عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 09-04-2006, 09:49 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

لقد كنا في بداية الستينيات من القرن الماضي ، إذا ما وقف معلم أمام طابور التلاميذ يحكي لهم عن ضرورة نصرة الأخوة في الجزائر ، تمتلئ صدور التلاميذ الصغار بالغيظ و روح المساعدة .. و يذهبون لبيوتهم ولا يعودون الى مدارسهم الا بما يساوي عشرين ضعفا من مصروف كل منهم في اليوم ..

ثم أحس هؤلاء التلاميذ بانكسار في النفس شديد ، بعد هزيمة حزيران من عام 1967 أمام الصهاينة ، فكل مراهناتهم قد هوت ، حتى أصبح ذلك التاريخ حدا فاصلا لمحاولات تطبيع النفس مع القبول بالهزيمة كواقع مر لا بد أن يكون أحد صفاتنا الراهنة ..

و أصبحنا نرى على التلفزيون كيف تسحق عظام إخوتنا في فلسطين ، وكيف تلاها الضيم بعد الضيم في ربوع بلادنا ، حتى وصل العراق ، فأصبحت غصاتنا كأنها إيقاعا لتنفسنا ، أو جزءا منه ..

أحيانا يزهو المرء بمشاعره ويفخر .. و أحايين أخرى .. يكبتها و يضمها في أعماقه ، يزهو بها عندما تكون مفرحة ، فيتفنن بالتعبير عن فرحه ، بالزغاريد والدبكات و الرقصات و الأغاني .. و أحيانا يزيد على ذلك بإطلاق النار ، ليجعل دائرة من يعلمهم عن فرحه أوسع ..

وفي الأحايين البائسة ، التي لا يستطيع المرء التعبير عن مشاعره ، تغور المشاعر في الداخل بنفس الصخب الذي تعلو فيه وقت الفرح ولكن باتجاه معاكس .. تماما كما يكون التقعر عكس التحدب و الشموخ ..

وإن كانت كذلك ، فآلامها ستكون أقسى عشرات المرات ، من آلام الضرب المباشر ، أو السجن أو حتى القتل ـ هذا لمن يتأثر ـ ، فهي كما يطعن الشريف بشرفه ، ويرى انتهاك عرضه أمامه ، فيتنافس فعل عقله مع فعل شرفه ، هل يموت في سبيل شرفه ، أم يتحين فرصة لإلحاق الأذى فيمن طعنه بشرفه ؟

قليلون هم من ينتصر شرفهم على عقلهم .. ولا يعني أن العاقلين بلا شرف !
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس