ابن تيمية عابداً
لا خير في العلم إذا لم يورث عالماً عابداً صالحاً مصلحاً , ولا اثر لمعرفة الإنسان إذا لم ترشح على تصرفاته أخلاقا وسلوكاً , وكان ابن تيمية في جانب العبادة من الصالحين الكبار , عمل بعلمه _ رحمه الله _ في عباداته الخاصة , فكانت صلاته طويلةً طويلة , مخبتا في ركوعه وسجوده , كثير الذكر حتى انه لا يفتر لسانه , وربما استغفر ألف مرة أو أكثر , وكان يردد دائما لا حول ولا قوة إلا بالله , وكان كثير الابتهال والتضرع , كثير الدعاء والبكاء كثير المسالة و الإنابة , كثير التوبة , وكان يرى أن زاده هو الذكر , وأن قوته هو التسبيح , وكان يجلس بعد صلاة الفجر إلى أن يتعالى النهار وهو يردد الفاتحة , ويمضي الليل الطويل ما بين الركوع و السجود والقنوت و البكاء و التضرع , وكانت تلوح عليه أنوار الطاعة , وإذا خرج على الأسواق ورآه الناس كبروا و هللوا , ومن رآه ذكر الله عز وجل ورأى فيه القدوة المثلى والأسوة الحسنة , وكان إذا قرأ القرآن قرأه بصوت خاشع مبكٍ حزين , وكان له تأملات في كتاب الله عز وجل , وله تدبر , وكان كثير الصدقات , كثير الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , كثير الإصلاح بين الناس , كثير التواضع , جم الأخلاق , عفيفاً منيباً صادقاً ..