عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 21-04-2006, 05:17 AM
محمدفاضل محمدفاضل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 95
إفتراضي

تنبيه أخير : كل ما تجد من الآيات والأحاديث التي يستدل بها من يكفر المسلمين كفر وصفي أو معين فاحملها على معنى التعبد أي أنهم يعبدون اصنامهم بهذه الأدعية كشركاء لله أو استقلالاً عن الله .
﴿فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾ قال القرطبي : في تفسيرها فلا تشركوا فيها صنماً وغيره مما يعبد.أ ـ هـ أنظر تفسير القرطبي لسورة الجن .
والحاصل أن الآيات والأحاديث في الباب كثيرة وهي لا تخرج عن نوعين:
الأولى: عبادة لغير الله وهذا كفر بالإجماع لأن اعتقاد شريك لله أو إلهاً للعالم غير الله فهو كفر.
الثاني: أن يكون دعاءه لغير الله على وجه التعبد لذلك الصنم أو النبي أو أي مخلوق ولو كان بقصد التقرب لله فإنه كفر أيضاً لأن صرف أي عبادة لغير الله كفر لأن العبادة نهاية التعظيم ونهاية التعظيم لا تكون إلا لله .( لكن تذكر أن الدعي ناوياً بدعاءه عبادة ذلك الغير ).وهذا كطلب بني اسرائيل من موسى أن يجعل لهم إلهاً كآلهة الكفار وطلب الصحابة حدثاء العهد بالكفر أن يجعلهم لهم شجرة ذات أنواط كالشجرة التي يعظمها الكفار .
لاحظ أخي [ عن أبي واقد الَّليثي قال: [ خرجنا مع رسول الله  إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سِدرة يعكفون عليها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها : ذات أنواط فقلنا يار سول الله اجعل لنا ذات أنواط ، كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله  : ( الله أكبر إنها السُنَن قلتم ، والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى : { اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة } تنبه أخي الكريم مشكوراً إلى عدة نقاط :
أولها : أنهم حدثاء عهد بكفر و المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه ؛ لا يأمن أن يكون في قلبه بقية من تلك العبادة .
ثانيهما: فيه تشبيه لمقالة أصحابه  بمقالة بني اسرائيل لموسى ، بجامع أن كُلاً طلب أن يجعل له ما يألهه ويعبده من دون الله ، وإن اختلف اللفظان فالمعنى واحد . وفي هذا دلالة على أن اعتقاد ذلك شرك أكبر ، أما مقالة بني اسرائيل فواضحة ، وأما مقالة أصحابه فلتسويته  بين مقالتهم ومقالة بني اسرائيل مؤكداً ذلك بالقسم .
ففي الحديث تصريح بأنهم كانوا يريدون عبادته مع الله تعالى كما فعل قوم موسى.
فإنزال حديث أناس حدثاء عهد بكفر على أناس قد استقر في قلوبهم الإسلام أعوام مديدة في دول إسلامية عديدة خطأ بين وظلم لإخواننا المسلمين ولذا فإن من تقدم اسلامه من الصحابة لا يجهل هذا ، وكذلك قوم موسى فيهم سبعون رجل لا يجهلون أن ذلك أن ذلك من الكفر كما قال اصحاب التفاسير ومنهم . قال ابن جريج :كانت تلك الأصنام تماثيل بقر وذلك أول بيان قصة العجل .أنظر تفسير الرازي 138من الأعراف.وتفسير القرطبي نفس الآية .


مثاله (أن منافق كان يؤذي المؤمنين فقال أبو بكر قوموا بنا نستغيث برسول الله من هذا المنافق : فقال : (( إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله )) هذا الحديث ضعيف ولكن على فرض ثبوته فيستفاد منه التالي:
1ـ أنه بقصد تعليم الصحابة حتى لا يغلوا فيه كغلوالنصارى في المسيح وغلوهم فيه هو عبادته واعتقاد كونه ولد لله وأنه إلهاً مع الله قال تعالى (( لقد كفر اللذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )) فخشي الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعبدوه وهم حدثاء عهد بكفر.وهو كقوله (( وإذا استعنت فاستعن بالله)) فلا يعني ذلك عدم جواز الأخذ بالأسباب وطلب العون من الناس ولا يعني عدم جواز الاستغاثة بالمخلوق.
2ـ أن في الحديث استغاثة بحي حاضر قادر صلى الله عليه وسلم ويلزم على هذا إجراء ذلك في الحي والميت.لأنهم استغاثوا به في حياته وحضوره فمادام أننا لا نقول بذلك لأنه بعيد فحمله على الميت أبعد عن الصواب فلم يبق إلا أن نقول : إنه خشي أن يظنوا أنه مستقل بالقدرة والتأثير فنهاهم أو أن من بينهم من هم حدثاء عهد بكفر فبين لهم حتى لا يفعلوا ما فعل قوم عيسى من غلوهم فيه وذلك بعبادتهم له عليه السلام.
نموذج أخر: حديث عبدالله ابن الشخير قال انطلقت في وفد بني عامر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقلنا : أنت سيدنا فقال (السيد الله تبارك وتعالى ) قلنا: وأعظمنا طولاً وأفضلنا فضلاً فقال ((قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ))
فلاحظ أنهم حدثاء عهد بكفر أتوا لمبايعته على الإسلام .ولا حظ أنه خشي أن يستجرينهم الشيطان إلى شيء أعظم.
بينما تراه مع اصحابه اللذين رسخ الإسلام في أذهانهم مع الزمن يقولون له ما رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم وصححه من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه أنه قال : "مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت فيه، فخرجتُ محمولاً فَنَمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مروا أبا ثابت يتعوذ . قال : فقلت يا سيدي والرقى الصالحة ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : "لا رقى إلا في نفس أو حمة أو لدغة" . وتسويد الرسول صلى الله عليه وسلم في الخطاب داخل ضمن عموم قول الله تعالى : (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً) قال قتادة ـ كما في "تفسير ابن كثير": ـ "أمر الله أن يُهاب نبيُّه صلى الله عليه وسلم، وأن يُبَجَّل، وأن يُعَظَّم، وأن يُسًّود" .
فانظر إلى الفرق بين الموقفين موقف مع حدثاء عهد بكفر وموقف بعد استقرار الدين .
فالنتيجة تتلخص في الآتي:
1ـ أن كفار قريش غير موحدين لله في جميع الربوبية أي جميع أفعاله .
2ـأن كفار قريش وإن أقروا لله ببعض أفعاله لكن لم ينفوا وجود الشريك له بدليل قوله تعالى ((بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون 90 ما اتخذ الله من ولد وماكان معه من إله إذاً لذهب كل إله بماخلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون 91 عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون 92))
3ـ أن كفار قريش كانوا يعبدون الأصنام فدعاءهم لها وحجهم لها وصلاتهم كان بنية عبادتها كشركاء لله تعالى وفي ذلك ادلة كثيرة منهاقال تعالى ((قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فأخبر سبحانه وتعالى أنهم يعبدونهم من دون الله.
ومنها((﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ  قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ﴾ فبين أنهم كانوا يعبدونهم .
وقال تعالى : ﴿ ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قل أتنبئون الله بما لايعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ يونس 18 ففي الآية عدة أشياء متلازمة :
[أنهم يعبدونهم من دون الله ]،[ويكذبون على الله فيدعون أنهم شفعاء لهم عنده،] [ثم بين أنهم مشركون بالله ]فقال ((سبحانه وتعالى عما يشركون)) فهذه ثلاثة أشياء.
قال أهل التفسير ومنهم الإمام القرطبي ((قل أتنبئون الله بما لايعلم في السماوات ولا في الأرض)) أي أتخبرون الله أن له شريك في ملكه أو شفيع بغير إذنه والله لا يعلم لنفسه شريكا في السماوات ولا في الأرض لأنه لا شريك له فلذلك لا يعلمه. أ ـ هـ
إيقاظ : هذه الآية تساق في التدريس غالباً مجتزئة عن سياقها وسباقها فيورد منها ((وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)) ولا يذكر ما قبل ذلك ولا ما بعده فتنبه أخي.
4ـ أن المسلمين اللذين يكفرهم ويظن بعض طلاب العلم والمشايخ أنهم مثل كفار قريش لايعبدون الأنبياء ولا الأولياء وإنما هو من باب الأخذ بالأسباب مع اعتقادهم أنهم غير مستقلين بشيء ولا شركاء لله سبحانه وتعالى ففارقوا أهل الإشراك في التالي :
1ـ إقرارهم وإيمانهم بأن الله لا إله غيره ولا رب سواه .فبيننا وبينهم حرمة لا إله إلا الله فأين أنت منها يوم القيامة .
2ـ أنهم لا يعبدون الأنبياء ولا الأولياء بخلاف المشركين فإن الله أخبرنا في كتابه وفي سنة رسوله أنهم يعبدون اصنامهم.
3ـ أن التوسل عندهم إنما هو من باب الأخذ بالأسباب كما تتوسل أنت بالعمل الصالح وكما يستغيث المسلم المضطر بالحي الحاضر القادر.وليس هذا بشرك ولا الأخر بشرك لأنه ليس فيه عبادة أصلاً ولا اعتقاد من المسلم أن هذا المستغاث به سواء كان حياً أو ميتاً مستقل بالأمر من دون الله ولا أنه شريك لله وإنما هو مجرد سبب.بخلاف المشركين فإنهم يعبدونهم ويعتقدون أنهم شركاء لله وهذا صريح في الآيات.
4ـ لا معنى لأن نجيز الاستغاثة بالحي الحاضر القادر ونجعل الاستغاثة بالميت شرك أكبر مخرج من الملة لأن الشرك هو الشرك سواء استغاث بالحي أو بالميت .
فإن كان في الحي من باب الأخذ بالسبب فقط فكذا في الميت .
أما لو اعتقد أنه معبود له أو أنه مستقل بذلك أو شريك لله فهو شرك أكبر سواء كان استغاثة بحي أم بميت.

يتبع إن شاء الله