عرض مشاركة مفردة
  #13  
قديم 12-04-2006, 08:55 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

حجه مع أبيه إلى مكة لسلوان ليلى ودعوته هو استزادة حبها ودوامه
أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة قال: ذكر هشام بن الكلبي ووافقه في روايته أبو نصر أحمد بن حاتم وأخبرنا الحسن بن علي قال حدثنا ابن أبي سعد قال حدثني علي ابن الصباح عن هشام ابن الكلبي عن أبيه: أن أبا المجنون وأمه ورجال عشيرته اجتمعوا إلى ليلى فوعظوه وناشدوه الله والرحم، وقالوا له: إن هذا الرجل لهالكٌ، وقبل ذلك ففي أقبح من الهلاك بذهاب عقله، وإنك فاجعٌ به أباه وأهله، فنشدناك الله والرحم أن تفعل ذلك، فوالله ما هي أشرف منه، ولا لك مثل مال أبيه، وقد حكمك في المهر، وإن شئت أن يخلع نفسه إليك من ماله فعل، فأبى وحلف بالله وبطلاق أمها إنه لا يزوجه إياها أبداً، وقال: أفضح نفسي وعشيرتي وآتي ما لم يأته أحدٌ من العرب، واسم ابنتي بميسم فضيحة فانصرفوا عنه، وخالفهم لوقته فزوجها رجلاً من قومها وأدخلها إليه، فما أمسى إلا وقد بنى بها، وبلغه الخبر فأيس منها حينئذٍ وزال عقله جملةً، فقال الحي لأبيه: أحجج به إلى مكة وادع الله عز وجل له، ومره أن يتعلق بأستار الكعبة، فيسأل الله يعافيه مما به ويبغضها إليه، فلعل الله أن يخلصه من هذا البلاء، فحج به أبوه، فلما صاروا بمنى سمع صائحاً في الليل يصيح: يا ليلى، فصرخ صرخةً ظنوا أن نفسه قد تلفت وسقط مغشياً عليه، فلم يزل كذلك حتى أصبح ثم أفاق حائل اللوان ذاهلاً، فأنشأ يقول:
صوت
عرضت على قلبي العزاء فقال لـي ** من الآن فاياس لا أعزك من صبـر
إذا بان من تهـوى وأصـبـح نـائياً ** فلا شيء أجدى من حلولك في القبر
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منـىً ** فهيج أطراب الـفـؤاد ومـا يدري
دعا باسم ليلى غيرهـا فـكـأنـمـا ** أطار بليلى طائراً كان في صـدري
دعا باسم ليلى ظلل الـلـه سـعـيه ** وليلى بأرضٍ عنه نـازحةٍ قـفـر


الغناء لعريب خفيف ثقيلٍ - ثم قال له أبوه: تعلق بأستار الكعبة واسأل الله أن يعافيك من حب ليلى، فتعلق بأستار الكعبة. وقال: اللهم زدني لليلى حباً وبها كلفاً ولا تنسني ذكرها أبداً، فهام حينئذٍ واختلط فلم يضبط. قالوا: فكان يهيم في البرية مع الوحش ولا يأكل إلا ما ينبت في البرية من بقل ولا يشرب إلا مع الظباء إذا وردت مناهلها، وطال شعر جسده ورأسه وألفته الظباء والوحوش فكانت لا تنفر منه، وجعل يهيم حتى يبلغ حدود الشأم، فإذا ثاب إليه عقله سأل من يمر به من أحياء العرب عن نجدٍ، فيقال له: وأين أنت من نجد! قد شارفت الشأم! أنت في موضع كذا، فيقول: فأروني وجهة الطريق، فيرحمونه ويعرضون عليه أن يحملوه وأن يكسوه فيأبى، فيدلونه على طريق نجد فيتوجه نحوه.
أخبرني عمي قال حدثني الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي وأخبرنا حبيب بن نصر المهلبي وأحمد بن عبد العزيز الجوهري قالا حدثنا عمر بن شبة قال ذكر الهيثم بن عدي عن أبي مسكين قال:

خرج منا فتىً حتى إذا كان ببئر ميمونٍ إذا جماعة فوق بعض تلك الجبال، وإذا معهم فتىً أبيض طوال جعد كأحسن من رأيت من الرجال على هزالٍ منه وصفرةٍ، وإذا هم متعلقون به، فسألته عنه، فقيل لي: هذا قيسٌ المجنون خرج به أبوه يستجير له بالبيت، وهو على أن يأتي به قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعو له هناك لعله يكشف ما به، فإنه يصنع بنفسه صنيعاً يرحمه منه عدوه، يقول: أخرجوني لعلني أتنسم صبا نجدٍ، فيخرجونه فيتوجهون به نحو نجدٍ، ونحن مع ذلك نخاف أن يلقي نفسه من الجبل، فإن شئت الأجر دنوت منه فأخبرته أنك أقبلت من نجدٍ، فدنوت منه وأقبلوا عليه فقالوا له: يا أبا المهدي، هذا الفتى أقبل من نجد، فتنفس تنفسةٍ ظننت أن كبده قد انصدعت، ثم جعل يسألني عن وادٍ وادٍ وموضعٍ موضعٍ، وأنا أخبره وهو يبكي أحر بكاءٍ وأوجعه للقلب، ثم أنشأ يقول:

ألا ليت شعري عن عوارضتي قناً** لطول الليالي هل تغيرتا بـعـدي
وهل جارتانا بالبتيل إلى الحـمـى ** على عهدنا أم لم تدوما على العهد
وعن علويات الـرياح إذا جـرت ** بريح الخزامى هل تهب على نجد
وعن أقحوان الرمل ما هو فاعـلٌ ** إذا هو أسرى ليلةً بثرىً جـعـد
وهل أنفضن الدهر أفنان لمـتـى ** على لاحق المتنين مندلق الوخـد
وهل أسمعن الدهر أصوات هجمةٍ ** تحدر من نشزٍ خصيبٍ إلى وهـد


سؤاله زوج ليلى عن عشرته معها
أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي والعتبي قالا: مر المجنون بزوج ليلى وهو جالسٌ يضطلي في يومٍ شاتٍ، وقد أتى ابن عم له في حي المجنون لحاجةٍ، فوقف عليه ثم أنشأ يقول:

بربك هل ضممت إليك ليلى** قبيل الصبح أو قبلت فاهـا
وهل رفت عليك قرون ليلى ** رفيف الأقحوانة في نداها


فقال: اللهم إذ حلفتني فنعم، قال: فقبض المجنون بكلتا يديه قبضتين من الجمر، فما فارقهما حتى سقط مغشياً عليه، وسقط الجمر مع لحم راحتيه، وعض على شفته فقطعها، فقام زوج ليلى مغموماً بفعله متعجباً منه فمضى.

مروره بجبلي نعمان وشعره في ذلك
أخبرني أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر المهلبي قالا: حدثنا عمر بن شبة قال قال محمد بن الحكم عن عوانة: إنه حدثه ووافقه ابن نصر وابن حبيب قالوا: إن أهل المجنون خرجوا به معهم إلى وادي القرى قبل توحشه ليمتاروا خوفاً عليه "من" أن يضيع أو يهلك، فمروا في طريقهم بجبلي نعمان، فقال له بعض فتيان الحي: هذان جبلا نعمان، وقد كانت ليلى تنزل بهما، قال: فأي الرياح يأتي من ناحيتهما؟ قالوا: الصبا، قال: فوالله لا أريم هذا الموضع حتى تهب الصبا، فأقام ومضوا فامتاروا لأنفسهم، ثم أتوا عليه فأقاموا معه ثلاثة أيام حتى هبت الصبا، ثم انطلق معهم فأنشأ يقول:

أيا جبلي نعمان بـالـلـه خـلـيا ** سبيل الصبا يخلص إلي نسيمهـا
أجد بردها أو تشف مني حـرارةً ** على كبدٍ لم يبق إلا صميمـهـا
فإن الصبا ريحٌ إذا ما تنسـمـت ** على نفس محزونٍ تجلت همومها


ارتحال أهل ليلى وما قاله في ذلك
أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني محمد بن الحسين بن الحرون قال حدثني الكسروي عن جماعةٍ من الرواة قال: لما منع أبو ليلى المجنون وعشيرته من تزويجه بها، كان لا يزال يغشى بيوتهم ويهجم عليهم، فشكوه إلى السلطان فأهدر دمه لهم، فأخبروه بذلك فلم يرعه وقال: الموت أروح لي فليتهم قتلوني، فلما علموا بذلك وعرفوا أنه لا يزال يطلب غرةً منهم حتى إذا تفرقوا دخل دورهم، فارتحلوا عنها وأبعدوا، وجاء المجنون عشيةً فأشرف على دورهم فإذا هي منهم بلاقع، فقصد منزل ليلى الذي كان بيتها فيه، فألصق صدره به وجعل يمرغ خديه على ترابه "ويبكي"، ثم أنشأ يقول، - وذكر هذه الأبيات ابن حبيب وأبو نصر له "بغير خبر" -:

أيا حرجات الحي حيث تحملوا** بذي سلمٍ لا جادكـن ربـيع
وخيماتك اللاتي بمنعرج اللوى** بلين بلىً لم تبـلـن ربـوع

ندمت على ما كان مني نـدامةً** كما يندم المغبـون حـين يبـيع
فقدتك من نفسٍ شعاعٍ فإنـنـي ** نهيتك عن هذا وأنت جـمـيع
فقربت لي غير القريب وأشرفت ** إليك ثنايا ما لـهـن طـلـوع


حديثه مع نسوة فيهن ليلى
وذكر خالد بن جميل وخالد بن كلثوم في أخبارهما التي صنعاها أن ليلى وعدته قبل أن يختلط أن تستزيره ليلةً إذا وجدت فرصةً لذلك، فمكث مدةً يراسلها في الوفاء وهي تعده وتسوفه، فأتى أهلها ذات يوم والحي خلوفٌ، فجلس إلى نسوة من أهلها حجرةً منها بحيث تسمع كلامه، فحادثهنّ طويلاً ثم قال: ألا أنشدكن أبياتاً أحدثها في هذه الأيام؟ قلن: بلى، فأنشدهن:

يا للرجال لهـم بـات يعـرونـي ** مستطرفٍ وقديمٍ كـاد يبـلـينـي
من عاذري من غريم غير ذي** عسرٍ يأبى فيمطلنـي دينـي ويلـوينـي
لا يبعد النقد من حقي فـينـكـره ** ولا يحدثني أن سوف يقضـينـي
وما كشكرى شكرٌ لو يوافـقـنـي ** ولا مناي سـواه لـو يوافـينـي
أطعته وعصيت النـاس كـلـهـم ** في أمره وهواه وهو يعصـينـي


قال: فقلن له: ما أنصفك هذا الغريم الذي ذكرته! وجعلن يتضاحكن وهو يبكي، فاستحيت ليلى منهن ورقت له حتى بكت، وقامت فدخلت بيتها وانصرف هو.
- في الثلاثة الأبيات الأولى من هذه الأبيات هزجٌ طنبوري للمسدود - قالا في خبرهما هذا: وكان للمجنون ابنا عم يأتيانه فيحدثانه ويسليانه ويؤانسانه، فوقف عليهما يوماً وهما جالسان، فقالا له: يا أبا المهدي ألا تجلس؟ قال: لا، بل أمضي إلى منزل ليلى فاترسمه وأرى آثارها فيه، فأشفي بعض ما في صدري بها، فقالا له: فنحن معك، فقال: إذا فعلتما أكرمتما وأحسنتما، فقاما معه حتى أتى دار ليلى، فوقف بها طويلاً يتتبع آثارها ويبكي ويقف في موضعٍ موضعٍ منها ويبكي ثم قال:

يا صاحبي ألما بـي بـمـنـزلة ** قد مر حينٌ عليهـا إيمـا حـين
إني أرى رجعات الحب تقتلـنـي ** وكان في بدئها ما كان يكفـينـي
لا خير في الحب ليست فيه قارعةٌ ** كأن صاحبها في نزع مـوتـون
إن قال عذاله مهلاً فـلان لـهـم ** قال الهوى غير هذا القول يعنيني
ألقى من اليأس تاراتٍ فتقتلـنـي ** وللرجاء بشاشاتٌ فـتـحـيينـي


الغناء لإبراهيم خفيف ثقيلٍ من جامع غنائه وقال هشام بن الكلبي عن أبي مسكين: إن جماعة من بني عامر حدثوه قالوا: كان رجل من بني عامر ابن عقيلٍ يقال له: قيس بن معاذ، وكان يدعى المجنون، وكان صاحب غزلٍ ومجالسةٍ للنساء، فخرج على ناقة له يسير، فمر بامرأة من بني عقيلٍ يقال لها: كريمة، وكانت جميلةً عاقلةً، معها نسوة فعرفنه ودعونه إلى النزول والحديث، وعليه حلتان له فاخرتان وطيلسانٌ وقلنسوةٌ، فنزل فظل يحدثهن وينشدهن وهن أعجب شيءٍ به فيما يرى، فلما أعجبه ذلك منهن عقر لهن ناقته، وقمن إليها فجعلن يشوين ويأكلن إلى أن أمسى، فأقبل غلامٌ شابٌ حسن الوجه من حيهن فجلس إليهن، فأقبلن عليه بوجوههن يقلن له: كيف ظللت يا منازل اليوم؟ فلما رأى ذلك من فعلهن غضب، فقام وتركهن وهو يقول:

أأعقر من جـرا كـريمة نـاقـتـي** ووصلي مفروشٌ لوصل مـنـازل
إذا جاء قعقن الحـلـي ولـم أكـن ** إذا جئت أرضى صوت تلك الخلاخل

قال: فقال له الفتى: هلم نتصارع أو نتناضل، فقال له: إن شئت ذلك فقم إلى حيث لا تراهن ولا يرينك، ثم ما شئت فافعل، وقال:

إذا ما انتضلنا في الخلاء نضلتـه ** وإن يرم رشقاً عندها فهو ناضلي

وقال ابن الكلبي في هذا الخبر: فلما أصبح لبس حلته وركب ناقته ومضى متعرضاً لهن، فالفى ليلى جالسةً بفناء بيتها، وكانت معهن يومئذٍ جالسةً، وقد علق بقلبها وهويته، وعندها جويرياتٌ يحدثنها، فوقف بهن وسلم، فدعونه إلى النزول وقلن له: هل لك في محادثة من لا يشغله عنك منازل ولا غيره؟ قال: إي لعمري، فنزل وفعل فعلته بالأمس، فأرادت أن تعلم هل لها عنده مثل ما له عندها، فجعلت تعرض عن حديثه ساعةً بعد ساعةٍ وتحدث غيره، وقد كان علق حبها بقلبه وشغفه واستملحها، فبينا هي تحدثه إذ أقبل فتى من الحي فدعته فسارته سراراً طويلاً ثم قالت له انصرف، فانصرف، ونظرت إلى وجه المجنون قد تغير وامتقع وشق عليه ما فعلت، فأنشأت تقول:

كلانا مظهرٌ للناس بغضاً** وكلٌ عند صاحبه مكـين
تبلغنا العيون مقالـتـينـا ** وفي القلبين ثم هوىً دفين


قد نسبت هذا الشعر متقدماً فلما سمع هذين البيتين شهق شهقةً عظيمةً وأغمي عليه فمكث "كذلك" ساعةً، ونضحوا الماء على وجهه حتى أفاق، وتمكن حب كل واحدٍ منهما في قلب صاحبه وبلغ منه كل مبلغ.
حدثني عمي عن عبد الله بن أبي سعد عن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل القرشي قال حدثنا أبو العالية عن أبي ثمامة الجعدي قال: لا يعرف فينا مجنونٌ إلا قيس بن الملوح.
الرد مع إقتباس