أم أن هناك عوامل أخرى تدفع الغرب إلى شن حروبه الصليبية ضد عالم الإسلام؟ ...
يبدو من تصريحات قادة الغرب أنهم يشنون الحرب على الإسلام لعوامل أخرى...
إنهم يرونه الجدار الصلب الذي يقف في وجه سيطرتهم على العالم واستغلالهم له:
1- فهم يرونه الجدار الوحيد أمام الاستعمار:
يقول لورنس براون:
"إن الإسلام هو الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوربى"( التبشير والاستعمار - ص 104)
ويقول غلادستون رئيس وزراء بريطانيا سابقاً:
ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوربة السيطرة على الشرق. (الإسلام على مفترق الطرق، لمحمد أسد - ص 39)
ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر:
إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرؤون القرآن، ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم، ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم(المنار - عدد 9/11/1962).
2- ويرون أن الإسلام هو الجدار الذي يقف في وجه انتشار النفوذ الشيوعي:
في افتتاحية عدد 22 أيار عام 1952من جريدة "كيزيل أوزباخستان" الجريدة اليومية للحزب الشيوعي الأورباخستاني ذكر المحرر ما يلي:
من المستحيل تثبيت الشيوعية قبل سحق الإسلام نهائياً. (الإسلام والتنمية الاقتصادية - جاك أوسترى - 56).
3- ويرون أنه الجدار الذي يحول دون انتشار المسيحية:
يقول أحد المبشرين :
إن القوة الكامنة في الإسلام هي التي وقفت سداً منيعاً في وجه انتشار المسيحية ، وهي التي أخضعت البلاد التي كانت خاضعة للنصرانية(جذور البلاء - ص 201).
ويقول أشعياء بومان في مقالة نشرها في مجلة العالم الإسلامي التبشيرية:
لم يتفق قط أن شعباً مسيحياً دخل في الإسلام ثم عاد نصرانياً. (التبشير والاستعمار للخالدين وفورخ - ص 131 - الطبعة الرابعة).
4- ويرون أن الإسلام هو الخطر الوحيد أمام استقرار الصهيونية وإسرائيل:
يقول بن غوريون، رئيس وزراء إسرائيل سابقاً:
إن أخشى ما نخشاه أن يظهر في العالم العربي محمد جديد. (جريدة الكفاح الإسلامي لعام 1955 - عدد الأسبوع الثاني من نيسان.)
وحدّث ضابط عربي كبير وقع أسيراً في أيدي اليهود عام 1948 أن قائد الجيش اليهودي دعاه إلى مكتبه قبيل إطلاق سراحه، وتلطف معه في الحديث.
سأله الضابط المصري : هل أستطيع أن أسأل لماذا لم تهاجموا قرية صور باهر ؟0
وصور باهر قرية قريبة من القدس.
أطرق القائد الإسرائيلي إطراقة طويلة ثم قال: أجيبك بصراحة، إننا لم نهاجم صور باهر لأن فيها قوة كبيرة من المتطوعين المسلمين المتعصبين.
دهش الضابط المصرى، وسأل فوراً: وماذا في ذلك، لقد هجمتم على مواقع أخرى فيها قوات أكثر .. وفي ظروف أصعب ؟!.
أجابه القائد الإٍسرائيلي: إن ما تقوله صحيح، لكننا وجدنا أن هؤلاء المتطوعين من المسلمين المتعصبين يختلفون عن غيرهم من المقاتلين النظاميين، يختلفون تماماً، فالقتال عندهم ليس وظيفة يمارسونها وفق الأوامر الصادرة إليهم، بل هو هواية يندفعون إليها بحماس وشغف جنوني، وهم في ذلك يشبهون جنودنا الذين يقاتلون عن عقيدة راسخة لحماية إسرائيل.
ولكن هناك فارقاً عظيماً بين جنودنا وهؤلاء المتطوعين المسلمين. إن جنودنا يقاتلون لتأسيس وطن يعيشون فيه، أما الجنود المتطوعون من المسلمين فهم يقاتلون ليموتوا، إنهم يطلبون الموت بشغف أقرب إلى الجنون، ويندفعون إليه كأنهم الشياطين، إن الهجوم على أمثال هؤلاء مخاطرة كبيرة، يشبه الهجوم على غابة مملوءة بالوحوش، ونحن لا نحب مثل هذه المغامرة المخيفة، ثم إن الهجوم عليهم قد يثير علينا المناطق الأخرى فيعملون مثل عملهم، فيفسدوا علينا كل شيء، ويتحقق لهم ما يريدون.
دهش الضابط المصرى لإجابة القائد الإسرئيلي، لكنه تابع سؤاله ليعرف منه السبب الحقيقي الذي يخيف اليهود من هؤلاء المتطوعين المسلمين.
قال له: قل لي برأيك الصريح، ما الذي أصاب هؤلاء حتى أحبوا الموت، وتحولوا إلى قوة ماردة تتحدى كل شيءٍ معقول؟!!.
أجابه الإسرائيلي بعفوية: إنه الدين الإسلامي يا سيادة الضابط. ثم تلعثم، وحاول أن يخفى إجابته، فقال:
إن هؤلاء لم تتح لهم الفرصة كما أتيحت لك، كي يدرسوا الأمور دراسة واعية تفتح عيونهم على حقائق الحياة، وتحررهم من الخرافة وشعوذات المتاجرين بالدين، إنهم لا يزالون ضحايا تعساء لوعد الإسلام لهم بالجنة التي تنتظرهم بعد الموت.
وتابع مسترسلاً: إن هؤلاء المتعصبين من المسلمين هم عقدة العقد في طريق السلام الذي يجب أن نتعاون عليه وهم الخطر الكبير على كل جهد يبذل لإقامة علاقات سليمة واعية بيننا وبينكم.
وتابع مستدركاً، وكأنه يستفز الضابط المصرى ضد هؤلاء المسلمين، تصور يا سيدي أن خطر هؤلاء ليس مقتصراً علينا وحدنا، بل هو خطر عليكم أنتم أيضاً. إذ أن أوضاع بلادكم لن تستقر حتى يزول هؤلاء، وتنقطع صرخاتهم المنادية بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله، هذا المنطق الذي يخالف رقى القرن العشرين، قرن العلم وهيئة الأمم والرأي العام العالمي، وحقوق الإنسان.
واختتم القائد الإسرائيلي حديثه بقوله:
يا سيادة الضابط، أنا سعيد بلقائك، وسعيد بهذا الحديث الصريح معك، وأتمنى أن نلتقى لقاءً قادماً، لنتعاون في جو أخوى لا يعكره علينا المتعصبون من المسلمين المهووسين بالجهاد وحب الاستشهاد في سبيل الله. (مجلة المسلمين - العدد الأول من المجلد الثامن - شهر تموز عام 1963، مع بعض الاختصار بما يناسب المقام، مع رجائنا عفو الكاتب وإخوانه).
العدو الوحيد
إنهم لا يرون الإسلام جداراً في وجه مطامعهم فقط، بل يعتقدون جازمين أنه الخطر الوحيد عليهم في بلادهم.
1- يقول لورانس براون:
كان قادتنا يخوفننا بشعوب مختلفة، لكننا بعد الاختبار لم نجد مبرراً لمثل تلك المخاوف.
كانوا يخوفنا بالخطر اليهودي، والخطر الياباني الأصفر، والخطر البلشفي.
لكنه تبين لنا أن اليهود هم أصدقاؤنا، والبلاشفة الشيوعيون حلفاؤنا، أما اليابانيون، فإن هناك دولاً ديمقراطية كبيرة تتكفل بمقاومتهم.
لكننا وجدنا أن الخطر الحقيقي علينا موجود في الإسلام، وفي قدرته على التوسع والاخضاع، وفي حيويته المدهشة. (المجلد الثامن صحفة 10، لورانس بروان نقلاً عن التبشير والاستعمار، صفحة 184)
2- ونكرر هنا قول غلادستون:
ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين، فلن تستطع أوربة السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان. (الإسلام على مفترق الطرق - ص 39.)
3- ويقول المستشرق غاردنر:
إن القوة التي تكمن في الإسلام هي التي تخيف أوربة. (التبشير والاستعمار - ص 36 - طبعة رابعة.)
4- ويقول هانوتر وزير خارجية فرنسا سابقاً:
لا يوجد مكان على سطح الأرض إلا واجتاز الإسلام حدوده وانتشر فيه، فهو الدين الوحيد الذي يميل الناس إلى اعتناقه بشدة تفوق كل دين آخر. (الفكر الإسلامي الحديث، وصلته بالاستعمار الغربي، ص 18.)
5- ويقول البر مشادر:
من يدري؟! ربما يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين، يهبطون إليها من السماء، لغزو العالم مرة ثانية، وفي الوقت المناسب.
ويتابع: لست متنبئاً، لكن الأمارات الدالة على هذه الاحتمالات كثيرة .. ولن تقوى الذرة ولا الصواريخ على وقف تيارها.
إن المسلم قد استيقظ، وأخذ يصرخ، ها أنذا، إنني لم أمت، ولن أقبل بعد اليوم أن أكون أداة تسيرها العواصم الكبرى ومخابراتها. (لم هذا الرعب كله من الإسلام - للأستاذ جودت سعيد).
6- ويقول أشعيا بومان في مقال نشره في مجلة العالم الإسلامي التبشيرية:
إن شيئاً من الخوف يجب أن يسيطر على العالم الغربي من الإسلام، لهذا الخوف أسباب، منها أن الإسلام منذ ظهر في مكة لم يضعف عددياً، بل إن أتباعه يزدادون باستمرار، من أسباب الخوف أن هذا الدين من أركانه الجهاد. (التبشير والاستعمار - 131)
7- ويقول أنطوني ناتنج في كتابه "العرب"
منذ أن جمع محمد صلى الله عليه وسلم أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي، وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي، فإن على العالم الغربي أن يحسب حساب الإسلام كقوة دائمة، وصلبة، تواجهنا عبر المتوسط. (وليم بولك. الولايات المتحدة والعالم الغربي - والفقومية والغزو الفكر ص 42.)
8- وصرح سالازار في مؤتمر صحفي قائلاً:
إن الخطر الحقيقي على حضارتنا هو الذي يمكن أن يُحدثه المسلمون حين يغيرون نظام العالم.
فلما سأله أحد الصحفيين: لكن المسلمين مشغولون بخلافاتهم ونزاعاتهم ، أجابه: أخشى أن يخرج منهم من يوجه خلافهم إلينا. (جند الله ص 22)
9- ويقول مسؤول في وزارة الخارجية الفرنسية عام 1952:
ليست الشيوعية خطراً على أوربة فيما يبدو لي، إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا تهديداً مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامي، فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم. ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في نطاقه الواسع، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية، ويقذفون برسالتنا إلى متاحف التاريخ.
وقد حاولنا نحن الفرنسيين خلال حكمنا الطويل للجزائر أن نتغلب على شخصية الشعب المسلمة، فكان الإخفاق الكامل نتيجة مجهوداتنا الكبيرة الضخمة.
إن العالم الإسلامي عملاق مقيد، عملاق لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً، فهو حائر، وهو قلق، وهو كاره لانحطاطه وتخلفه، وراغب رغبةً يخالطها الكسل والفوضى في مستقبل أحسن، وحرية أوفر ...
فلنعط هذا العالم الإسلامي ما يشاء، ولنقو في نفسه الرغبة في عدم الإنتاج الصناعي، والفني، حتى لا ينهض، فإذا عجزنا عن تحقيق هذا الهدف، بإبقاء المسلم متخلفاً، وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه، فقد بؤنا بإخفاق خطير، وأصبح خطر العالم العربي، وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطراً داهماً ينتهي به الغرب، وتنتهي معه وظيفته الحضارية كقائد للعالم. (مجلة روز اليوسف في عددها الصادر بتاريخ 29/6/1963.)
10- ويقول مورو بيرجر في كتابه "العالم العربي المعاصر":
إن الخوف من العرب، واهتمامنا بالأمة العربية، ليس ناتجاً عن وجود البترول بغزارة عند العرب، بل بسبب الإسلام.
يجب محاربة الإسلام، للحيلولة دون وحدة العرب، التي تؤدي إلى قوة العرب، لأن قوة العرب تتصاحب دائماً مع قوة الإسلام وعزته وانتشاره.
إن الإسلام يفزعنا عندما نراه ينتشر بيسر في القارة الأفريقية. (الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي - ص 19.)
11- ويقول هانوتو وزير خارجية فرنسا:
رغم انتصارنا على أمة الإسلام وقهرها، فإن الخطر لا يزال موجوداً من انتـفاض المقهورين الذين أتعبتهم النكبات التي أنزلناها بهم لأن همتهم لم تخمد بعد... (الفكر الإسلامي وصلته بالاستعمار الغربي - ص 19).
12- بعد استقلال الجزائر ألقى أحد كبار المستشرقين محاضرة في مدريد عنوانها: لماذا كنا نحاول البقاء في الجزائر.
أجاب على هذا السؤال بشرح مستفيض ملخصه :
إننا لم نكن نسخر النصف مليون جندي من أجل نبيذ الجزائر أو صحاريها .. أو زيتونها ..
إننا كنا نعتبر أنفسنا سور أوربا الذي يقف في وجه زحف إسلامي محتمل يقوم به الجزائريون وإخوانهم من المسلمين عبر المتوسط، ليستعيدوا الأندلس التي فقدوها، وليدخلوا معنا في قلب فرنسا بمعركة بواتيه جديدة ينتصرون فيها، ويكتسحون أوربا الواهنة، ويكملون ما كانوا قد عزموا عليه أثناء حلم الأمويين بتحويل المتوسط إلى بحيرة إسلامية خالصة.
من أجل ذلك كنا نحارب في الجزائر. (جريدة الأيام - سنة 1963
دمروا الإسلام
|