عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 13-04-2006, 09:04 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

لكن بروس تفادى حضور الهجوم على رأس الخيمة، وعاد إلى بوشهر. وليس في المصادر ما يؤكد حضور عتوب البحرين للاشتراك في ذلك الهجوم كما وعدوا. أما الشيخ سلطان بن صقر فقد التحق بالسيد سعيد في دبي على رأس مئة وخمسين مركباً، واستعد الجميع للهجوم على رأس الخيمة، لكن هذا الهجوم فشل بسبب تخلي شيخ بني ياس عن الاشتراك فيه، حيث اضطر السيد سعيد إلى العودة بغاية الإحباط إلى مسقط(56). لا تتضح الأسباب التي دفعت شيخ بني ياس إلى التخلي عن السيد سعيد في مثل هذا الوقت الحرج. وربما يكون أحد هذه الأسباب أو بعضها تخوف شيخ بني ياس من تزايد طموحات حاكم مسقط وقوته في حالة انتصاره على رأس الخيمة، وتخوفه من نتائج عودة زعيم قوي مثل الشيخ سلطان بن صقر إلى مشيخة القواسم المجاورة، أو تخوفه من انتقام محتمل من قبل الدولة السعودية التي ما تزال قوية في وسط جزيرة العرب وشرقها، وقد يكون شيخ بني ياس قد رضخ لضغوط من قبل شيخ رأس الخيمة والوكيل السعودي الموجود هناك في ذلك الوقت. والراجح أنه كان للانقسام الذي كانت تعاني منه قبيلة بني ياس في هذا الوقت أثره على مواقف شيوخها من كل من حاكم مسقط والسعوديين؛ فقد كانت القبيلة منقسمة قسمين: يتزعم أحدهما الشيخ شخبوط بن ذياب، في حين يتزعم القسم الآخر الشيخ هزاع بن زايد. وتذكر المصادر البريطانية أن مكان اجتماع القوات المتحالفة كان في "دبي ديرة عرب هزاع"، كما يذكر المقيم بروس بأن مفاوضات حاكم مسقط كانت مع الشيخ بطي الذي يسميه "شيخ بني ياس"(57). غضب الإمام سعود من محاولة السيد سعيد إعادة الشيخ سلطان بن صقر إلى مشيخة القواسم ورأس الخيمة، وطرد شيخها المعين من قبله، واستعانته بالبريطانيين وأهل البحرين وبني ياس لتحقيق ذلك. لهذا أعاد سعود قائده الشهير مطلق المطيري إلى عمان حوالي منتصف عام 1228هـ/1813م، وكلفه بمعاقبة السيد سعيد. جمع المطيري أعداداً كبيرة من قبائل الظاهرة والشمال الموالين للدولة السعودية، مثل: بني ياس والنعيم والظواهر وبني قتب وبني كعب وكليب والشوامس والشيخ حميد بن ناصر الغافري والشيخ محمد بن ناصر الجبري وقومهما وتوجه بهم لمهاجمة الباطنة(58). وقد اضطر السيد عزان بن قيس حاكم صحار وغيره من حكام بلدان الباطنة إلى مصالحته لعجزهم عن المقاومة. وأخذ المطيري يتقدم بجيشه في الباطنة حتى وصل إلى بلدة المصنعة، عندها أدرك السيد سعيد عدم مقدرته على المقاومة، فقرر مقابلة المطيري في المصنعة والتوصل معه إلى اتفاق، دفع السيد سعيد بموجبه للمطيري مبلغ أربعين ألف ريال(59)، مقابل إيقاف الهجوم - كما ينص ابن رزيق - على "رعيتي [رعية السيد سعيد] ورعية عمي؛ محمد ابن الإمام، ورعية ابن عمي عزان بن قيس، ورعية عمي؛ سعيد ابن الإمام"(60). لم يرض الإمام سعود عن إيقاف المطيري لحملته بتلك السرعة، كما لم ير المطيري نفسه أن اتفاقه مع السيد سعيد يشمل من المناطق العمانية غير الباطنة ومسقط وما جاورها. لذلك أعاد الإمام سعود المطيري إلى عمان مرة أخرى في أواخر عام 1228هـ/1813م لمواصلة الضغط على السيد سعيد، وقد وجد القائد السعودي هذه المرة صعوبة في جمع الأتباع والمقاتلين من أهل عمان، وخاصة قبائل الشمال. توجه المطيري بمن اجتمع معه من أهل الظاهرة إلى الشرقية. ولما وصل إلى بلاد الحجريين من بلاد الشرقية فرق جيشه للإغارة على بلدانهم. انتهز الحجريون قلة من بقي معه من أتباعه فهاجموه في قرية الواصل من بدية، وأرداه أحدهم برصاصة من بندقيته في شهر ذي القعدة عام 1228هـ (نوفمبر 1813م)، تفرق بعدها أتباعه، وعادوا إلى البريمي(61). لما علم الإمام سعود بمقتل المطيري أرسل إلى البريمي قائداً آخر يدعى عبدالله بن مزروع، لكنه لم يكن يتمتع بكفاءة وخبرة وهيبة المطيري، كما أن ظروف الدولة السعودية في ذلك الوقت لم تكن تساعد على تحقيق أهداف الحاكم السعودي في عمان. فلما علم السيد سعيد بخروج ابن مزروع بأتباعه من البريمي لمعاقبة الحجريين جمع المقاتلين من قبائل الشرقية، وتقدم إلى بلدة نزوى. وحين وصل ابن مزروع إلى بلدة بهلا، أخبره حلفاؤه العمانيون بموضع حشود حاكم مسقط، ونصحوه بعدم التقدم(62). تأثر نفوذ الدولة السعودية في عمان وجنوب الخليج العربي كثيراً مع بداية عام 1229هـ/1814م، فبالإضافة إلى فقد تلك الدولة لمدن الحجاز ومقتل قائدها الشهير مطلق المطيري، وضعف حامياتها في عمان، شكلت عودة الشيخ سلطان بن صقر وتحالفه مع حاكم مسقط ومحاولاتهما بالتعاون مع البريطانيين وبعض قبائل جنوب الخليج للاستيلاء على رأس الخيمة ومشيخة القواسم تهديداً خطيراً لنفوذها في المنطقة بصفة عامة، ونفوذها على القواسم بصفة خاصة. فقد كان الشيخ سلطان بن صقر ما يزال يتمتع بمكانة خاصة بين القواسم، ولابد أن يكون للدعم الذي حظي به من السيد سعيد والبريطانيين والمصريين والضغوط التي كانت تواجهها الدولة السعودية في غرب الجزيرة العربية أثر في ترجيح ودعم مطالبته بزعامة القواسم، وخاصة أن الشيخ حسين بن علي الوكيل السعودي في بلاد القواسم لا ينتمي إلى بيت المشيخة التقليدي في الاتحاد القاسمي، ولم يكن من أهل رأس الخيمة. وقد تمكن الشيخ سلطان بالفعل في هذه السنة بمساعدة أتباعه وحلفائه من السيطرة على بلدة الشارقة، ثاني أهم الموانئ القاسمية. كذلك، تلقى قواسم رأس الخيمة في هذا الوقت هزيمة على يد جيرانهم بني ياس بعد مناوشات حادة بين الطرفين، خسر فيها القواسم حوالي ثلاثمئة قتيل وحوالي أربعمئة من الإبل(63). عمد الإمام سعود إزاء هذه التطورات في عمان إلى إعادة زعامة القواسم إلى بيت المشيخة القديم، فعين الشيخ حسن بن رحمة ابن عم الشيخ سلطان بن صقر شيخاً للقواسم في بداية عام 1229هـ/1814م(64). وقد هدف الحاكم السعودي من وراء هذه الخطوة - على ما يبدو - إلى إفشال مخططات كل من السيد سعيد والشيخ سلطان بن صقر والبريطانيين للاستيلاء على رأس الخيمة، ومن ثم إخراج القواسم عن سلطة السعوديين وتوقيع معاهدة معهم. كذلك هدف الحاكم السعودي من وراء تعيين الشيخ حسن بن رحمة - سليل بيت المشيخة القاسمية - إلى إيجاد منافس قوي للشيخ سلطان على مشيخة القواسم وحكم رأس الخيمة من ناحية، والمحافظة على تماسك الاتحاد القاسمي وولائه للدولة السعودية من ناحية أخرى(65).