الحديث الثاني والثلاثون
لا ضرر ولا ضرار
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) حديث حسن رواه ابن ماجة، والدارقطني مسندا، ورواه مالك في الموطأ مرسلا، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فأسقط أبا سعيد، وله طرق يقوي بعضها بعضا
هذا الحديث، وهو الحديث الثاني والثلاثون من الأحاديث الجامعة، من الأحاديث الجامعة التي جمعت أحكاما كثيرة، وقاعدة من قواعد الدين عظيمة، ومن جهة ثبوته تنازع العلماء فيه، هل الصواب فيه الوصل أم الإرسال ؟
وقد أشار -رحمه الله -إلى بعض هذا الاختلاف. والصواب أنه حديث حسن، كما قال النووي -رحمه الله تعالى- لكثرة شواهده، والإرسال فيه لا يعل الوصل؛ لأن لكل منهما جهة كما هو معروف في علل الحديث .
وليس من شرط هذا الشرح التعرض لتحقيق مثل هذه المسائل، قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) وقوله: ( لا ضرر ) لا هنا نافية للجنس، ومن المعلوم أن النفي لا بد أن يكون متسلطا على شيء، وقد تسلط هنا على الضرر والضرار، لكن أين الخبر ؟ لا النافية للجنس تطلب خبرا كما هو معلوم، وقد يحذف خبرها، وشاع ذلك كثيرا، إذا كان خبرها معلوما، يعني: إذا كان يدرك، فلا يذكر اختصارا للكلام، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث كقوله -مثلا -: ( لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، ولا نوء، ولا غول ) كل هذه أين أخبارها ؟ الخبر غير مذكور، لا إله إلا الله، خبر لا النافية للجنس غير مذكور، وهذا معروف في اللغة شاع إسقاط الخبر، كما قال ابن مالك في الألفية، في آخر باب لا النافية للجنس.
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر .... إذا المــراد مـع سـقوطه ظهـر
فهنا يشيع إسقاط خبر لا النافية للجنس، إذا كان المراد معلوما، إذا تقرر هذا فما المراد هنا ؟ المراد أنه لا ضرر في الشرع، لا ضرر كائن في الشريعة
وهذا النفي منصب على جهتين: جهة العبادات، وجهة المعاملات وما بعدها، أما جهة العبادات، فإن الشريعة لم يأت فيها عبادة يحصل بها للمرء ضرر.
.. يتبع ..