ذكرتيني اختي في اغنية (زهرة البيلسان)
وحدهن بيبقوا متل زهر البيلسان
وعندما تشدو وتقول ....(موعدنا بكره وشو تأخر بكره...)
ولقد قرأت هذا المقال عن السيده فيروز فاحببت ان تشاركوني روعة التصوير
وفيروز التي إحترفت الحزن والأنتظار عشرين عاما، تنتظر الآتي ولا يأتي، عابرة من بوابة الدموع الي صقيع الشمس والبرد، ظنا منها أنها وحدها في زاوية الحنين، لا تدرك أنها بشالها الأثيري، وسحرها الغامض، بارتجافاتها التي تترك ظلا منها علي الأرض، تستوطن تلك الأرض، وقلوب سكانها الذين يرددون بفرح طفولي عابث يا قمر مشغرة، يا بدر وادي التيم، يا جبهة العالي، ومسورة بالغيم، قولوا انشالله القمر، يبقي مضوي القمر، لا يطال عزه حدا ولا يصيب وجه ضيم وكأنها بهذا الدعاء الذي تردده هي لقمر مشغرة، يردده الجميع مرة أخري لها.
يتمكن المسافر، الغريب، من رؤية وجه فيروز الحقيقي أكثر في عيون محبيها، يتمكن اللبناني البعيد عن البحر والجبل، الذي لا يصادفه صوت فيروز الا لماما في تلك البلدان التي يعيش فيها، من معرفة كيف يري غير اللبنانين فيروز أكثر، وتغدو الصورة أكثر حزنا عندما تصبح فيروز طرفا فقط في معادلة الجبل والبحر، وبيروت فيروز العرافة المتشحة بالأبيض لطالما ظلت رمزا لحب غائب، وألفة يبحث عنها الجميع، بشموخها الذي لا ينكر أنا فزعانة تقوم عنجد تنساني... يمكن حبك جد بس أنا فزعانة ، من هنا يبدو من العسير علي غير اللبناني، او غير المنتمي لبلدان الشام أن يتلقي فيروز بدقة المتعايش اليومي مع أغنياتها، تبدو الصور المركبة في أغانيها أيام الرحابنة مشوبة بالغموض والأرباك للمتلقي الذي لم يعتد سماعها، وتمر الصور متجاوزة للحكاية التي تحملها، يتلقي اللبناني الغريب، صدمة عدم الأدراك لصور جمالية، وحكايا حزينة تمر بأغاني فيروز ولا تستوقف أحدا، حينها يداهمه حزن فيروزي عتيق حين يتذكر انه في قهوة عالمفرق، في موقدة وفي نار، نبقي انا وحبيبي، نفرشها بالاسرار... ويا ورق الأصفر عم نكبر عم نكبر... تخلص الدني وما في غيرك يا وطني.. وبتضلك طفل صغير. في خجل مراهق تجلس فيروز في القهوة البحرية، قريبا من الشاطئ، لا تشرب القهوة، لان فنجانها مكسور، تكتفي بتأمل حبيبها المأخوذ بالموج، الحبيب الذي كتبت أسمه علي الحور العتيق، وكتب أسمها علي رمل الطريق، لا تهمس بشوقها له، وتكتفي بأن تشرب من عينيه، ناقلة بصرها بين الموج الأزرق، وعينيه اللاهيتين عن سؤالها لو بعرف حبيبي بتفكر بمين ترحل هي تاركة الحبيب وحيدا، تسير في شوارع بعيدة، يتبعها صدي عميق يكشف عن حزن أزلي يصدح الله معك يا هوانا يا مفارقنا وهي إذ تنأي بجراح روحها الشقية تركض بعيدا فلا تلتفت للوراء ولا لصوت يهمس لها بحبك حتي نجوم الليل نجمة ونجمة توقع لا تثق بكلمات هذا العاشق الراحل دوما، لأنها تيقن ان الحب سيخلص كالاحلام، وان القلب عندما يتذكر الوعد سيسخر بوجع من النجوم التي إنطفئت آخذة معها بريق حب خبا. وفيروز الدافئة التي تأتيك برعشة برد عندما يهلل صوتها رجعت الشتوية... ضل أفتكر فيي. . رجعت الشتوية تعرف سر الحكاية وأن الأحباء تحت الشتي تركوا بعضن وأنهم سيبقوا وحدن مثل زهرة البيلسان، تلك المرأة التي انتظرت في مواسم العصافير، وتركت قلبها مشرعا علي المدي لتردد شايف البحر شو كبير، كبر البحر بحبك ستسمع صوتها كلما سرت علي كورنيش بحر بيروت، وستجد أيضا شريطا لها مع سائق تاكسي عجوز، هي المتغربة مع قصص الريح، مع الحزن، والزهر، والصيف والبحر، ستجبرك علي الانتظار معها أيضا وهي تحكي لك قصة شادي الذي ذهب مع الثلج، ولم يرجع، هذه المرأة التي دقت علي الشباك ليطل الورد وتسأله عن الحلوة الغائبة، تعرف جيدا أنها وحدها ستبكي مع الورد، وأن ما من أحد سيشاركها حكاية حلوة الحلوين التي خطفها الموت، هي التي تذكر الورد بطول الحكاية التي رحلت صاحبتها تاركة عطرا ما في هذا الكون. فيروز التي تجعلنا في حالة تساؤل دائم عمن يقتل الآخر اولا الوقت أم الحب ، لم تتعال أبدا عن ذاك الأنتظار الدائم الذي تمارسه، هي رهينة للزمن، للانتظار، تقرع الأبواب ولا تجد أحدا، تمر بالشوارع بالمقاهي، وكلها يقين، أن الشوارع ربما لن تعرفها لانها كبرت وهي بعيدة عنها، تلك المرأة السبعينية الشــــابة، الطفلة، التي تهلل بتمرجح بقلبك وهي تسعي لتحليق أعلي لتري القمر عبر مرجوحتها... تلهو تحت المطر بصخب كرنفالي لا تخجل منه تعلن بلا مواربة أديش كان في ناس، عالمفرق تنطر ناس، ويحملوا شمسية، وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني هذا هو الأنتظار الدائم الذي يسحب فيروز اليه لتهتف نطرت مواعيد الأرض وما حدا نطرني وصار لي شي مية سنة مشلوحة بهالدكان، ضجرت مني الحيطان ، إنه عتاب موغل في غربته لأناس لن يأتــوا واكتفوا بأن يجعلوا منهـــا إمرأة تنتظر مواعيد الأرض علي عموقـــف دارينا إنها تمارس هذا الأنتـــظار بلا غرور أنثوي مراوغ ومترفع، تـؤلف العناوين لمن غابوا... وعناوين أخري مجهولة، وتغني لانها لا تريد أكثر من البوح، البوح والقول أنها وحيدة بلا منتظر، هي التي تنتظر دائما، وكأن الإنتظار صار عندها لذة ممتعة، يشوبها غموض المجهول، جماله ورونقه، تنتـــــظر الاشياء والأيام، وليالي الشمال الحزينة، هي عصفورة الساحات المنذورة للغيم والطرقات تحكي قصة أبواب ابواب، شي غرب، شي صحاب، شي مسكر، شي ناطر، تايرجعوا الغياب، هذا الأنتظار الصوفي، المباح به، والمتورد بخجل في سماء رمادية يتحول مع فيروز من انتظار مرهق في ماديته، الي كيان يصخب بالحنين والحب، الحب الدائم الذي أعطته فيروز للعالم، وظلت هي في عزلتها تنتظر.
__________________
سيدي البعيد جداً من موقعي,,
القريب جداً من أعماقي,,لا أعلم
هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود
أم ضاق بي الوجود.. فأصبح أصغر من حزني
النتيجة واحدة يا سيدي
فبقعة الأرض هذه، ماعادت تتسع لي
فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها,,أصبحت الآن تقف علّي
|