ثانياً: أقوال العلماء في سيد قطب:
1/ فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
قال سيد قطب ـ عفا الله عنه ـ في "ظلال القرآن " في قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى) : " أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق ".
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن بازـ رحمه الله ـ : " هذا كله كلام فاسدٌ، هذا معناه الهيمنة، ما أثبت الاستواء : معناه إنكار الاستواء المعروف، وهو العلو على العرش، وهذا باطلٌ يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير " .
ولما قال لسماحته أحد الحاضرين بأن البعض يوصي بقراءة هذا الكتاب دائماً، قال سماحة الشيخ ابن باز :" الذي يقوله غلط ـ لا .. غلط ـ الذي يقوله غلط سوف نكتب عليه إن شاء الله".
المرجع : (درس لسماحته في منزله بالرياض سنة 1413 ـ تسجيلات منهاج السنة بالرياض).
2/ فتوى الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله:
قال العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ في سياق مناقشة لشخص: " أنا قلت يوماً ما بالنسبة لسيد قطب. تسمع بالشيخ عبد الله عزام ؟
قال السائل : نعم.
قال الشيخ: " جزاك الله خيراً، عبد الله عزام كان هنا من الإخوان المسلمين، ومنذ قريب سبع سنين أو ثمان سنين الإخوان المسلمون اتخذوا قراراً بمقاطعة الألباني؛ مقاطعة دروسه ومقاطعة كل من ينتمي إلى دعوته علماً أن عبد الله عزام كان هو الرجل الوحيد من بين الإخوان المسلمين الذي لا يكاد يسمع أن الشيخ الألباني عنده جلسة في دار كذا إلا يكون هو من أول الحضور ومعه دفتر (هيك) صغير وقلم (هيك) صغير جداً يكتب فيه خلاصات.
هذا الرجل الودود حقاً لما صدر قرار مقاطعة الألباني ما عاد حضر عند الألباني إطلاقاً. لقيته في "مسجد صهيب" ونحن خارجون من الصلاة، سلمت عليه بطبيعة الحال وسلَّم هو على استحياء لأنه لا يريد أن يخالف القرار، قلت له : أيش هذا يا شيخ، هكذا الإسلام يأمركم؟
قال ـ أي عبد الله عزام ـ : سحابة صيف عما قريب تنقشع " .
عاود الشيخ فقال: " راحت أيام وجاءت أيام كان جاء زارني على البيت ما وجدني، الخلاصة قام بتتبع الأخبار عرف أني أنا عند نظام لما كان بيته تحت في البلد، طرق الباب دخل، أهلاً وسهلاً، قال : أنا جئت البيت ما وجدتك وأنا كما تعلم حريص على الاستفادة من علمك من هذا الكلام، قلت له : أنا هكذا أعرف، لكن أيش معنا المقاطعة هذه؟ قال: أنت كفَرتَ سيد قطب ـ وهذا الشاهد ـ. قلت له : أيش كفَّرت ؟ قال: أنت بتقول إنه هو يقرر عقيدة وحدة الوجود في تفسير أولاً: "سورة الحديد" ـ أظن ـ، وثانياً : "بقل هو الله أحد". قلت: نعم، نقل كلام الصوفية ولا يمكن أن يفهم منه إلا أنه يقول بوحدة الوجود، لكن نحن من قاعدتنا ـ وأنت من أعرف الناس بذلك لأنك تتابع جلساتي ـ لا نكفر إنساناً ولو وقع في الكفر إلا بعد إقامة الحجة، فكيف أنتم تعلنون المقاطعة هذه وأنا موجود بين ظهرانيكم أنت إذا ما جئت تبعثوا شخص يتحقق من أنه صحيح أنا أكفر سيد قطب.
كان معه يومئذٍ لما جاء لنظام أخونا علي السطري، قلت له : سيد قطب هكذا يقول في سورة كذا. قام فتح في مكان آخر فيه بأن الرجل يؤمن بالله ورسوله والتوحيد …إلخ، قلنا له: يا أخي نحن ما أنكرنا هذا الحق الذي يقوله، لكننا أنكرنا هذا الباطل الذي قاله.
ورغم هذه الجلسة فيما بعد راح نشر مقالتين أو ثلاثة بصورة متتابعة في "مجلة المجتمع" في الكويت بعنوان ضخم: الشيخ الألباني يكفر سيد قطب، والقصة طويلة جداً لكن الشاهد فيها أين؟ أننا نحن نقول (هيك) ونقول (هيك) فالذي يأخذ إن سيد قطب كفره الألباني مثل الذي يأخذ إنه والله الشيخ الألباني أثنى على سيد قطب في مكان معين، هؤلاء أهل أهواء ، يا أخي! هؤلاء لا سبيل لنا أن نقف في طريقهم إلا أن ندعـو الله لهـم فقط، " أفأنتَ تُكْرهُ الناس حتى يكونوا مؤمنين".
المرجع: (شريط للشيخ بعنوان مفاهيم يجب أن تصحح).
3/ فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
قال السائل : ما هو قول سماحتكم في رجل ينصحُ الشباب السُّنِّيّ بقراءة كتب سيد قطب، ويخص منها : (في ظلال القرآن) و (معالم على الطريق) و (لماذا أعدموني) دون أن ينبه على الأخطاء والضلالات الموجودة في هذه الكتب ؟
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ : " أنا [قولي] ـ بارك الله فيك ـ أن من كان ناصحاً لله ورسوله ولإخوانه المسلمين أن يحث الناس على قراءة كتب الأقدمين في التفسير وغير التفسير فهي أبرك وأنفع وأحسن من كتب المتأخرين، أما تفسير سيد قطب ـ رحمه الله ـ ففيه طوام ـ لكن نرجو الله أن يعفو عنه ـ فيه طوام: كتفسيره للاستواء، وتفسيره سورة " قل هو الله أحد "، وكذلك وصفه لبعض الرسل بما لا ينبغي أن يصفه به".
المرجع: (من شريط أقوال العلماء في إبطال قواعد ومقالات عدنان عرعور، ثم وَقَّعَ عليها الشيخ محمد بتاريخ 24/2/1421).
4/ فتوى الشيخ عبد الله بن محمد الدويش رحمه الله:
قال الشيخ المحدث عبد الله بن محمد الدويش ـ رحمه الله ـ في مقدمة كتابه (المورد العذب الزلال في التنبيه على أخطاء الظلال): " فقد كثر السؤال عن كتاب "ظلال القرآن" لمؤلفه سيد قطب ولم أكن قد قرأته فعزمت على قراءته فقرأته من أوله إلى آخره فوجدت أخطاءً في مواضع خصوصاً ما يتعلق بعقيدة أهل السنة والجماعة وعلم السلوك فأحببت التنبيه على ذلك لئلا يغتر به من لا يعرفه . وقبل الشروع في ذلك أنبه على أمور:
(الأول) : أن بعض المواضع قد يتكرر في كثير من السور فأنبه عليه في موضع أو موضعين أو أكثر من ذلك ولا استقصى ما في كل سورة اكتفاءً بما ذكرته وطلباً للاختصار.
(الثاني) : أن بعض الناس يستعظم أن ينبه على أخطاء من أخطأ وهذا جهل منه فما زال العلماء يرد بعضهم على بعض من زمن الصحابة إلى وقتنا هذا وقد قال مالك بن أنس رحمه الله: كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم.
(الثالث) : اشتهر عن بعض الناس أن المؤلف ألف هذا الكتاب في أول عمره بخلاف ما ألفه في آخره ولعله اعتمد على ما قرره في سورة الجن في الجزء السادس ص3730 وص3731 الطبعة السابعة في الحاشية ولكنه ليس صريحاً في ذلك لكونه نقض كلامه في آخره وسيأتي التنبيه عليه في موضعه إن شاء الله وعلى كل تقدير فليس المقصود الشخص وإنما المقصود بيان ما في كتابه من الأخطاء وسميته (المورد العذب الزلال على أخطاء الظلال) وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم مقرباً لديه في جنات النعيم إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير ن وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.
المرجع: (مقدمة كتاب المورد العذب الزلال للشيخ الدويش رحمه الله ، طبع1408).
5/ فتوى الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله:
سئل الشيخ العلامة صالح الفوزان عن قراءة كتاب ظلال القرآن ؟
فقال: " وقراءة الظلال فيها نظر لأن الظلال يشتمل على أشياء فيها نظر كثير، وكوننا نربط الشباب بالظلال ويأخذون ما فيه من أفكار هي محل نظر. هذا قد يكون له مردود سيء على أفكار الشباب. فيه تفسير ابن كثير، وفيه تفاسير علماء السلف الكثيرة وفيها غنى عن مثل هذا التفسير.
وهو في الحقيقة ليس تفسيراً، وإنما كتاب يبحث بالمعنى الإجمالي للسور، أو في القرآن بوجه عام. فهو ليس تفسيراً بالمعنى الذي يعرفه العلماء من قديم الزمان؛ أنه شرح معاني القرآن بالآثار، وبيان ما فيها من أسرار لغوية وبلاغية، وما فيها من أحكام شرعية. وقبل ذلك كله بيان مراد الله ـ سبحانه وتعالى ـ من الآيات والسور.
أما ظلال القرآن فهو تفسير مجمل نستطيع أن نسميه تفسيراً موضوعياً فهو من التفسير الموضوعي المعروف في هذا العصر، لكنه لا يُعتَمد عليه لما فيه من الصوفيات، وما فيه من التعابير التي لا تليق بالقرآن مثل وصف القرآن بالموسيقى والإيقاعات، وأيضاً هو لا يعنى بتوحيد الألوهية ، وإنما يعنى في الغالب بتوحيد الربوبية وإن ذكر شيئاً من الألوهية فإنما يركز على توحيد الحاكمية، والحاكمية لاشك أنها نوع من الألوهية لكن ليست [وحدها] هي الألوهية المطلوبة ، [وهو يوؤل الصفات على طريقة أهل الضلال].
والكتاب لا يجعل في صف ابن كثير وغيره من كتب التفسير. هذا الذي أراه ولو اختير من كتب السلف ، ومن الكتب المعنية بالعقيدة والمعنية بتفسير القرآن والمعنية بالأحكام الشرعية لكان هذا أنسب للشباب.
المرجع: (في شريط مجموع ما قاله ابن باز حول نصيحته العامةـ لقاء مع فضيلته ـ مكة المكرمة ـ 9/8/1412 ثم صححه الشيخ).
6/ فتوى الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله:
سئل فضيلة الشيخ العلامة صالح بن محمد اللحيدان : هل يوجد في مجلد ظلال القرآن لسيد قطب شكٌ أو ريب بالنسبة للعقيدة، وهل تنصح باقتنائه أم لا ؟
فأجاب الشيخ: " بل هو مليء بما يخالف العقيدة، فالرجـل ـ رحمه الله - نسأل الله أن يرحم جميع أموات المسلمين ـ ليس من أهل العلم. هو من أهل الدراسات المدنية وأهل الأدب. وله كتبه السابقة قبل أن ينخرط في سلك الإخوان المسلمين، وكان من الأدباء، له كتاب: (حصاد أدبي)، و(الأطياف الأربعة)، وغيره.. و(طفل من القرية)، وأشياء كثيرة من هذا النوع. ثم شاء الله ـ جل وعلا ـ أن يتحول عما كان عليه. وكان في وقت نشط الناس في الكلام وإن قل العمل، وكان للكلام أثره فكان ما كان وكتب هذا الكتاب الذي اسمه "في ظلال القرآن". وإن شاء الله له حسنات، ولكن له أخطأ في العقيدة، وفي حق الصحابة؛ أخطاء خطيرة كبيرة. وقد أفضى إلى ما قدم فنسأل الله أن يعفو عنا وعنه.
وأما كتبه فإنها لا تُعِّلمُ العقيدة ولا تقرر الأحكام، ولا يعتمد عليها في مثل ذلك، ولا ينبغي للشادي والناشئ في طريق العلم أن يتخذها من كتب العلم التي يعتمد عليها، فللعلم كتبه، وللعلم رجاله. أنصح أن يعتني طالب العلم بالقراءة للمتقدمين: الأئمة الأربعة، وللتابعين، وأهل الحق، وعلماء الإسلام المعروفين بسلامة المعتقد وغزارة العلم والتحقيق وبيان مقاصد الشريعة. وهم ـ ولله الحمد ـ كثيرون، وكتبهم محفوظة ـ بحمد الله ـ والمرجع في ذلك كله ـ عرض أقوال الناس ـ إنما يكون على كتاب الله وعلى سنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى أقوال السلف (الصحابة) فهم أدرى وأعرف بمفاهيم كلام الله وكلام نبيه، وذلك كله ـ ولله الحمد ـ مدون في كتب العلماء من الصحاح والسنن، وكتب الآثار؛ كالمصنفات ونحوها. فلا عذر لطالب العلم بالتقصير ، ولا يصح أن يجعل كتب المتأخرين حاكمة على كتب المتقدمين. نعم.
المرجع: (من شريط درس بعد صلاة الفجر في المسجد النبوي يتاريخ23/10/1418).
الخاتمة
أخي القارئ بعد هذا البيان الموجز لمخالفات سيد قطب، وأقوال العلماء في كتبه، فهل يحق لنا الدافع عنه بالباطل؟
هل يحق لنا التشنيع على العلماء الذين ردوا على سيد قطب وبينوا الضلالات والمخالفات التي في كتبه؟
هل يحق لنا وصفه بالإمام والمجدد؟
هل يحق لنا أن نقول عن كتبه نأخذ منها المفيد ونترك السيئ؟
فإن كانت إجابتك أخي القارئ بـ (لا)، فهذا ما أرجوه منك، وإن كانت إجابتك بـ (نعم) فأقول لك: إذن بارك الله فيك، لماذا لا نلتمس الأعذار للرافضة ، والأشاعرة، والصوفية، وغيرهم من أهل البدع والضلال، فأخطاءهم ومخالفاتهم هي نفسها مخالفات سيد قطب؟
لماذا نرى كثيراً من الأخوة الذين يدافعون عن سيد قطب، يشنعون أشد التشنيع على الرافضة والصوفية، ويردون على أخطاءهم، في حين أخطاء ومخالفات سيد قطب، يهونون منها؟
لماذا تركنا أقوال كبار العلماء، وأخذنا بأقوال الصغار، والجهلة؟
لماذا صرنا نميع الدين، فنجامل فيه بعضاً ، ونشنع على بعض؟
لماذا صرنا نقلل من الشأن الرد على أهل البدع والأهواء إذا كان الرد على من نحب وكان وفقاً للحق والصواب، وإذا كان الرد على من يخالفنا، نفرح ونطير بهذا الرد؟
هذه الأسئلة أتركها لك أخي القارئ، وما كتبت هذه الرسالة إلى محبتك لك ورغبة مني لهدايتك إلى الحق، وليس لي من الأمر شيء
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية
|