عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 15-04-2006, 06:42 AM
المكتبة المكتبة غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
المشاركات: 136
إفتراضي شبهات المخذلين والرد عليها

هذا ما نقلته لكم من مجلة صوت الجهاد (للشيخ معجب الدوسري رحمه الله)أجاب عنها الشيخ(بشير النجدي حفظه الله(

1/ شبهة قتل النساء والأطفال

السؤال السابع:

إي والله يا شيخ إلى الله المشتكى ونصرك الله يا شيخنا، وجزاك الله خيراً عن أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على هذا التوضيح الذي ملأ قلبي سعادةً وسروراً، فوالله إن الحق لواضح تنشرح له الصدور ولكن يا شيخنا الحبيب يقول البعض إن الإسلام حرم قتل النساء والأطفال وهؤلاء قتلوا النساء والأطفال فما جوابكم حفظكم الله على هذا؟

الشيخ: لاشك أن من الآداب الواجب مراعاتها في حال قتال الأعداء، عدم قتل النساء والصبيان، ولكن هذا الحكم مقيد بما إذا أمكن التمييز والفصل بينهم، بمعنى أنك لا تقصد إلى قتل النساء والصبيان إذا كانوا منفردين وغير مختلطين برجالهم، أما عند عدم إمكان الفصل والتمييز بينهم لكونهم مختلطين ومجتمعين ففي هذه الحالة يختلف الحكم، فهم في هذه الحالة يدخلون مع غيرهم تبعاً وليس قصداً، فالمقصود هم الرجال ودخل النساء والأطفال تبعاً فلا يحرم قتلهم في هذه الحال، والشريعة تفرق في أحكامها بين ما هو مقصود وما هو تبع، ومن القواعد المتقررة عند العلماء أنه يجوز تبعاً ما لا يجوز قصداً واستقلالا. ومثال ذلك:

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التعذيب بالنار فلا يجوز إحراق ذوات الأرواح بالنار، ومع ذلك فقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام أمر - في بعض غزواته - بتحريق أشجار ونخيل العدو، ومعلوم أن هذه الأشجار والنخيل لا تخلو من وجود أوكار وعشش للطيور ويوجد بينها من الدواب والحشرات مالا يخفى ومع ذلك جاز هذا العمل حيث كان المقصود والأساس حرق النخل والأشجار وكان حرق الطيور والدواب والحشرات تبعاً لا قصداً.

وهذه قاعدة مهمة في شأن الجهاد والعمليات الجهادية متى ما وعينها زالت عندنا إشكالات كثيرة في هذا الباب. هذا ما أحببت أن أقرره - أولاً - بشكل عام، وأما تقرير هذه المسألة أعني جواز قتل النساء والصبيان في الحرب عند عدم إمكان التمييز بينهم وبين الرجال، فهنا أدلة خاصة في المسألة علاوة على القاعدة التي ذكرناها سابقاً.

روى البخاري ومسلم من حديث الصعب بن جَثّّّامة رضي الله عنه قال: ”سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الذراري من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم فقال هم منهم“. فهذا نصٌ صريح يجيز قتل النساء والصبيان عند عدم إمكان التمييز بينهم وبين غيرهم من الرجال. قال ابن قدامة رحمه الله: ”ويجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلا وقتلهم وهم غارّون. قال أحمد لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات قال ولا نعلم أحدا كره بيات العدو. وقرأ عليه سفيان عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جَثّّامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الديار من المشركين نبيتهم فنصيب من نسائهم وذراريهم فقال هم منهم فقال إسناد جيد فإن قيل فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والذرية قلنا هذا محمول على التعمد لقتلهم قال أحمد أما أن يتعمد قتلهم فلا قال وحديث الصعب بعد نهيه عن قتل النساء لأن نهيه عن قتل النساء حين بعث إلى ابن أبي الحقيق وعلى أن الجمع بينها ممكن يحمل النهي على التعمد والإباحة على ما عداه“ اهـ 9/370.

وقال الشوكاني رحمه الله في الكلام على هذا الحديث: ”قوله هم منهم أي في الحكم في تلك الحالة وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى المشركين إلا بوطء الذرية فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم“ اهـ نيل الأوطار 8/71.

أعتقد أن هذه الأحاديث والنصوص وأقوال العلماء فيها واضحة لا تحتاج إلى مزيد بيان، ومما يؤكد جواز هذا الأمر كذلك استخدامه صلى الله عليه وسلم المنجنيق في غزو أهل الطائف قال ابن القيم رحمه الله: ”وقاتل مرة بالمنجنيق نصبه على أهل الطائف وكان ينهى عن قتل النساء والولدان وكان ينظر في المقاتلة فمن رآه أنبت قتله ومن لم ينبت استحياه“. أ هـ من زاد المعاد 3/99 - 100.

و معلوم أن المنجنيق يرمي بقذائف قد تصيب النساء والأطفال مع الرجال، وهذا مما يؤكد جواز قتل النساء والصبيان عند تعذر الفصل بينهم وبين غيرهم. هذا كله مما قرره الفقهاء استنادا إلى نصوص الكتاب والسنة مما يتعلق بأحكام جهاد الطلب، ونحن اليوم في حالة جهاد الدفع، فليس المقصود من جهادنا غزو الأعداء في دارهم ودعوتهم إلى أحد ثلاث خصال: الإسلام، أو القبول بدفع الجزية والدخول تحت حكمنا، أو السيف، فهذا ما يسميه العلماء بجهاد الطلب، أما ما نقوم به اليوم من جهاد فالمقصود منه كف أذى الكفار من يهود ونصارى ووثنيّين عن المسلمين في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، وهذا ما يطلق عليه بجهاد الدفع، والأحكام المتعلقة بهذا النوع من الجهاد تختلف عن أحكام جهاد الطلب، وهذا النوع تطبق عليه أحكام دفع الصائل ، ويجوز لنا معاملة الكفار المعتدين بنفس الطريقة التي يعاملوننا بها، والأصل في هذا قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) فإذا قتلوا نساءنا وأطفالنا وشيوخنا جاز لنا أن نقتل نساءهم وأطفالهم وشيوخهم وإذا كان شرهم وأذاهم وعدوانهم لا يندفع إلا باستخدام الأسلحة الفتاكة وما يسمى بأسلحة الدمار الشامل والأسلحة المحرمة دولياً جاز لنا بل قد يجب قتالهم بهذه الأنواع من الأسلحة، وهذا ما نتوقع حصوله في أمريكا قريبا إن شاء الله.

و لنأخذ مثالاً واحداً على ما ذكرنا وهو مسألة التمثيل بالقتلى في الحرب، فإن التمثيل بالمقتول محرم في الأصل، وهو أن يقطع أذنه أو يجدع أنفه أو يفعل ما شابه ذلك من صور التشويه بالمقتول، فهذا حرام، ولكن إذا فعل الأعداء بقتلانا مثل ذلك جاز لنا أن نمثل بقتلاهم حتى يرتدعوا عن فعل ذلك.

قال ابن مفلح في الفروع: وعنه إن مَثَّلوا مُثِّل بهم ذكره أبو بكر: ”قال شيخنا المثلة حق لهم فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر ولهم تركها والصبر أفضل وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد ولا يكون نكالا لهم عن نظيرها فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع“. أهـ 6/203 وقوله عنه، أي عن الإمام أحمد، وقوله شيخنا يعني شيخ الإسلام ابن تيمية، رحم الله الجميع.

و هذا يدلك على أصل عظيم في مسائل التعامل في الحروب مع الأعداء، وأنهم إذا ارتكبوا المحرمات في طريقة قتالهم فإنه يجوز لنا فعل ذلك بهم وقد يجب إن لم يرتدعوا إلا بذلك. وإنما ذكرت هذا الأمر الأخير فيما يتعلق بالفرق بين أحكام جهاد الطلب وجهاد الدفع، حتى لا يعترض علينا معترض بأن هذه النصوص التي أوردناها ونقلناها إنما هي في حق الأعداء إذا كانوا في دار الحرب، بخلاف ما إذا كانوا في دارنا، مع ما في هذا الكلام من التضليل والتلبيس، فإن النصوص التي نقلناها عامة ولا دليل على هذا التفريق والله المستعان.