عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 13-04-2006, 09:07 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

وفي صيف عام 1229هـ/1814م شكا شيخ البحرين للمقيم بروس من أطماع حاكم مسقط في الاستيلاء على البحرين بمساعدة خصمه؛ رحمة بن جابر الجلاهمة، كما أبلغه أيضاً أن السيد سعيد كتب رسالة إلى الحاكم السعودي سراً يطلب منه المساعدة على مهاجمة البحرين، وأن ذلك الحاكم أطلعه على تلك الرسالة(86). إن من الملفت للنظر هنا أن ادعاء شيخ البحرين بأن حاكم مسقط يراسل الحاكم السعودي ويطلب منه التعاون معه لمهاجمة البحرين - وأن ذلك الحاكم رفض العرض - يناقض مزاعم حاكم مسقط التي ظل يرددها على مسامع البريطانيين مدعياً بأنه لم يستطع التوصل إلى اتفاق مع السعوديين بسبب مطالبهم التي تتعارض مع السلام. عمد الإمام عبدالله أيضاً إلى متابعة سياسة الاستمالة والتقارب التي بدأها أبوه تجاه البريطانيين، فعندما أرسل المقيم بروس في جمادى الأولى عام 1229هـ/ مايو 1814م احتجاجاً إلى كل من حسن بن رحمة شيخ القواسم والحاكم السعودي على مهاجمة القواسم لبعض المراكب بالقرب من سواحل الهند استدعى الإمام عبدالله الشيخ حسن بن رحمة إلى الدرعية، وحذره من استثارة البريطانيين والتعدي على المراكب والسفن التابعة لهم(87). كذلك كتب الحاكم السعودي رسالة إلى المقيم البريطاني في رمضان 1229هـ/ أغسطس 1814م، أكد فيها أنه لم يأمر القواسم ولا غيرهم باعتراض المراكب البريطانية، وأنه أمر شيخ القواسم بإعادة أي ممتلكات يثبت أن القواسم أخذوها من البريطانيين، وأنه إذا وجد أنهم قد أخذوا شيئاً من ذلك فسيجبرهم على إعادته(88). لقد هدف الحاكم السعودي من وراء هذه التعهدات للبريطانيين إلى إقناعهم بصدق نواياه السلمية تجاههم وعدم رغبة السعوديين والقواسم في إلحاق الأذى بهم، وبالتالي دفعهم إلى عدم ضرب أتباعه القواسم أو تقديم المساعدة العسكرية لحاكم مسقط ضدهم أو ضد مناطقه. حين يئس الإمام عبدالله من التوصل إلى اتفاق مع السيد سعيد وتزايدت ضده ضغوط القوات العثمانية المصرية في الحجاز وعسير والقصيم، وانشغل هو بمواجهة الأخطار في الغرب، في الوقت الذي لم تعد هناك أي حامية سعودية في عمان، ولم يعد بمقدوره إرسال حملة للضغط على السيد سعيد(89) أصبح قواسم رأس الخيمة هم أداة الضغط الوحيدة على حاكم مسقط لإجباره على ترك تصلبه والتوصل إلى سلام مع السعوديين. لذلك ترك الحاكم السعودي - على ما يبدو - أمر معالجة شؤون عمان والعلاقات مع البريطانيين لأتباعه القواسم. ومن هنا أرسل الشيخ حسن بن رحمة في شوال 1229هـ/ أكتوبر 1814م مبعوثاً يدعى حسن بن محمد بن غيث إلى بوشهر يحمل رسالتين؛ إحداهما من شيخ القواسم نفسه، والأخرى من الحاكم السعودي إلى المقيم البريطاني السيد بروس، وكلفه بمهمة التفاوض مع المقيم والتوصل إلى معاهدة بين القواسم وحكومة الهند. وقد نجح ابن غيث في التوصل إلى اتفاق مبدئي مع المقيم البريطاني. لكن هذا الاتفاق لم يلبث أن انهار بسبب شدة التناقض بين البريطانيين من جهة والقواسم والسعوديين من جهة أخرى(90). أما بخصوص السيد سعيد وعمان فقد بادر القواسم إلى نقض اتفاق صيف عام 1229هـ/1814م مع حاكم مسقط فوراً - كما تقدمت الإشارة إلى ذلك - واستأنفوا هجماتهم على مراكب عمان وسواحلها. وكان أشد تلك الهجمات محاولتهم الهجوم على بلدة مطرح القريبة من مسقط في صيف عام 1230هـ/1815م، ثم اشتباكهم مع أسطول عماني كان يقوده السيد سعيد بنفسه، حيث كادوا أن يستولوا على سفينة القيادة كارولاين (Caroline) ذات الأربعين مدفعاً بالقرب من رأس قريات، وأجبروه على الانسحاب إلى مسقط بعد إصابته برصاصة من بندقية(91). أثر الحملة العثمانية المصرية الثانية على نفوذ الدولة السعودية في عمان: لم يكتف محمد علي باشا باسترداد الحرمين الشريفين والحجاز وعسير من يد الدولة السعودية، بل قرر القضاء على تلك الدولة نفسها في نجد، فأعد حملة جديدة أسند قيادتها إلى ابنه وأشهر قواده إبراهيم باشا الذي وصل إلى ينبع في ذي القعدة 1231هـ/ سبتمبر 1816م(92). أخذ إبراهيم باشا يتقدم بحذر من المدينة المنورة في اتجاه القصيم. وقد ألحقت فرقة من جيشه بالإمام عبدالله هزيمة شديدة في ماوية، على بعد حوالي (002 كم) إلى الشرق من المدينة في جمادى الآخرة 1232هـ/ مايو 1817م(93). تقدم الباشا بقواته بعد ذلك إلى القصيم، وفرض حصاراً طويلاً على بلدة الرس. كان الإمام عبدالله قد أمر بأن يجتمع المقاتلون من مناطق شمال نجد ويتمركزوا في القصيم منذ بداية عام 1232هـ/ أواخر 1816م، ثم توجه بنفسه مع بقية قواته إلى هناك، وأخذ يتجول بقواته بين غرب القصيم وعالية نجد دون أن يشتبك مع القوات الغازية. وخلال الفترة التي كان الباشا يحاصر فيها بلدة الرس كان الإمام عبدالله يقيم في بلدة عنيزة القريبة(94). ولما تصالح الباشا مع أهل الرس وتوجه منها إلى عنيزة في منتصف ذي الحجة 1232هـ/ آخر أكتوبر 1817م رحل الإمام عبدالله بقواته إلى بلدة بريدة ومنها إلى الدرعية. وقد سهل ذلك لإبراهيم باشا الاستيلاء على بلدان القصيم والوشم وسدير والتقدم إلى الدرعية وفرض الحصار عليها في جمادى الأولى 1233هـ/ أبريل 1818م(95).