عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 13-04-2006, 09:03 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

كان لهذه التطورات أثر بعيد على الموقف العسكري السعودي، حيث أرسل الإمام سعود في أواخر شهر رجب عام 1228هـ (يولية 1813م) مبعوثاً يدعى إبراهيم بن عبدالكريم لمقابلة حاكم إقليم فارس، الأمير حسين علي ميرزا والمقيم البريطاني في بوشهر، الملازم وليم بروس (William Bruce)؛ وذلك للتوصل إلى تفاهم واتفاق مع كل من المسؤولين الفارسي والبريطاني، وقد أبلغ المقيم بروس إيفان نبيان، حاكم بومبي في رسالة مؤرخة في الثاني عشر من أغسطس 1813م (14 شعبان 1228هـ)، بأن المبعوث السعودي كان يهدف إلى التوصل إلى معاهدة مع حاكم فارس الذي كان يشاع أنه سيرسل حملة إلى الخليج. كما أفاد المقيم حاكم بومبي أن هذه الإشاعة لا أساس لها، لعدم قدرة حاكم فارس على إرسال حملة عسكرية عبر البحر، ولأن بعضاً من سكان الساحل الفارسي للخليج يدين بالولاء لسعود. وقد ذكر المقيم أيضاً بأن ابن عبدالكريم عاد من شيراز بهدايا لسعود، وقابل المقيم نفسه في بوشهر مساء الحادي عشر من أغسطس (13 شعبان)، وأبلغه رغبة الإمام سعود في التوصل مع البريطانيين إلى تفاهم وصداقة واتفاق لفائدة الطرفين(46). تقدمت الإشارة إلى عزل الإمام سعود للشيخ سلطان بن صقر عن مشيخة القواسم واستدعائه إلى الدرعية واحتجازه فيها عام 1224هـ/1809م. وقد تمكن الشيخ سلطان في نهاية عام 1227هـ/2181م من الفرار من الدرعية مستغلاً موسم الحج، والاتصال بطوسون باشا وقادة الحملة العثمانية المصرية في الحجاز. وقد وجد فيه محمد علي باشا وسيلة للضغط على الدولة السعودية من الشرق، فبعثه إلى حاكم مسقط بعرض للتحالف بين الباشا وذلك الحاكم ضد السعوديين. وصل الشيخ سلطان إلى مسقط في بداية عام 1228هـ/1813م، ووضع نفسه تحت حماية السيد سعيد بن سلطان وطلب منه المساعدة للعودة إلى مشيخة القواسم في مقابل تحالفه مع حاكم مسقط وقبوله بسيادته وامتناعه هو وقبيلته عن مهاجمة المناطق والمراكب العمانية(47). وقد رحب السيد سعيد بالتحالف مع المصريين وبدأ يكاتب طوسون باشا في الحجاز ويعده بالمساعدة وتعهد له بأن يعيد شيخ القواسم المعزول إلى منصبه في قبيلته، وأرسل إلى جدة مركباً محملاً بالمؤن والعتاد(48). كان التنافس والخصومة بين القواسم وحكام مسقط من أهم العوامل التي أدت إلى امتداد النفوذ السعودي وتقويته في عمان(49). وقد أيقن محمد علي باشا أنه إذا ما تمكن الشيخ سلطان بن صقر من العودة إلى مشيخة القواسم، وعاد القواسم إلى مهادنة حكومة مسقط والتعاون معها، فإن ذلك سيشكل جبهة ضغط قوية ضد الدولة السعودية في الشرق، وبالتالي تخفيف المقاومة على جبهة الحجاز. لذلك طلب والي مصر من السيد سعيد مساعدة الشيخ سلطان للعودة إلى مشيخته. وقد وجد السيد سعيد في تحقيق طلب الباشا والتعاون معه وسيلة للخلاص من نفوذ السعوديين وهجماتهم وهجمات القواسم على بلاده ومراكبه. أراد السيد سعيد الاستعانة بحلفائه البريطانيين، فكتب إليهم يخبرهم بعودة الشيخ سلطان بن صقر، ورغبة ذلك الشيخ في التحالف معه ومعهم، وترك (القرصنة)، كما أبلغهم بعزمه على مهاجمة رأس الخيمة ومساعدة الشيخ سلطان بن صقر على العودة إلى مشيخة القواسم والتوصل إلى اتفاق معه بعد ذلك، يتعهد الشيخ سلطان بموجبه بالامتناع عمَّا أسمته بريطانيا بـ (القرصنة). وطلب حاكم مسقط من حكومة بومبي أن يصحبه مقيمها في الخليج العربي الملازم وليم بروس بطراد حربي أو اثنين لدعمه معنويا وعسكريا، وليشهد على توقيع الاتفاق(50). وقد أعاد السيد سعيد هذه المقترحات على مسامع المقيم بروس حين زار مسقط في آخر شهر مايو عام 1813م (جمادى الأولى 1228هـ). وذكر بروس في رسالة إلى فرانسيس واردن ((Francis Warden رئيس سكرتارية حكومة بومبي مؤرخة في الرابع من يونية 1813 (4 جمادى الثانية 1228هـ) أنه حين وصل إلى مسقط وجــد (الإمام) السيد سعيد يستعد لمهاجمة رأس الخيمة لمساعدة الشيخ سلطان بن صقر على العودة إلى مشيخة القواسم، وأضاف بروس أن حاكم مسقط أكد له أن الشيخ سلطان وعده بأنه سيكون تابعاً له وأنه سيمنع قومه من الحملات البحرية. وطلب السيد سعيد من المقيم أن يصحبه في هذه الحملة لكي يشهد على اتفاقه مع الشيخ سلطان، ولكي يعقد معاهدة بريطانية جديدة مع القواسم. وقد لحظ المقيم شدة حماس حاكم مسقط وثقته بنجاح حملته وما ستعود به على مسقط وعلى البريطانيين من مصالح. وقد أبلغ المقيم حكومة بومبي بأنه يؤيد هذه المقترحات وطلب توجيهاتها له بهذا الخصوص(51). رأت حكومة بومبي في عودة الشيخ سلطان بن صقر إلى مشيخة القواسم والتقارب العماني القاسمي المحتمل مصلحة كبيرة لها، وربما رأت في ذلك نهاية (للقرصنة) وخاصة أن القواسم عادوا خلال عام 1227هـ/1812م للتعرض للمراكب التجارية ونهبها. أمرت حكومة بومبي المقيم بروس الذي أصبح الآن مسؤولاً عن رعاية المصالح البريطانية في جميع نواحي الخليج العربي بما في ذلك مسقط بمرافقة السيد سعيد على طراد حربي واحد، وتقديم الدعم اللازم له، وتجديد اتفاق الكابتن سيتون مع القواسم لعام 1220هـ/1806م وعقد اتفاقيات مماثلة مع شيوخ الخليج الآخرين(52). اجتمع المقيم بروس بالسيد سعيد في جزيرة قشم عند مدخل الخليج، حيث كان حاكم مسقط يتواصل مع الشيخ سلطان بن صقر الذي كان يقيم على الساحل الفارسي. ومن هناك أبحر السيد سعيد والمقيم بروس إلى أبو ظبي التي وصلا إليها في التاسع والعشرين من يونية 1813م (30 جمادى الثانية 1228هـ)، حيث اجتمع السيد سعيد بشيخ بني ياس(53)، وتمكن من إقناعه بالاشتراك في الحملة ضد رأس الخيمة على رأس ألفي مقاتل من قبيلته. كذلك تلقى السيد سعيد تعهداً من شيخ البحرين عبدالله بن خليفة بالتعاون معه في تلك الحملة وتقديم ألفي مقاتل يحملهم ما بين (15-20) مركباً بحرياً. وقبل أن يغادر حاكم مسقط أبو ظبي تلقى خبراً من الشيخ سلطان بن صقر الذي كان يجمع المقاتلين على الساحل الفارسي، يبلغه فيه بأنه قد انضم إليه عدد من الزعماء العرب هناك، وأن قواته الآن تكفي لإنجاز المهمة؛ لأنها تتكون من حوالي خمسة آلاف رجل محمولين على ما يتراوح بين أربعين وثمانين مركباً. وقد أبلغ السيد سعيد المقيم البريطاني بأن هذه القوات ستنضم إليه في دبي شرق أبو ظبي(54). أبلغ المقيم بروس رؤساءه في بومبي بما عبر عنه كل من السيد سعيد والشيخ سلطان بن صقر من امتنان للمساعدة التي قدمها ذلك المقيم لهما، وأكد الزعيمان أن الشيوخ العرب لم يكونوا ليجتمعوا لولا وجوده، كما أكد الشيخ سلطان بشكل خاص بأنه سيكون مديناً بعودته إلى مشيخة القواسم للبريطانيين، أما المقيم بروس نفسه فقد أكد أنه إذا كانت الحكومة البريطانية تريد عقد معاهدة مع القواسم (أو تجديد المعاهدة القديمة)، فإنه ليس هناك وقت أفضل من هذا(55).