ وَلَكِنَّهُ كَثُرَ فِي أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ قُلْنَا تَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شَيْءٍ نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالْجَلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِلَى قَوْلِهِ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالْجَلْدِ فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ فِي الْكُفَّارِ كُلُّهَا .
فتأمل قولهم " نَعَمْ " وقول الحبر " وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ " فقد جعلوه عند أتباعهم ديناً كباقي الشرائع المنصوص عليها في كتابهم ، وبهذا النص وغيره تفهم معنى التبديل الذي أراده العلماء ويظهر لك ضابط الحكم بالخروج من الملة لمن حكم بغير ما أنزل الله .
قال الإمام إسماعيل بن اسحاق القاضي " فمن فعل مثل ما فعلوا ( أي اليهود ) واقترح حكماً يخالف به حكم الله وجعله ديناً يعمل به فقد لزمه مثل ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكماً كان أو غيره " [100].
وأما ما جاء في سنن النسائي عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ : " الْقَاضِي إِذَا أَكَلَ الْهَدِيَّةَ فَقَدْ أَكَلَ السُّحْتَ وَإِذَا قَبِلَ الرِّشْوَةَ بَلَغَتْ بِهِ الْكُفْرَ".
وفي سنن الدارمي عَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ وَيَقُولُونَ هُوَ الْكُفْرُ *
فالمقصود بالكفر هنا أي الأصغر أو أنها تؤدي إلى الكفر الأكبر ، وعلى هذا يحمل الأثر السابق عن مسروق ، وما جاء في معناه كالذي أخرجه ابن جرير عن ابن مسعود أنه سئل عن الرشوة " قال هي سحت فقيل له الرشوة في الحكم قال ذاك الكفر " .
وكثيراً ما رأينا خوارج العصر يدندنون حول هذا الأثر لورود لفظ الكفر فيه ومع أنهم يقرون بأن لفظ الكفر قد يأتي في كلام الشارع بمعنى الكفر الأصغر إلا أنهم هنا يأبون ، وهذا شيخ الإسلام عندما ذكر أثر ابن مسعود فهم منه أنه قصد الأصغر ، قال شيخ الإسلام ( مجموع الفتاوى 31/286) " وسئل ابن مسعود عن السحت فقال هو أن تشفع لأخيك شفاعة فيهدى لك هدية فتقبلها فقال له أرأيت إن كانت هدية فى باطل فقال ذلك كفر (ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الكافرون) ولهذا قال العلماء إن من أهدى هدية لولى أمر ليفعل معه ما لا يجوز كان حراماً على المهدى والمهدى إليه وهذه من الرشوة التى قال فيها النبى لعن الله الراشى والمرتشى والرشوة "
وبهذا يظهر خطأ من عدَّ هذا قولاً آخر للسلف في تفسير الكفر المذكور في الآية ، وإنما هو من باب التغليظ ، و إلا نكون قد نسبنا إلى هذا الصحابي الجليل القول بكفر من حكم بغير ما أنزل الله في الواقعة المعينة ، ونكون قد خالفنا الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر ، وليس في هذا الأثر اشكال إذا عرفنا مذهب أهل السنة في نصوص الوعيد وأن الخوارج خالفوهم فعظموا الوعيد وبنوا على الاطلاقات كما سبق تفصيل ذلك .
ثانياً) تخريج أثر ابن عباس في تفسير آية الحكم .
فقد جاء من طريق سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس قال " إنه ليس الكفر الذي يذهبون إليه ( أي الخوارج ) إنه ليس كفراً ينقل عن الملة ، كفر دون كفر "
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين كما قال شيخنا الألباني (انظر السلسلة الصحيحة 6/113)
وهشام بن حجير وإن كان قد ضُعف إلا أنه من رجال الصحيحين وقد وثقه ابن حبان والعجلي وابن سعد والذهبي وكفى بتوثيق ابن حبان فإنه إمام في هذا الشأن وقد يظن بعضهم أن ابن حبان لا يعتمد على توثيقة لأنه رمي بالتساهل والصحيح أن ابن حبان أخذ عليه تساهله في توثيق المجاهيل فتنبه ، وفي المسألة تفصيل ليس هذا محله وإلا فهو من الأئمة المتقدمين المعتمد كلامهم في هذا الشأن .
وقد روى الطبري بإسناد صحيح عن سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس " هي به كفر - وليس كفراً بالله وملائكته وكتبه ورسله " وقد جاءت الزيادة الأخيرة من كلام طاوس رواها عبد الرزاق عن معمر به .
ولا يعد هذا اختلافاً فقد رواها معمر مرة من كلام ابن عباس ومرة من كلام طاوس وطاوس تلميذ ابن عباس ولو لم تثبت إلا عن طاوس لكفى ، ويؤيد هذا أنها جاءت أيضاً من طريق عبد الرزاق عن ابن عباس قال شيخ الإسلام (7/327) " حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبدالرزاق عن سفيان عن رجل عن طاووس عن ابن عباس قال كفر لا ينقل عن الملة " ولو أعللنا رواية سفيان برواية عبد الرزاق لم يبق لنا حديث سالم من العلة إلا القليل فلا تلتفت إلى كلام بعض المتعالمين من الطاعنين في السنة باسم منهج المتقدمين ومنهج المتقدمين منهم براء ، ( راجع كتاب النصيحة لشيخنا الإمام الألباني رحمه الله ) .
ثالثاً) .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
|