عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 12-04-2006, 06:44 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي المفاضلة بينه وبين جميل ابن معمر العذري

المفاضلة بينه وبين جميل ابن معمر العذري

أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال قال أبو عبيدة حدثنا عوانة بن الحكم وأبو يعقوب الثقعفي: أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك قال لأصحابه ذات ليلة: أي بيتٍ قالته العرب أغزل؟ فقال بعضهم: قول جميل:

يموت الهوى مني إذا ما لقيتها** ويحيا إذا فارقتهـا فـيعـود

وقال آخر: قول عمر بن أبي ربيعة:

كأنني حين أمسي لا تكلمنـي** ذو بغيةٍ يبتغي ما ليس موجودا

فقال الوليد: حسبك والله بهذا! أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد عن شيخ من أهله عن أبي الحارث مولى هشام بن الوليد بن المغيرة - قال: وهو الذي يقول فيه عمر بن أبي ربيعة: يا أبا الحارث قلبي طائرٌفأتمر أمر رشيدٍِ مؤتمن
قال: شهدت عمر بن أبي ربيعة، وجميل بن عبد الله بن معمر العذري، وقد اجتمعا بالأبطح، فأنشد جميلٌ قصيدته التي يقول فيها:

لقد فرح الواشون أن صرمت حبلي** بثينة أو أبدت لنا جانب الـبـخـل
يقولون مهلاً يا جـمـيل وإنـنـي ** لأقسم مالي عن بثينة من مـهـل


حتى أتى على آخرها، ثم قال لعمر: يا أبا الخطاب، هل قلت في هذا الروي شيئاً؟ قال نعم.
قال: فأنشدنيه، فأنشده قوله:

جرى ناصحٌ بالود بينـي وبـينـهـا** فقربني يوم الحصاب إلى قـتـلـي
فطارت بحد من فـؤادي وقـارنـت ** قرينتها حبل الصفاء إلى حـبـلـي
فلما تواقفنا عـرفـت الـذي بـهـا** كمثل الذي بي حذوك النعل بالنعـل
فقلن لها هذا عـشـاءٌ وأهـلـهـا** قريب ألما تسأمي مركب البـغـل
فقالت فما شئتن قلن لهـا انـزلـي ** فللأرض خير من وقوفٍ على رحل
نجوم دراري تـكـنـفـن صـورةً ** من البدر وافت غير هوجٍ ولا عجل
فسلمت واستأنسـت خـيفة أن يرى** عدوٌ مقامي أو يرى كاشحٌ فعـلـي
فقالت وأرخت جانب الستـر إنـمـا ** معي فتكلم غير ذي رقبةٍ أهـلـي
فقلت لها ما بي لهم مـن تـرقـبٍ ** ولكن سري ليس يحملـه مـثـلـي
فلما اقتصرنا دونـهـن حـديثـنـا ** وهن طبيبات بحاجة ذي الـشـكـل
عرفن الذي تهوى فقلن ائذني لـنـا ** نطف ساعةً في برد ليلٍ وفي سهل
فقالت: فلا تلبثن قـلـن تـحـدثـي ** أتيناك، وانسبن انسياب مها الرمـل
وقمن وقد أفهمن ذا الـلـب أنـمـا ** أتين الذي يأتين من ذاك من أجلـي


فقال جميلٌ: هيهات يا أبا الخطاب! لا أقول والله مثل هذا سجيس الليالي، والله ما يخاطب النساء مخاطبتك أحدٌ. وقام مشمراً.
قال أبو عبد الله الزبير قال عمي مصعب: كان عمر يعارض جميلاً، فإذا قال هذا قصيدة قال هذا مثلها.
فيقال: إنه في الرائية والعينية أشعر من جميل، وإن جميلاً اشعر منه في اللامية، وكلاهما قد قال بيتاً نادراً ظريفاً، قال جميل:

خليلي فيما عشتما هل رأيتما ** قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي

وقال عمر:

فقالت وأرخت جانب الستر إنما** معي فتكلم غير ذي رقبةٍ أهلي

كلمة الفرزدق وقد سمع شعر عمر
أخبرني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق عن المدائني قال: سمع الفرزدق عمر بن أبي ربيعة ينشد قوله:

جرى ناصحٌ بالود بيني وبينهـا** فقربني يوم الحصاب إلى قتلي

ولما بلغ قوله:

فقمن وقد أفهمن ذا اللب أنـمـا ** أتين الذي يأتين من ذاك من أجلي


صاح الفرزدق: هذا والله الذي أرادته الشعراء فأخطأته، وبكت على الديار.

إستحسان الناس شعر عمر وتفضيله على شعراء عصره

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال: أدركت مشيخةً من قريش لا ينزون بعمر بن أبي ربيعة شاعراً من أهل دهره في النسيب، ويستحسنون منه ما كانوا يستقبحونه من غيره من مدح نفسه، والتحلي بمودته، والابتيار في شعره والابتيار: أن يفعل الإنسان الشيء فيذكره ويفخر به. والابتهار: أن يقول ما لم يفعل.

نقد ابن أبي عتيق أبيات عمر الرائية
أخبرني محمد بن خلف قال: أخبرني عبد الله بن عمر وغيره عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن عبد العزيز بن عمران قال: قال ابن أبي عتيق لعمر وقد أنشده قوله:

بينما ينعتنني أبـصـرنـنـي ** دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى أتعرفن الفتـى ** قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتـهـا ** قد عرفناه وهل يخفى القمر


- الغناء في هذه الأبيات لابن سريج خفيف رملٍ بالبنصر - فقال له ابن أبي عتيق: - وقد أنشدها - أنت لم تنسب بها، وإنما نسبت بنفسك، كان ينبغي أن تقول: قلت لها فقالت لي، فوضعت خدي فوطئت عليه.

عود إلى سيرته وخلقه
أخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال: لم يذهب على أحدٍ من الرواة أن عمر كان عفيفاً يصف ولا يقف، ويحوم ولا يرد.
أخبرني محمد بن خلف قال حدثنا أحمد بن منصور عن ابن الأعرابي، وحدثني علي بن صالح قال حدثنا أبو هفان عن إسحاق الموصلي عن رجاله، قالوا: كان ابن أبي ربيعة قد حج في سنة من السنين. فلما انصرف من الحج ألفى الوليد بن عبد الملك وقد فرش له في ظهر الكعبة وجلس، فجاءه عمر فسلم عليه وجلس إليه. فقال له: أنشدني شيئاً من شعرك. فقال: يا أمير المؤمنين، أنا شيخ كبير وقد تركت الشعر، ولي غلامان هما عندي بمنزلة الولد، وهما يرويان كل ما قلت وهما لك. قال: ائتني بهما ففعل، فأنشداه قوله:

أمن آل نعمٍ أنت غادٍ فمبكر

فطرب الوليد واهتز لذلك، فلم يزالا ينشدانه حتى قام، فأجزل صلته ورد الغلامين إليه.

مميزات شعره
حدثني علي بن صالح بن الهيثم الأنباري الكاتب الملقب "كيلجة" قال حدثني أبو هفان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي عن مصعب بن عبد الله الزبيري، وأخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار عن عمه مصعب أنه قال: راق عمر بن أبي ربيعة الناس وفاق نظراءه وبرعهم بسهولة الشعر وشدة الأسر، وحسن الوصف، ودقة المعنى وصواب المصدر، والقصد للحاجة، واستنطاق الربع، وإنطاق القلب، وحسن العزاء، ومخاطبة النساء، وعفة المقال، وقلة الانتقال، وإثبات الحجة، وترجيح الشك في موضع اليقين، وطلاوة الاعتذار، وفتح الغزل، ونهج العلل، وعطف المساءة على العذال، وأحسن التفجع، وبخل المنازل، واختصر الخبر، وصدق الصفاء، إن قدح أورى، وإن اعتذر أبرا، وإن تشكى أشجى، وأقدم عن خبرة ولم يعتذر بغرة، وأسر النوم، وغم الطير، وأغد السير، وحير ماء الشباب، وسهل وقول، وقاس الهوى فأربى، وعصى وأخلى، وحالف بسمعه وطرفه، وأبرم نعت الرسل وحذر، وأعلن الحب وأسر، وبطن به وأظهر، وألح وأسف، وأنكح النوم، وجنى الحديث، وضرب ظهره لبطنه، وأذل صعبه، وقنع بالرجاء من الوفاء، وأعلى قاتله، واستبكى عاذله، ونفض النوم، وأغلق رهن مني وأهدر قتلاه، وكان بعد هذا كله فصيحاً.
فمن سهولة شعره وشدة أسره قوله

فلما تواقفنا وسلمت أشرقـت** وجوهٌ زهاها الحسن أن تتقنعا
تبالهن بالعرفان لما رأينـنـي ** وقلن امرؤٌ باغٍ أكل وأوضعا


ومن حسن وصفه قوله

لها من الريم عيناه وسـنـتـه** ونخوة السابق المختال إذ صهلا

ومن دقة معناه وصواب مصدره قوله

عوجا نحي الطلل المحولا ** والربع من أسماء والمنزلا
بسابغ البوبـاة لـم يعـده ** تقادم العهد بـأن يؤهـلا


ومن قصده للحاجة قوله

أيها المنكح الثريا سهيلاً ** عمرك الله كيف يلتقيان
هي شاميةٌ إذا ما استقلت ** وسهيلٌ إذا استقل يماني


ومن استنطاقه الربع قوله

سائلا الربع بالبلـي وقـولا ** هجت شوقاً لي الغداة طويلا
أين حي حلوك إذ أنت محفو ** فٌ بهم آهلٌ أراك جـمـيلا
قال ساروا فأمعنوا واستقلـوا ** وبرغمي لو قد وجدت سبيلا (وبكرهي لو استطعت سبيلا )
سئمونا وما سئمنا جواراً ** وأحبوا دمـاثةً وسـهـولا

ومن أنطاقه القلب قوله
قال لي فيها عتيقٌ مقـالاً ** فجرت مما يقول الدموع
قال لي ودع سليمى ودعها ** فأجاب القلب: لا أستطيع


ومن حسن عزائه قوله

أألحق إن دار الرباب تبـاعـدت ** أو أنبت حبلٌ أن قلـبـك طـائر
أفق قد أفاق العاشقون وفارقوا ال** هوى واستمرت بالرجال المرائر
زع النفس واستبق الحياء فإنـمـا ** تباعد أو تدني الرباب المـقـادر
أمت حبها واجعل قديم وصالهـا ** وعشرتها كمثل من لا تعـاشـر
وهبها كشيءٍ لم يكن أو كنـازحٍ ** به الدار أو من غيبته المقـا
بـر
الرد مع إقتباس