عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 19-04-2006, 04:26 PM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
Smile

القانون الإنساني يدعم قانون حقوق الإنسان
في النوع الثاني من الأوضاع, تطبق معايير القانون الإنساني, لا لأن هناك حاجة فعلية لها لتقييم مشروعية ممارسة معينة, ولكن ببساطة لأن ظروف انتهاك ما توحي بأن من المناسب الرجوع إلى هذه المعايير. وتمثل مذابح المدنيين التي ترتكبها الوحدات العسكرية مثالاً نموذجياً: من الثابت أن الإعدام خارج القضاء لمجموعة من الأفراد غير المسلحين بلا سبب غير ميولهم السياسية الحقيقية أو المفترضة أو الدعم المادي الذي قدموه إلى حركة مسلحة غير مشروعة ينتهك الحق في الحياة بمقتضى صكوك حقوق الإنسان. ومع ذلك, فكون أعمال القتل هذه قد ارتكبها أفراد القوات المسلحة باستخدام أسلحة وتكتيكات عسكرية في سياق نزاع مسلح يجعل من المناسب تطبيق معايير القانون الإنساني ذات الصلة بالإضافة إلى قانون حقوق الإنسان.

وقد لاحظ أول مقرر خاص بشأن الإعدام خارج القضاء, والإعدام بمحاكمة موجزة, والتعسفي (سيشار إليه فيما يلي "المقرر الخاص بشأن الإعدام"), في تقريره عن كولومبيا عام 1990, أن "قوات القانون والنظام تفشل في الحملات المضادة للتمرد في الالتزام بمبادئ أساسية معينة من القانون الدولي الإنساني مثل مبدأ عدم استخدام العنف ضد السكان المدنيين" [9]. وكانت الأمثلة التي جاء ذكرها هي المذابح المتعمدة لسكان القرى العزل وإعدام رجال العصابات الذين قبض عليهم [15]. وبالمثل, وجد المقرر الخاص بشأن مينامار أن العمل والتشغيل القسري في العتالة أثناء عمليات مكافحة التمرد يخرق كلاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الإنسانية. [11]

قد يكون هناك دافع نفساني, إرادي أو لا إرادي, وراء الميل لتطبيق القانون الدولي الإنساني في هذه الظروف. وتخدم الإشارة إلى القانون الإنساني تأكيد خطورة الجرم : فلا يخرق عمل معين قانون حقوق الإنسان فقط, لكنه يخرق أيضا القانون الإنساني. وإذا نحينا الاعتبارات الفنية جانباً, نجد أنه يوجد تصور عام بأن القانون الدولي الإنساني قد صمم ليغطي الحرب, بينما قانون حقوق الإنسان قد صمم ليغطي المواقف المعتادة; وحيث أن الحروب يسمح فيها بأكثر مما يسمح به وقت السلم, فإن تأكيد انتهاك القانون الإنساني – أي أن ما حدث محظور حتى أثناء النزاع المسلح - يحمل دلالة استنكار أخلاقي أعظم.

ويتمثل أحد الأمثلة في إعدام جيش السلفادور لممرضة قبض عليها في هجوم على مستشفى تابع لجبهة فارابوندو مارتي الوطنية للتحرير, الذي خلصت لجنة تقضى الحقائق إلى كونه "انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان." من المؤكد أن اللجنة كانت ستخلص إلى كون الإعدام خارج القضاء لشخص محروم من حريته لا يتفق والقانون الدولي لحقوق الإنسان, حتى وإن كان القانون الإنساني غير منطبق. ومع ذلك, فإن الانتهاء إلى كون مقتل الراهبة يعد انتهاكاً لقوانين الحرب – ولا سيما في ظل الوضع الخاص الذي يكفله القانون الإنساني لأفراد الخدمات الطبية العاملين في نزاع مسلح - يبرز خطورة الخروج على واجب أخلاقي وقانوني مقبول عالمياً.

ويهتم المقررون أيضاً بالتأثير العام للنزاع على السكان وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الجماعية. ويمكن تناول هذه القضايا أيضاً من خلال قانون حقوق الإنسان أو القانون الإنساني أو كليهما. وفي تقرير صدر في 1993, أعلن المقرر الخاص بشأن العراق : "من الواضح أن الطوق الاقتصادي المفروض ضد منطقة الأكراد لا يتفق والتزامات العراق طبقاً لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان (فيما يختص بالحقوق الاقتصادية, بقدر ما يهدد البقاء على قيد الحياة وحق الحياة) والقانون الدولي الإنساني, بالقدر الذي يرقى فيه الطوق إلى مرتبة الحصار
"[12]
.
__________________