عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-04-2006, 03:32 PM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
إفتراضي


ج- سلبيات الاتفاقية:

نقد الإطار العام: الفلسفة الكامنة، والمرجعية، والمفاهيم، والمصطلحات:

1- حسنًا فعلت الاتفاقية بالنص فى المادة (17) على مراعاة مبدأ التوزيع الجغرافى العادل، وتمثيل مختلف الأشكال الحضارية والنظم القانونية الرئيسية فى العالم، عند إنشاء لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ولكن هذه المادة لم تَسِر فى هذا الاتجاه الإيجابى، فلم تنص فى إجراءات انتخاب أعضائها على آلية تحقق مراعاة هذه الاعتبارات، وهذا نقص فى هذه المادة ينبغى استكماله أو على الأقل التحفظ عليه من قِبَل تلك النظم القانونية والأشكال الحضارية فى العالم، والتى لم تمثَّل التمثيل الدقيق بما يراعى خصوصياتها.

الأهم من ذلك هو التناقض القائم بين النص على مراعاة الخصوصيات الحضارية والثقافية والقانونية، والنصوص التفصيلية التى تكرس معايير نمطية يراد تطبيقها على جميع البشر بدون مراعاة هذه الخصوصيات، ولعل هذا هو العيب المحورى فى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حيث لم تفرق بين مستويين كان ينبغى التفرقة بينهما:

- مستوى النص على المبادئ

- مستوى تحديد الصور والوسائل التطبيقية / التفصيلية

وإذا كان المستوى الأول مناسبًا على مستوى العالمية فإن المستوى الثانى متنوع بطبيعته، وفقًا للخصوصيات الحضارية والثقافية والقانونية، وتنميطه واستخدامه على مستوى العالمية فيه إهدار لكل المبادئ المتعلقة باحترام التنوع الدينى والثقافى، وسيادة الدول، وحق الشعب فى تقرير المصير، والتى نصت عليها المواثيق الدولية، وفى مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة - وهو دستور المجتمع الدولى والذى يعلو كافة المعاهدات الأخرى - حيث نص فى مادته (103) على أنه:

(إذا تعارضت الالتزامات التى يرتبط بها أعضاء الأمم المتحدة وفقًا لأحكام هذا الميثاق مع أى التزام دولى آخر يرتبطون به، فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق).

وميثاق الأمم المتحدة قد نص على احترام كافة الأشكال الحضارية، وكافة نظم الاعتقاد الدينى فى العالم، وأن تخرج معاهداته واتفاقياته بما يتسق مع هذا الاحترام، غير أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تغلب عليها نظرة واحدة للإنسان والكون والحياة، هى النظرة الغربية* التى ليس للقيم الدينية أو الخصوصيات الحضارية مكان فيها.

وهذا النقد ثبتت صحته عمليًّا فى إطار الأمم المتحدة ووحداتها المتخصصة، ففى عام 1989 بدأ العقد العالمى للتنمية الثقافية، وفى نهاية العقد تبين أن فشل كثير من برامج الأمم المتحدة يعود إلى عدم مراعاة الخصوصيات الحضارية.

أما بخصوص ما تطرحه الاتفاقية من حقوق وواجبات، فإنه يغلب عليها سيادة النظرة الغربية التى تحمل مضمونًا لمنظومة الحقوق والواجبات يختلف عن مضمون منظومة الحقوق والواجبات لدى كثير من حضارات العالم، ومن ثم فإن فرض الرؤية الغربية على الاتفاقية يقلل من إمكانية نجاحها فى تحرير نساء العالم مما يعانينه من مظالم.

2-لعل أهم عناصر الفلسفة الكامنة خلف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة CEDAW هى نظرتها للإنسان باعتباره كائنًا ماديًّا بسيطًا (غير مركب، وغير متجاوز للمادة) يستمد معياريته من نفس القوانين الطبيعية المادية، ويخضع لنفس الظروف المادية وللحتميات الطبيعية.


__________________
الرد مع إقتباس