عرض مشاركة مفردة
  #19  
قديم 13-04-2006, 06:59 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

ندم أبي ليلى على عدم تزويجه بها

قال الهيثم: فحدثني جماعةٌ من بني عامر: أنه لم تبق فتاةٌ من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرةً صارخةً عليه تندبه؛ واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء، وينشجون عليه أشد نشيج، وحضرهم حي ليلى معزين وأبوها معهم فكان أشد القوم جزعاً وبكاءً عليه، وجعل يقول: ما علمنا أن الأمر يبلغ كل هذا، ولكني كنت امرأ عربياً أخاف من العار وقبح الأحدوثة ما يخافه مثلي، فزوجتها وخرجت عن يدي، ولو علمت أن أمره يجري على هذا ما أخرجتها عن يده ولا احتملت ما كان علي في ذلك. قال: فما رئي يومٌ كان أكثر باكيةً وباكياً على ميتٍ من يومئذٍ.
نسبة ما في هذا الخبر من الأغاني منها الصوت الذي أوله:

ألا يا غراب البين ويحك نبني ** بعلمك في لبنى وأنت خبير

الغناء لابن محرز ثقيلٌ أول بالوسطى عن الهشامي، وذكر إبراهيم أن فيه لحناً لحكمٍ. وفي رواية ابن الأعرابي أنه أنشده مكان: ألا يا عراب البين ويحك نبني بعلمك في لبنى وأنت خبير

ألا يا غراب البين هل أنت مخبـري** بخيرٍ كما خبرت بالنـأي والـشـر
وخبرت أن قد جد بـينٌ وقـربـوا ** جمالاً لبينٍ مثقلاتٍ مـن الـغـدر
وهجت قذى عينٍ بلبنـى مـريضةٍ ** إذا ذكرت فاضت مدامعها تجـري
وقلت كذاك الدهر مازال فاجـعـاً ** صدقت وهل شيءٌ بباقٍ على الدهر


الشعر لقيس بن ذريح، والغناء لابن جامع، ثقيلٌ أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق. وفيه لبحرٍ ثقيلٌ أول بالوسطى عن عمرو. وفيه لدحمان ثاني ثقيل عن الهشامي وعبد الله بن موسى.
ومنها الصوت الذي أوله.
كأن القلب ليلة قيل يغدى ** بليلي العامرية أو يراح

بكاء أبي ليلى على المجنون وشعر وجد بعد موت المجنون في خرقة
أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال حدثنا الفضل الربعي عن محمد بن حبيب قال: لما مات مجنون بني عامر وجد أرض خشنةٍ بين حجارةٍ سودٍ، فحضر أهله وحضر "معهم" أبو ليلى - المرأة التي كان يهواها - وهو متذمم من اهله، فلما رآه ميتاً بكى واسترجع وعلم أنه قد شرك في هلاكه، فبينما هم يقلبونه إذ وجدوا خرقةً فيها مكتوبٌ:

ألا أيها الشيخ الذي ما بنا يرضـى ** شقيت ولا هنيت من عيشك الغضا
شقيت كما أشقيتني وتركـتـنـي ** أهيم مع الهلاك لا أطعم الغمضا
كأن فؤادي في مخالـب طـائرٍ ** إذا ذكرت ليلى يشد بها قبضـا
كأن فجاج الأرض حلقة خاتـمٍ ** علي فما تزداد طولاً ولا عرضا


عوتب على التغني بالشعر فقال
أخبرني محمد بن خلف قال حدثني أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب قال حدثني بعض القشيريين عن أبيه قال: مررت بالمجنون وهو مشرفٌ على وادٍ في أيام الربيع، وذاك قبل أن يختلط، وهو يتغنى بشعر لم أفهمه، فصحت به: يا قيس، أما تشغلك ليلى عن الغناء والطرب! فتنفس تنفساً ظننت أن حيازيمه قد انقدت، ثم قال:

وما أشرف الأيفاع إلا صـبـابةً ** ولا أنشد الأشعـار إلا تـداويا
وقد يجمع الله الشتيتين بعـد مـا ** يظنان جهد الظن أن لا تلاقـيا
لحي الله أقواماً يقولون إنـنـي ** وجدت طوال الدهر للحب شافيا


التقاؤه بقيس بن ذريح وطلبه منه إبلاغ سلامه لليلى

أخبرني محمد بن مزيد قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: اجتاز قيس بن ذريح بالمجنون وهو جالسٌ وحده في نادي قومه، وكان كل واحد منهما مشتاقاً إلى لقاء الآخر، وكان المجنون قبل توحشه لا يجلس إلا منفرداً ولا يحدث أحداً ولا يرد على متكلم جواباً ولا على مسلم سلاماً، فسلم عليه قيس بن ذريح فلم يرد عليه السلام؛ فقال له: يا أخي أنا قيس بن ذريح فوثب إليه فعانقه وقال: مرحباً بك يا أخي، أنا والله مذهوبٌ "بي" مشترك اللب فلا تلمني، فتحدثا ساعة وتشاكيا وبكيا، ثم قال له المجنون: يا أخي، إن حي ليلى منا قريبٌ، فهل لك أن تمضي إليها فتبلغها عني السلام؟ فقال له: أفعل. فمضى قيس بن ذريح حتى أتى ليلى فسلم وانتسب؛ فقالت له: حياك الله، ألك حاجة؟ قال: نعم، ابن عمك أرسلني إليك بالسلام؛ فأطرقت ثم قالت ما كنت أهلاً للتحية لو علمت أنك رسوله، قل له عني: أرأيت قولك:

أبت ليلةٌ بالـغـيل يا أم مـالـكٍ ** لكم غير حب صادقٍ ليس يكذب
ألا إنمـا أبـقـيت يا أم مـالـكٍ ** صدىً أينما تذهب به الريح يذهب


أخبرني عن ليلة الغيل، أي ليلة هي؟ وهل خلوت معك في الغيل أو غيره ليلاً أو نهاراً؟ فقال لها قيس: يابنة عم، إن الناس تأولوا كلامه على غير ما أراد، فلا تكوني مثلهم، إنما أخبر أنه رآك ليلة الغيل فذهبت بقلبه، لا أنه عناك بسوء؛ قال: فأطرقت طويلاً ودموعها تجري وهي تكفكفها، ثم انتحبت حتى قلت تقطعت حيازيمها، ثم قال: اقرأ على ابن عمي السلام، وقل له: بنفسي أنت! والله إن وجدي بك لفوق ما تجد، ولكن لا حيلة لي فيك؛ فانصرف قيسٌ إليه ليخبره فلم يجده.

رأى ليلى فبكى ثم قال شعراً
أخبرني الحسن بن علي قال حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثني عمي عن ابن الصباح عن ابن الكلبي عن أبيه قال: مر المجنون بعد اختلاطه بليلى "وهي" تمشي في ظاهر البيوت بعد فقدٍ لها طويل، فلما رآها بكى حتى سقط على وجهه مغشياً عليه، فانصرفت خوفاً من أهلها أن يلقوها عنده، فمكث كذلك مليا ثم أفاق وأنشأ يقول: بكى فرحاً بلـيلـى إذ رآهـا محب لا يرى حسناً سواهـا
لقد ظفرت يداه ونال ملكاً ** لئن كانت تراه كمـا يراهـا
الرد مع إقتباس