عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 19-04-2006, 04:22 PM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
Smile

معايير القانون الإنساني باعتبارها أكثر الأطر القانونية ملاءمة

كثيراً ما تطبق المعايير الإنسانية فيما يتعلق بممارسات لا تتناسب بسهولة مع المؤشرات التقليدية لانتهاكات حقوق الإنسان, وبخاصة عندما يريد أحد المقررين اتخاذ موقف بخصوص وسيلة من وسائل الحرب بذاتها وليس من أفعال محددة تؤثر على حقوق ضحايا ظاهرين: وبكلمات أخرى, عندما يركز التحليل على واجبات الدولة وليس على الحقوق بذاتها.

واستخدام الألغام مثال لذلك. ففي 1993, خلص المقرر الخاص, مشيرا إلى الوضع في شمال العراق, إلى ما يلي:

"… في بعض الحالات, زرعت الألغام … لمنع المدنيين من العيش والفلاحة بأساليبهم التقليدية. وبهذه الطريقة, لا يكون لكثير من المدنيين خيار سوى الانتقال إلى القرى المجمعة التي بنتها الحكومة. وبهذا الشأن, يوجه المقرر الخاص الانتباه إلى بروتوكول الألغام الأرضية لعام 1981. فطبقاً لهذا الصك الإنساني, ينبغي اتخاذ الإجراءات لحماية المدنيين من آثار الألغام مع حظر استخدام الألغام دون تمييز." [1]

ويمثل استخدام الأسلحة الكيميائية مثالاً آخر. ففي عام 1994,إذ خلص المقرر الخاص بشأن العراق إلى أن استخدام العراق لتلك الأسلحة ضد قرى الأكراد قد أظهر "مسؤولية الدولة عن الانتهاكات الخطيرة لبروتوكول جنيف لعام 1925 لحظر استخدام الغازات الخانقة أو السامة أو الوسائل البكتريولوجية كوسائل للقتال" [2]. وبينما يمكن في ضوء قانون حقوق الإنسان النظر إلى استخدام الأسلحة الكيميائية على أنه لا يتفق والحق في الحياة, والحق في الصحة, وعلى أنه شكل من أشكال التعذيب أيضاً, يبدو الاحتجاج بهذه المعايير طريقاً ملتوياً على نحو غير ضروري في مثل هذه الحالة. وبافتراض أن متطلبات تطبيق المعايير الإنسانية ذات الصلة متوفرة, فإن النهج الذي اتبعه المقرر الخاص بشأن العراق يتسم بالوضوح والبساطة.

والنزوح القسري للسكان مثال ثالث. ويميل المقررون إلى عدم اعتبار هذا النزوح انتهاكاً للمعايير الدولية إلا عندما ينطبق البروتوكول الثاني [3]. ويعد تقرير ممثل الأمين العام بشأن الأشخاص النازحين داخليا عن بوروندي أحد تلك الأمثلة [4]. إن النزوح القسري هو أحد المجالات التي يمكن فيها استخدام القانون الدولي الإنساني لتفسير القانون الدولي لحقوق الإنسان, حيث أن الأحكام ذات الصلة هي المعايير الموضوعية الواردة في المادة 17 من البروتوكول الثاني وأحكام قانون حقوق الإنسان المتعلقة بحرية التنقل والإقامة (مثال للنوع الرابع من الأوضاع).والواقع أن المبادئ التوجيهية بشأن النزوح الداخلي تنص على أن النزوح الذي لا يتفق والمادة 17, الفقرة 1, من البروتوكول الثاني, يمثل حرماناً تعسفياً أو تقييداً لهذه الحرية [5]. ومن المثير للدهشة أن هذه النتيجة لم يتم التوصل إليها في تقارير الممثل عن البلدان التي ليست أطرافاً في البروتوكول الثاني.

وتعد أنشطة شعبة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة للمراقبة في السلفادور مثالا فريداً لتطبيق القانون الإنساني بواسطة آلية لحقوق الإنسان تتبع الأمم المتحدة. وكأول بعثة ميدانية للأمم المتحدة تكلف بولاية تتعلق بحقوق الإنسان, أصبحت شعبة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة للمراقبة في السلفادور عاملة بينما كانت المفاوضات تجري لتسوية النزاع المسلح الداخلي في هذا البلد. وبالرغم من أنه كانت لديها ولاية واضحة برصد انتهاكات القانون الدولي الإنساني بالإضافة إلى انتهاكات قانون حقوق الإنسان, فإن شعبة حقوق الإنسان التابعة لبعثة الأمم المتحدة للمراقبة في السلفادور قررت إعطاء الأولوية للمهمة الثانية. وارتكز هذا القرار جزئياً على تفسيرها لنية أطراف الاتفاق في تعريف ولايتها, ولكنه اتخذ أيضاً من منطلق احترام دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر ولأن شعبة حقوق الإنسان أرادت تفادي أية ازدواجية في الجهود غير ضرورية, وربما ضارة بالنتائج [6]
.
__________________