
21-04-2006, 05:10 AM
|
Registered User
|
|
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 95
|
|
المسألة الثانية : توحيد العبادة : هو إفراد الله تعالىبأفعال العبد من صلاة ودعاء وصيام وسائر أعمال التعبد .
وقبل أن نتكلم عن توحيد العبادة نتكلم عن الشرك الأكبر فبضدها تتميز الأشياء :
الشرك ينقسم إلى قسمين :شرك أكبر وهو مدار بحثنا وشرك أصغر .
فالشرك الأكبر له حد وتعريف ولما كان الشرك من أعظم الذنوب بينه الشرع أتم بيان بل ورد التصريح ببيان معناه :
1ـ تعريف الشرك الأكبر: عرفه من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم كماجاء في الصحيحين حين سأله بعض من يحتاج إلى تجلية وبيان حد أعظم الذنوب فقال يارسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال: ((أن تجعل لله نداً وهو خلقك))
والنِّد : قال الأخفش: هو الضِد والشبيه ، فهو يشتمل على معنيين :ـ
الأول : الشبيه والنظير ، والثاني : الضد المخالف ، وهذا ما جزم به أهل اللغة وأهل فقه الحديث ، كابن الأثير في ( النهاية ) . إذن هو نظيرٌ لله ـ عز وجل ـ بزعم من يعبده ، ويخالف الله حقيقة في ذاته وأسمائه وصفاته .
ولذا قال تعالى (( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله))
فمن اتخذ صنماً أو شيئاً من الأشياء كنظير مساوي لله أو يعتقد أنه أعظم من الله فقد كفر.
أخي الكريم تأمل الصور التالية حق التأمل:
الصورة الأولى : إنسان يدعواويصلي وظاهر صفة صلاته كصلاة المسلمين غير أن نيتة وقصده التعبد والتقرب للشمس .
الصورة الثانية : رجل يصلي ويدعوامع النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهد معه ومع الصحب الكرام بيد أن نيته وقصده ليس العبادة وإنما للدنيا أو لجاه أو لخوف من المسلمين .فهو منافق نفاق عقدي. ( تنبيه هذا يخالف الشرك الأصغر لأن الرياء صاحبه يعبد الله ويزين هذه العبادة لأجل الناس ففرق بين الحالتين.
الصورة الثالثة : رجل يصلي ويدعوا ويصوم ونيته وقصده ابتغاء رضى الله .
كل هذه الصور السابقة متماثلة الظاهر ولم يميز بينها إلا النية والقصد.
فإذا كانت النية والقصد هي مدار العمل فهل هناك فرق بين فعل المسلمين في أغلب أنحاء الأرض وفعل المشركين من قريش وغيرها أم كلاهما كافر؟
نضرب أمثلة أخرى للإيضاح :
أنت رجل مسلم :
1ـ أتاك ضيوف من العلماء الصالحين فذبحت لهم مجاملة وجري على عادات وعرف الناس لا بنية التعبد بإكرام هؤلاء الضيوف من علماء الأمة.= فلا أجر لك ولا أثم عليك لأن ذلك مباح.
2ـ وجاء الأخر فذبح يرجو الأجر والمثوبة من عند الله بإكرامه الضيف فنوى بها التعبد لله بإكرام هؤلاء الصالحين وهذا مستحب .= فله الأجر بحسن قصده وتقربه لله.
3ـ وذبح أخر هدي بقصد التعبد لله بشعيرة من العبادات وهي الهدي .
4ـ وذبح أخر هدي رياء ومجاملة للناس .= فهو آثم وقد يحبط عمله على تفصيل في المذاهب.
5ـ وجاء الأخر فذبح للجن عبادة لهم من دون الله لكي يتعلم السحر .= فهو كافر لأن نيته عبادة غير الله تعالى .
لاحظ أخي الكريم أن الصور الظاهرة في كل تلك الأعمال لم يفرق بينها إلا النية .
مثال أخير : رجل مريض أخذ الدواء :
الصورة الأولى : أخذه ينوي أن هذا الدواء شريكاً لله في الشفاء .أو مستقلاً عن الله في ذلك
= فهو كافر خارج من ملة الإسلام.
الصورة الثانية : رجل أخذ الدواء وينوي أن هذا الدواء مجرد سبب من الأسباب وهو سبب عادي والشفاء حقيقة من الله .= فلا شيء عليه .
الصورة الثالثة : رجل أخذ الدواء وينوي أن هذا الدواء مجرد سبب من الأسباب وهو سبب عادي والشفاء حقيقة من الله ولكن الدواء لا يصلح للمرض الذي يعانيه فمرضه بالسرطان مثلاً أجارنا الله وإياكم من كل سوءوالدواء مسكن للحرارة فقط . = فهذا جاهل بالدواء ولا يقال إنه مشرك ولا أنه وقع في الشرك ولا أنه تعاطى محرم .
أخي اللبيب : الفرق بين الدواء المذكور في المثال وبين التوسل بالميت أن الدواء جماد لا روح فيه
بخلاف الميت وإلا فكلاهما سبب والتعامل معهما من باب تعاطي الأسباب .
وهؤلاء المتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم يعتقدون أن الرسول مجردسبب والمعطي حقيقة هو الله تعالى .
فإن قلت أن الله قريب لا يحتاج لسبب
فجواب المنصف يقول للمريض : الشفاء من الله لا يحتاج إلى سبب والله قريب ((واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشي لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك))
وعلى الجملة يلزم سد باب الأسباب والمسببات والوسائل والوسائط ، وهو خلاف السنة الإلهية التي قام عليها بناء هذه العوالم كلها من أولها إلى آخرها .
فإن قلت :أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل ولا ينافي أن الأمر كله لله فأقول لكم فأنصف فإن هذا يجري في سائر الأسباب.
فإن قلت :أن الميت لا يسمع ولا عن نفسه يدفع : فأقول لك أخي هذا رأيك واجتهادك ولكن كثير من العلماء يقولون :أنه الميت يسمع وأن الله قد يعطينا إكرام له إن كان نبي أو ولي صالح.
ودليلهم في كونه يسمع أهل قليب بدر ) و ( سماع الميت لقرع النعال) ، ( والسلام على الأموات عند الزيارة ) وغيرها كثيرفلو لم يكن الميت يسمع لكان فعلنا وسلامنا عليه سفهاً .وراجع كتاب الروح لابن القيم وكتاب التذكرة للقرطبي فستعلم أكثر.
وأما استدلال من يستدل بقوله تعالى (( وما أنت بمسمع من في القبور ))على أنه نفي لسماع الأموات للأحياء فليس المقصود ذلك بل المقصود سمع إجابة وإيمان لا مجرد السمع الحسي فإن الكفار يسمعون سمعاً حسي ولكن لا إجابة وكذا الأموات وهذا فيه جمع بين النصوص الدالة على سمع الأموات للأحياء وانظر إلى تفاسير علماء الأمة في ذلك و نسوق الأية بسياقها وسباقها حتى يكتمل المعنى: قال الله تعالى (( ولا يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحيآء ولا الأموات إن الله يسمع من يشآء ومآ أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير )) فالكلام كله كان في هل الكافر يستجيب لدعوة الإسلام أما لا يستجيب كمثل الميت الذي لا يستطيع إجابة دعوة الإسلام.
وأما كون دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ينفع كسبب فقد ثبت ذلك بالتجربة كما ثبت نفع الدواء في إزالة المرض بالتجربة .
ولا يلزم أن يطرد في النتيجة مع كل إنسان وفي كل حال كما لا يلزم أن يحصل الشفاء باستعمال الدواء مع كل إنسان وفي كل حال .
وأيضاً ثبت عندهم بآحاديث صحيحة ليس هذا مكان ذكرها ولكن فيها كتب ككتاب إعلاء المنارة في تخريج احاديث التوسل والزيارة فليراجع أو تجده على شبكة النت .
ثم لو سلموا لنا بأن الميت ليس بسبب ينفع أو يضر فغاية ما نقول: إنه كمن يأخذ الدواء في غير ما صنع له كما في المثال السابق.فهل نقول أنه مشرل شركاً أصغر أو أكبر لأنه أخذ بسبب لا نفع فيه.فلم يقل أحد من سلف العلماء ومن اتبعهم أن من تعاطى سبب لا ينفع فهو مشرك شركاً اصغر ولم نسمع به إلا في غربة العلم .
وعليه فللمسألة جهتان:
1ـ أن يدعوالميت ويناديه على أنه متصرف بالأمر استقلالاً أو أنه شريك وند لله تعالى فهذا كفر وشرك أكبر لا خلاف هنا .
2ـ أن يدعوالميت ويناديه على أنه سبب فقط لا متصرف بالأمر استقلالاً ولاشريك لله تعالى فهذا جائز .
فإن كان سبب حقيقي فلماذا ننكر عليه وإن كان سبب لا طائل تحته فلماذا التبديع والتكفير ؟!
|