عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 13-04-2006, 09:01 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

اضطر السيد سعيد نتيجة لتخلي حلفائه البريطانيين عنه إلى طلب المساعدة العسكرية من حاكم بلاد فارس فتح علي شاه(26)، الذي بعث إليه من شيراز حملة مكونة من (1500) جندي تصحبهم أربع بطاريات مدفعية خفيفة في آخر عام 1225هـ/ بداية 1811م، أضاف إليهم السيد سعيد (0004) من قواته، وأرسلهم لحرب القوات السعودية وحلفائها العمانيين. وبعد أن أحرز الفرس عدداً من الانتصارات تمكن المطيري وحلفاؤه من هزيمتهم في بلدة أزكى والاستيلاء على مدفعيتهم وطردهم إلى بلدة بركة(27). ويبدو أن هذه الانتصارات قد شجعت بعض أبناء الإمام سعود على الخروج إلى عمان في بداية عام 1226هـ/ 1811م أثناء وجود والدهم في الحجاز، دون إذنه، فانضم المطيري وحلفاؤه من زعمـاء عمــان وقبائلهــا إلى أبناء سعود، وقاموا بغزوة واسعة وصلت إلى بلدان بركة ومطرح في الباطنة، كما توغلوا في بلاد جعلان والشرقية حتى وصلوا إلى صور ورأس الحد، عادوا بعدها إلى البريمي(28). بلغ نفوذ الدولة السعودية في عمان خلال الفترة 1222 - 1226هـ/1807-1811م مرحلة متقدمة جداً بفضل سياسة الإمام سعود وجهود قائده القدير مطلق المطيري. فقد أخضعت تلك الجهود القواسم وشمال عمان لسلطة الدولة السعودية، كما أضعفت الحملات السعودية المتتابعة مقاومة السيد سعيد، وتوغلت تلك الحملات في أقاليم الباطنة والداخل والظاهرة والشرقية حتى وصلت إلى جعلان ورأس الحد في أقصى شرق عمان. ولم يتمكن السيد سعيد من الاحتفاظ بمسقط وبعض المناطق الداخلية إلا بدفع الزكاة السنوية إلى الدرعية(29). ولم يخلِّص مسقط والباطنة والمناطق الداخلية من عمان من المصير الذي آل إليه الصير وشمال عمان إلا تعرض الدولة السعودية لخطر خارجي جاء من الغرب، وهو وصول الحملة العثمانية المصرية إلى الحجاز في عام 1226هـ/1811م. أثر الحملة العثمانية المصرية الأولى على نفوذ الدولة السعودية في عمان: سبقت الإشارة إلى الحملة الواسعة التي قام بها أبناء الإمام سعود في عمان دون إذنه في بداية عام 1226هـ/1811م. ولما علم الإمام سعود بما قام به أبناؤه غضب غضباً شديداً، وأرسل فرقة من الجند لقبض حصن البريمي، ومنع أبنائه وأتباعهم من اللجوء إليه، كما أرسل إلى مطلق المطيري ومن معه من الجنود وأمرهم بالخروج من عمان(30). ويبدو أن الذي أثار غضب الإمام سعود ليس فقط مخالفة أبنائه لأوامره وقيامهم بأعمال غير مسؤولة في عمان، وإنما أغضبه أيضاً توقيت تلك الحملة. لقد بدأت تظهر في هذا الوقت (بداية عام 1226هـ/1811م) استعدادات محمد علي باشا - والي مصر - لإرسال حملة عسكرية إلى الحجاز لإخراج السعوديين منه(31). ويظهر أن الإمام سعود الذي كان في مكة لأداء مناسك الحج في ذلك العام قد علم من الحجاج القادمين عن طريق مصر بتلك الاستعدادات، وتوقع وصول القوات العثمانية المصرية إلى الحجاز خلال تلك السنة. وفي هذه الحال لم يكن من صالحه إشعال الحرب على الجبهة الشرقية وإثارة حفيظة حكام مسقط والقبائل العمانية في هذا الوقت. ويشير لوريمر إلى أن تحرك قوات محمد علي باشا ضد الدولة السعودية في الحجاز في عام 1811م (1226هـ) قد أحدث أثراً سريعاً حتى على الساحل الشرقي للجزيرة العربية(32). ويبدو أن السيد سعيد علم هو أيضاً بتلك الاستعدادات العثمانية المصرية لمهاجمة السعوديين في الحجاز، فبادر بإرسال حملة عسكرية لمهاجمة قطر والبحرين في عام 1226هـ/1811م بصحبة بعض زعماء أسرة آل خليفة المعارضين للنفوذ السعودي في تلك المنطقة، والذين لجؤوا إليه في مسقط وطلبوا مساعدته في أواخر العام السابق. وقد أحرقت ودمرت تلك الحملة بلدة الزبارة، واستولت على جزيرة البحرين، وطردت الحامية السعودية منها، وأخذت قائدها؛ فهد بن عفيصان وعدداً من رجاله رهائن. كما أخذ حاكم مسقط يعد العدة لمهاجمة رأس الخيمة ظاناً أن السعوديين سينشغلون عنه بمواجهة الأخطار في غرب الجزيرة العربية(33). والواقع أن الإمام سعود - الذي أدرك عزم والي مصر على مهاجمته في الحجاز - أخذ بعد عودته من الحج في بداية عام 1226هـ/1811م في وضع الترتيبات لتهدئة الجبهة الشرقية وتأمينها، فأطلق رؤساء آل خليفة؛ شيوخ البحرين المحتجزين لديه في الدرعية، وسمح لهم بالعودة إلى بلادهم بعد أن أخذ عليهم العهد بالسمع والطاعة وعدم المخالفة(34). كذلك أرسل الإمام سعود مبعوثاً إلى شيراز لمقابلة حاكم إقليم فارس، لتحسين العلاقات معه وضمان عدم إرسال ذلك الحاكم قواته مرة أخرى إلى عمان وسواحل الخليج، واستغلال انشغال القوات السعودية في الصراع المتوقع في الحجاز(35). وقد كلف الإمام سعود مبعوثه أيضاً بالمرور في طريقه إلى شيراز بميناء بوشهر لمقابلة المقيم البريطاني هناك، بهدف توثيق علاقات الصداقة والتفاهم مع حكومة الهند البريطانية(36). وصلت طلائع الحملة العثمانية المصرية الأولى إلى ميناء ينبع في رمضان عام 1226هـ/أكتوبر 1811م، واستولت عليه(37). وكان لابد أن يؤثر ذلك على نفوذ الدولة السعودية في عمان وجنوب الخليج العربي، ويشجع حاكم مسقط وغيره من شيوخ قبائل المنطقة على محاولة التخلص من ذلك النفوذ، كذلك شعرت قبائل شمال عمان والصير بضعف قبضة السعوديين في المنطقة نتيجة لاستدعاء الإمام سعود لقائده المطيري وقواته من عمان، وسحبه للحاميات السعودية الموجودة في الزبارة وقطر وخور حسن والأحساء والقطيف لتركيز قواته ضد الغزاة في الحجاز(38). وقد استغل السيد سعيد وشيخ بني ياس هذه الظروف للتخلص من النفوذ السعودي. فعندما أرسل الإمام سعود حوالي منتصف عام 1226هـ/1811م أمير الأحساء؛ عبدالعزيز بن غردقة لقيادة القوات السعودية في شمال عمان بدلاً من المطيري وإعادة القوة للنفوذ السعودي في الداخل اعترضته قبيلة بني ياس في الظفرة، وغدرت به، وقتلته مع عدد كبير من القوة المرافقة له(39). تابع السيد سعيد الرسائل والمبعوثين إلى حكومة بومبي خلال النصف الأخير من عام 1226هـ/1811م يطلب إمداده بالعساكر والأسلحة للاستعانة بها في مواجهة السعوديين والقبائل العمانية المتحالفة معهم. فقد تلقى جوناثان دنكن - حاكم بومبي - من حاكم مسقط رسالة في الثاني والعشرين من أكتوبر 1811م (4 شوال 1226هـ) يذكر فيها أنه سبق له أن طلب من الحكومة عن طريق وكيله "سرور" راجمة قنابل، وهو الآن يعيد الطلب ويأسف لتأخيره، ويطلب أيضاً شخصاً مدرباً لتشغيل الراجمة على أن يعيده بعد انتهاء مهمته(40). وعندما تولى جورج براون (George Brouwn) رئاسة حكومة بومبي في نوفمبر 1811م (شوال 1226هـ) أعاد السيد ماجد مبعوث السيد سعيد إلى حاكم بومبي وحاجي سرور بن ياقوت وكيله في بومبي عرض طلبات سيدهم على مسامع ذلك الحاكم. كتب براون حاكم بومبي رسالة مطولة إلى السيد سعيد مؤرخة في العشرين من نوفمبر 1811م (4 ذو القعدة 1226هـ) شرح له فيها موقف حكومة الهند من الحرب التي يريد حاكم مسقط الدخول فيها مع السعوديين ومن إرسال القوات العسكرية التي طلبها ذلك الحاكم لمساعدته في "إخضاع الوهابيين في عمان"، فذكره بسياسة حكومة الهند تجاه السعوديين التي سبق أن أبلغه بها حاكم بومبي السابق، جوناثان دنكن في 13 سبتمبر 1810م الموافق 13 شعبان 1225هـ، والتي تحضه على الاتفاق مع السعوديين مما يمكنه من خدمة مصالحه دون ذكر للحكومة البريطانية التي لم تتعرض إلى الآن لأي عمل عدواني من طرفهم. ولذلك فإن الحكومة البريطانية ترى أنه من واجبها النـزوع إلى دواعي العدل التي تحكم علاقات الدول بإظهار التفاهم مع بعضها البعض والابتعاد عما يمكن أن يفسر بأنه نقض لمبادئ الحياد. وأضاف براون بأن حاكم عام الهند ما زال يسير على هذه السياسة، وأنه إذا حدث وأن قرر ذلك الحاكم تقديم المساعدة لحاكم مسقط، وأرسل إليه قوات عسكرية فإن جميع نفقاتهم يجب أن يتحملها السيد سعيد كاملة. وفيما يتعلق بطلب راجمة القنابل والخبير الذي يشغلها فقد اعتذر حاكم بومبي للسيد ماجد والحاجي سرور بأنه لم يجد من يقبل بمهمة العمل في مسقط بسبب سوء المناخ في تلك البلدة الذي أودى بحياة كثير من الأوربيين، وأنه لا يستطيع أن يجبر أحداً على ذلك لأنه كالموت الحتمي لهم(41). حين علم السيد سعيد بتعيين السير إيفان نبيان (Evan Nepean) حاكماً جديداً لبومبي في أواخر عام 1226هـ/1811م عاوده الأمل في الحصول على مساعدة حكومة الهند ضد الدولة السعودية. فأرسل مبعوثاً جديداً إلى بومبي يطلب من حاكمها إرسال ألفي جندي لمساعدته في وقف تقدم السعوديين والحيلولة دون وقوع مدينة مسقط ومينائها في أيديهم. وقد وصل هذا المبعوث إلى بومبي في شهر يونية 1812م/ جمادى الآخرة 1227هـ، لكنه لم يتمكن من إقناع نبيان بإرسال أي قوة عسكرية إلى عمان(42). ومن ناحية أخرى كان السيد سعيد يبعث رسائل إلى وكيله في بومبي؛ حاجي سرور يطلب منه التقدم إلى الشركة الإنجليزية بطلبات لشراء أسلحة وذخيرة مثل: المدافع والقنابل والبنادق والبارود وغيره من الذخيرة، ويطلب منه إرسال ذلك على وجه السرعة في مراكب إنجليزية أو عربية وذلك "لاستخدامه ضد رأس الخيمة خلال هذا الموسم". وقد تضمنت سجلات حكومة بومبي نصوص رسائل من هذا النوع مؤرخة في شهور: صفر وربيع الأول وشعبان من عام 1227هـ، الموافقة لشهور: فبراير وأبريل وسبتمبر من عام 1812م(43). وكان حاكم عام الهند - بعد عرض هذه الطلبات عليه - يوافق في العادة على تلبيتها في حالة وجود كميات منها في مخازن الشركة ويمكن الاستغناء عنها في ذلك الوقت على أن تباع بالسعر المعتاد(44). لم تكن الحاميات السعودية في عمان قوية في هذا الوقت، كما لم يتعرض حاكم مسقط لأي ضغط سعودي بعد استدعاء مطلق المطيري وقواته إلى نجد ومقتل ابن غردقة وجنوده حتى قبل أن يصلوا إلى شمال عمان بعد ذلك، مما يضطره إلى الإلحاح في طلب مساعدة عسكرية كبيرة من حكومة الهند. ويظهر أن السيد سعيد أراد أن يحصل على هذا الدعم العسكري من البريطانيين في هذا الوقت، لكي يتمكن بوساطته من القيام بهجوم شامل على موانئ القواسم مستغلاً ضعف وجود السعوديين في عمان وانشغالهم في مواجهة الجيوش العثمانية المصرية في الحجاز. تمكنت الحملة العثمانية المصرية من الاستيلاء على المدينة المنورة في شهر ذي القعدة عام 1227هـ/ نوفمبر 1812م. وفي بداية العام التالي دخل قسم من تلك الحملة مكة وجدة والطائف بتواطئ من الشريف غالب بن مساعد أمير مكة. وفي صيف ذلك العام (1228هـ/1813م) وصل محمد علي باشا إلى الحجاز للإشراف بنفسه على سير المعارك هناك(45).