عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 13-04-2006, 09:06 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

كما أن المقيم البريطاني لم يتمكن من التدخل في المفاوضات أو عقد أي اتفاق مع القواسم بسبب ضعف التحالف والنتيجة غير الحاسمة للحملة والتدابير التي اتخذها السيد سعيد مع القواسم(76). لقد سارع حاكم مسقط إلى شق وحدة القواسم وإضعاف قوتهم والاحتفاظ بنفوذ له عليهم ومن ثم عزلهم عن السعوديين بمجرد أن سنحت له الفرصة، متجاهلاً بذلك مصالح جميع حلفائه الذين اشتركوا معه في الحملة. لكن قواسم رأس الخيمة نقضوا اتفاقهم معه بمجرد أن ابتعد أسطوله عن بلدتهم، وأخذوا يهاجمون مراكبه والمراكب التي تتردد على موانئه(77). يبدو واضحاً أن الشيخ حسن بن رحمة وكثيراً من أتباعه وممثلي الدولة السعودية في رأس الخيمة لم يكونوا حريصين على تنفيذ ذلك الاتفاق، أو راضين بشروط السيد سعيد التي تقيد نشاطهم البحري. وقد قبلوا بالاتفاق معه لتصديع الحلف العسكري المحاصر لهم وضمان ابتعاد الأسطول المسقطي عن بلدتهم فقط. كما يبدو أيضاً أن عدم تمكن حاكم مسقط من النجاح في تكوين حلف قوي ومتماسك ضد قواسم رأس الخيمة في المرتين، الأولى والثانية، ونقض شيوخ تلك البلدة السريع لاتفاقهم معه يعود إلى عدم وضوح الوضع الحقيقي الذي كانت تمر به الدولة السعودية في نظر قبائل عمان وجنوب الخليج العربي في هذا الوقت؛ ففي حين كان السيد سعيد والشيخ سلطان بن صقر والبريطانيون واثقين من تحرج وضع السعوديين في الحجاز ومن إمكانية استغلال ذلك لصالحهم لم يكن كثير من قبائل عمان وجنوب الخليج، بما في ذلك القواسم متأكدين من ذلك. سياسة الإمام عبدالله بن سعود تجاه القواسم وحكومة مسقط: توفي الإمام سعود - الذي كان له الفضل في فرض النفوذ السعودي في عمان - في جمادى الأولى عام 1229هـ/مايو 1814م، وتولى بعده ابنه الإمام عبدالله. وبالإضافة إلى هذه الخسارة الفادحة للسعوديين تمكن محمد علي باشا الذي قدم إلى الحجاز لإدارة المعارك هناك بنفسه ضد الدولة السعودية من إلحاق هزيمة حاسمة بالقوات السعودية في بِسل شرقي الطائف في المحرم عام 1230هـ/ يناير 1815م، استطاع بعدها السيطرة على شرقي الحجاز وجنوبه وبيشة وعسير، وحرمان السعوديين من بعض أهم أقاليمهم وأشد أتباعهم ولاء لهم. وخلال الفترة نفسها أخذ ابنه طوسون باشا يتقدم بجيشه من المدينة المنورة في اتجاه نجد حتى وصل بعد منتصف ذلك العام إلى بلدة الرس الواقعة على بعد أكثر من (005 كم) إلى الشرق من المدينة(78). لقد كان لحاكم مسقط إسهام في إحراز الباشا لتلك الانتصارات فقد واجه محمد علي باشا حينما وصل إلى الحجاز في أواخر عام 1228هـ/1813م مشكلة كبيرة في نقل جنوده وعتاده ومؤنه من الموانئ المصرية إلى جدة وينبع، ومن هذين الميناءين إلى معسكراته في داخل البلاد. وقد تمكن الباشا من التغلب على مشكلة النقل هذه بين الموانئ المصرية والموانئ الحجازية عن طريق التعاقد مع حاكم مسقط على تقديم عشرين سفينة في العام؛ لتقوم بالمساعدة في نقل الجند والعتاد والمؤن واستيعاب حركة النقل الكبيرة في ميناءي جدة وينبع(79). وفي المقابل لم ينجح الباشا في التغلب على مشكلة النقل هذه بين مدن جدة ومكة والطائف حيث فقد جيشه منذ وصوله إلى الحجاز (1811م) حتى وصول محمد علي نفسه إلى هناك حوالي ثلاثين ألف بعير، ولم يستطع الباشا إقناع قبائل الحجاز بالتعاون معه للتغلب على هذه المشكلة التي شلت حركة جيشه(80). لقد أظهر الإمام عبدالله بن سعود خلال هذه الفترة تردداً شديداً في مواجهة القوات العثمانية المصرية، حيث ترك محمد علي باشا يجتاح شرق الحجاز وجنوبه وعسير دون أن يدعم أتباعه هناك، كما أنه لم يقدم على مواجهة قوات طوسون باشا في القصيم بالرغم من تفوقه على عدوه من الناحية العددية والإستراتيجية. وفي النهاية قبل الدخول في مشروع صلح غير مضمون مع طوسون باشا مكن الأخير من الانسحاب بسلام والتخلص من الوضع الخطير الذي تورط فيه في قلب الصحراء(81). وكان ضمن جيش الإمام عبدالله أثناء منازلته لقوات طوسون باشا في القصيم مقاتلون من أهل عمان(82). ولابد أنهم لحظوا الموقف الضعيف الذي آلت إليه الدولة السعودية في مواجهة القوات العثمانية المصرية في ذلك الوقت. لم يكن بإمكان الإمام عبدالله القيام بأعمال تأديبية ضد حاكم مسقط لمهاجمته رأس الخيمة للمرة الثانية في عام 1229هـ/1814م - كما فعل أبوه في العام السابق - وبدلاً من ذلك اتخذ الحاكم السعودي الجديد موقفاً توفيقياً أكثر من ذي قبل تجاه السيد سعيد، فبعث إلى مسقط وكيلاً جديداً، وزوده بتعليمات تهدف إلى استمالة الحاكم العماني والتوصل معه إلى سلام دائم(83). لكن ذلك الوكيل لم ينجح في مهمته بسبب استعصاء مشكلة رأس الخيمة. لقد كان السيد سعيد على علم بالانتصارات التي أحرزها محمد علي باشا وابنه في الحجاز وعسير والقصيم، ولذلك أصر على التخلص مما تبقى من مظاهر النفوذ السعودي في مسقط ومد نفوذه إلى رأس الخيمة. وقد كتب إلى حاكم بومبي يخبره بعدم توصله إلى أي اتفاق مع السعوديين؛ لأن الوكيل السعودي الجديد ظل يبحث عن وسائل للتقدم بدعاوى جديدة، وفرض عددا من المطالب التي لا يمكن قبولها فحسب، بل تتعارض أيضاً مع السلام، وأن السعوديين عادوا للنزاع معه عندما لم يوافق على مطالبهم، وأنه لم يعد لديه خيار سوى بذل قصارى جهده للاستيلاء على رأس الخيمة؛ لأنه إذا ما استمر وضع هذه البلدة كما هو فإن السعوديين لن يميلوا إلى السلام أبداً. وقد ختم السيد سعيد رسالته إلى حاكم بومبي بطلب دعمه بعدد من السفن الحربية(84). يظهر أن طموحات السيد سعيد التي أحيتها الضغوط العسكرية العثمانية المصرية على السعوديين لم تقتصر على مد سيطرته على رأس الخيمة وغيرها من موانئ سواحل عمان الشمالية، بل تعدت تلك الطموحات إلى جزر البحرين، فعندما سمع حاكم مسقط برغبة الفرس في طلب سفن من البريطانيين لاستخدامها في الاستيلاء على البحرين كتب إلى حاكم بومبي في 6 شوال 1228هـ/ 2 أكتوبر 1813م يستفسر منه عن ذلك، ويبلغه أن البحرين تابعة له، وأنه قد أخذها من السعوديين، وأن أهلها رعية له، وأن أملاكهم أملاك له، ثم ذكره بالصداقة والتحالف الذي يربط بينهما، وطلب منه عدم مساعدة الفرس(85).