عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 21-04-2006, 05:06 AM
محمدفاضل محمدفاضل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 95
إفتراضي

مناقشات أخوية مع من يقبل الحق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا واصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه................... أما بعد:
فهذه مسائل ترددت مدة في كتابتها لأسباب كثيرة ومثبطات جسيمة ومن أبرزها:
1ـ إقتناعي بعض الشيء بقلة من يطلب الحق للحق لا للتعصب .
2ـ كثرة من كتب في هذه المسائل قديماً وحديثاً .
ولكن طلباً للثواب من الكريم التواب وطلب لنصرة الحق وإعلاء كلمته وتفاؤل بأناس من طلبة العلم همهم طلب الحق وسعيهم في الانقياد إليه كتبت هذه السلسة عسى أن يكون فيها فائدة لمستفيد وإيقاظ لمن كان للحق مريد ولاحول ولا قوة لي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب :

المسألة الأولى :الخطأ في تقرير توحيد الربوبية .
لأن التوحيد هو أعظم مطلوب فأبدأ به
وأول أقسامه على الاصطلاح الدراسي في المناهج التعليمية توحيد الربوبية :
توحيد الربوبية : هو إفراد الله تعالى بأفعاله ومنها الخلق والرزق والتدبير .

طبعاً ليس المراد التوسع في ذلك ولكن المقصود بيان المسألة بحدها ( تعريفها) وتطبيقها ومايرد عليها ووجه الانتقاد هنا:
فالمتأمل في الحد المذكور بعاليه يجد أن توحيد الربوبية منصب على اعتقاد العبد انفراد الله بأفعاله سبحانه وتعالى ثم ضٌرب أمثلة على أفعال الرب سبحانه وتعالى بذكر الخلق والرزق والتدبير وليست أفعال الرب سبحانه وتعالى محصورة في ذلك بل إنما هي أمثلة لبعض أفعاله.
إذا كان الأمر كذلك فهل كفار قريش وحدوا الله في الربوبية ( أي إفراده بأفعاله ) أم أنهم كفار في هذه المسألة ؟!
تتابع أهل التدريس على مختلف المستويات على قولهم إن كفار قريش موحدون في الربوبية !بدليل قوله تعالى (( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله))
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}

، وَقَوْلَهُ تَعَالَى{قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ، قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ، قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}

فأفادت الآيات الكريمة أن كفار قريش قد وحدوا الله في الربوبية . هكذا يقال .!!
وهذا الكلام غير صحيح لأسباب :
1ـ أن افعال الرب ـ سبحانه وتعالى ـ غير محصورة في الخالقية أو الرزق أو التدبير بل المذكور في الآيات شيء من أفعال المولى سبحانه وتعالى وليست كل أفعاله فكيف نقول أنهم قد وحدوا الله في أفعاله ( أي في ربوبته ) وهم قد جحدوا أشياء من أفعاله منها البعث والنشور فيقول قائلهم ـ وقد أخذعظم قد أرم ـ : يا محمد أتزعم أن ربك يعيد هذا ؟!!والقائل هو العاص بن وائل القرشي
وقال تعالى (( زعم اللذين كفروا أن لن يبعثوا ..) فأين التوحيد في الربوبية ؟ ! فكونهم اعترفوا ببعض الأفعال لا يعني ذلك توحيدهم في بقية الربوبية .بل لو أقروا بالبعث والنشور وسائر أفعال الخالق سبحانه وتعالى ثم اسثنوا نملة من مخلوقاته أو ذرة من التراب وقالوا خلق الله جميع الخلق إلا هذه النملة أو هذه الذرة من التراب ،لكانوا بذلك كفاراً غير موحدين في الربوبية .فكيف وقد جحدوا البعث والنشور وزعموا أن اصنامهم شريكة لله في التصرف والتدبير وغير ذلك من ترهاتهم؟
2ـ كونهم يقرون لله ببعض أفعاله لايعني أنهم ينفون الشريك له فيها ولذا فنكمل الآية السابقة حتى يتبين الحق ولا تجتزيء النصوص ونبترها فيخفى الحق عن طالبه وسأسوق الآيات السابقات وما يتبعها من آيات حتى يتكامل المعنى لدى طالب الحق ((، قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ، سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ89 بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون 90 ما اتخذ الله من ولد وماكان معه من إله إذاً لذهب كل إله بماخلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون 91 عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون 92))
وهنا بارك الله بكم اكتملت الآيات واتضح المراد .
قال الإمام القرطبي في تفسيره: ((بل أتيناهم بالحق)) أي بالقول الصدق لا ما تقول الكفار من إثبات الشريك ونفي البعث . أ ـ هـ
وقد وضعت لك تحت كل شاهد على ما اسلفنا خطاً لتعلم أن الإقرار بالربوبية إنما هو إقرار ببعض الأفعال لا بكلها ودون نفي وجود الشريك من آلهة أخرى ولاحظ أخي رعاك الله قوله تعالى ((وماكان معه من إله إذاً لذهب كل إله بماخلق)
هل تتصور أن المولى عزوجل يخاطبهم بأمور لم تقع منهم بل ويدلل ببرهان التمانع على عقائد لم يعتقدوها !!سبحانه وتعالى عن ذلك .( معنى التمانع كون كل إله يذهب بماخلق)
فكفار قريش يعتقدون بوجود شركاء لله في الخالقية ويعتقدون أن الله الخالق سبحانه وتعالى والأمر جلي لمن تبصر ففيه ثلاث نقاط :
الأولى : اعترافهم أن الله مدبر متصرف رازق خالق فهم مقرون به : وهم بذلك يفترقون عن من ينكر ربوبية الله مطلقاً .
الثانية: اعتقاد وجود الشركاء لله ولو في بعض أفعاله ( ربوبيته ) .وهم بذلك يفارقون من يعتقد أنه لا شريك له في ذلك.
الثالثة : أن هذا الاعتراف منهم أو المعرفة لا يعني أنهم موحدون في الربوبية لأن التصديق والإذعان غير متوفر فيهم فكيف نقول أنهم موحدون ؟ وأي توحيد هذا؟
النتيجة : أن كفار قريش لم يوحدوا في الربوبية وعليه فالشهادة لهم بذلك خطأ واضح فكيف بتقرير ذلك و نشره والتقليد فيه أليس في هذا بعد عن الصواب شاب عليه الكهل من أهل العلم ونشأ عليه الشباب؟ !!
فنسأل الله أن يهدي من يقرر ذلك أويشهد به لهم وأن يتوب علينا وعليه .

ثانياً : تفرع على التقعيد الأول ـ وهو اعتقاد أن الكفار قد وحدوا في الربوبية ـ اعتقاد أخر وهو أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لم يبعثهم الله لتوحيد الربوبية وإنما بعثهم لتوحيد العبادة لأن الناس على التوحيد الحق في الربوبية .!!
وهذا باطل بما سبق وأضيف تنبيه يسير مع سوق بعض الأدلة :
فأما التنبيه: فاعلم أخي الحبيب أن الحكم في مسألة من المسائل العقدية أو الفرعية لابد أن يكون مكتمل الشروط ومن تلك الشروط جمع جميع الأدلة في المسألة ، فلا يجوز الأخذ ببعضها وإهمال بعضها الأخر وهي نقطة أساسية لمعرفة أسباب الخطأ الذي وقع فيه كثير من المنظرين لمسألة الربوبية وغيرها من المسائل فأخذبعض النصوص كالتي تم سياقها وترك النصوص الأخرى في نفس المسألة ،تسبب في استدلال خاطىء وتصور غير صحيح نتج عنه حكم غير صحيح .
وقد وردت آيات كثيرة في شأن الربوبية فمنها:
قوله تعالى رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً) .
فرتب العبادة على الربوبية ، ويقول تعالى : ( ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ) يشير إلى أنه لا ينبغي السجود إلا لمن ثبت اقتداره التام ، ولا معنى لأن نسجد لغيره ، هذا هو المعقول ، ويدل عليه القرآن والسنة .
أما القرآن فقد قال : ( ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ) ، فصرح بتعدد الأرباب عندهم ، فكيف نقول أنهم قد وحد الله في الربوبية وأن جميع الأنبياء لم يبعثوا لدعوة الناس لتحقيق الربوبية وإنما بعثوا لتوحيد الألوهية !! .
ويقول الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام لصاحبي السجن وهو يدعوهما إلى التوحيد : ( أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) ، ويقول الله تعالى أيضا : (وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي)
ومثل ذلك قوله تعالى : ( لكّنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً) خطاباً لمن أنكر ربوبيته تعالى ، وانظر أخي الحبيب إلى قولهم يوم القيامة : ( تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين ) ، ـ وانظر إلى قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا) * الفرقان : 60
.. ) ، فهل ترى صاحب هذا الكلام موحداً أو معترفاً ؟!.
، فإذن ليس عند هؤلاء الكفار توحيد الربوبية على حقيقته .
ويقول الله في أخذ الميثاق : ( ألست بربكم قالوا بلى)وجعله سبحانه حجة على من أشركوا به في العبادة حيث قال ((أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين.أو تقولوا انما أشرك أباؤنا من قبل )اليس هذا صريحا في أن أخذ العهد بتوحيد الربوبية هو أخذ للعهد بتوحيد العبادة؟
، فلو كان الإقرار بالربوبية غير كاف وكان متحقق عند المشركين ولكنه لا ينفعهم ـ كما يقول البعض ، ما صح أن يؤخذ عليهم الميثاق بهذا ، ولا صح أن يقولوا يوم القيامة : ( إنا كنا عن هذا غافلين ) ، وما كانت محاورة فرعون لموسى عليه الصلاة والسلام إلا في الربوبية وقد قال : ( أنا ربكم الأعلى ) ثم قال : ( لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين ).
((قال فرعون وما رب العالمين .قال رب السموات والأرض وما بينهما ان كنتم موقنين.قال لمن حوله ألا تستمعون,قال ربكم ورب ابائكم الأولين.قال ان رسولكم الذي أرسل اليكم لمجنون.قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ))
وأما السنة فسؤال الملكين للميت عن ربه ، وكان الواجب على تقرير من يقول أنهم قد وحدوا في الربوبية أن يقولوا للميت : من إلهك لا من ربك !! أو يسألوه عن هذا وذاك بما أن الناس قد وحدوا في الربوبية ! والحق أن التلازم بينهما جلي فالإله هو الرب والرب هو الإله ومن أقر بأنه الله لا شريك له في أفعاله فلن يعبد غيره .
وإن شئت فانظر إلى قولهم لهود عليه الصلاة والسلام : ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء )
ثم انظر بعد ذلك في زرعهم وأنعامهم : (هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ) ، فقدموا شركاءهم على الله تعالى في أصغر الأمور وأحقرها .
وقال تعالى في بيان اعتقادهم في الأصنام : ( وما نرى معكم من شفعائكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ) ، فذكر أنهم يعتقدون أنهم شركاء فيهم ، ومن ذلك قول أبي سفيان يوم أحد : ( أعل هبل ) ، فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله : ( الله أعلى وأجل) ، فانظر إلى هذا ثم قل لي ماذا ترى في ذلك من التوحيد الذي ينسبه إليهم من ينسبه ويقول : إنهم فيه مثل المسلمين سواء بسواء وإنما افترقوا بتوحيد الألوهية ؟!.
وأدل من ذلك كله قوله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) ، إلى غير ذلك مما يطول شرحه ، فهل ترى لهم توحيداً بعد ذلك يصح أن يقال فيه إنه عقيدة ؟!.