سنقاومك بسيوفنا يا سعود:
لا تؤاخذني يا سعود إذا ما خاطبتك بهذه اللغة المجردة من قشور النفاق وخضوع الذلة والمسكنة..
ولا شك أنها لغة غريبة عليك، بعيدة عن ـ دهاليز قصورك ـ لم تسمعها في حياتك من أفواه المستشارين والعبيد.. لكنها لغة أجدانا العرب..
وأنا على عزم يقين لمخاطبتك بها، فلست أفضل من أبي بكر الصديق القائل "اطيعوني ما أطعت الله فيكم. وان عصيته فلا طاعة لي عليكم".
ولست أجل من عمر بن الخطاب حين قال "وليت عليكم ولست بخيركم فان رأيتموني على حق فاعينوني وإن رأيتموني على اعوجاج فقوموني"، فيزكيه الشعب على لسان فرد من أفراده بقوله "ماذا يا عمر؟ لو رأينا فيك اعوجاجاً لقومناك بسيوفنا".
ثم ماذا فعل عمر بهذا المواطن الذي زجره أمام ملايين الناس؟ أي سجن يا ترى أدخله؟.
سجن العبيد بالاحساء؟.. سجن القطيف؟. أقبية الحجاز سجون القصيم؟..
مصمك الرياض.. أو هل أمر العبيد بجلده وتسريحه من العمل ونفيه عن مناطق حكومة أرامكو الاستعمارية السامية فوق الحكومة، وقصف أجله، أم قطع يده ورجله من خلاف؟ كلا.. وحاش أن يكون ذلك في الإسلام!!
اذن ماذا فعل عمر؟.. ألم تر كيف فعل؟..
لقد زاد عمر ابن الخطاب غبطة وفخراً وسروراً بهذا المواطن الذي عبر عن رغبات شعبه حين قال ـ كلمته المشهورة ـ "الحمد لله الذي جعل من هذه الأمة أناساً يقومون عمر بن الخطاب بسيوفهم عندما يعوج عن الطريق".
لا سمع ولا طاعة يا سعود:
وأين أنت من عمر: حينما وقف يخطب بادئاً قوله أيها الناس اسمعوا وأطيعوا"، فينبري له أحد المواطنين مقاطعاً عمر بقوله ـ لا سمع ولا طاعة ـ أترتدي ثوباً خلاف ثيابنا يا عمر؟ من أين لك هذا، مما اضطر عمر إلى أن يقف موقف الدفاع، أنه لم يسرق الثوب، فيقف عبد الله بن عمر موضحاً للشعب أن الثوب الذي يرتديه أبوه ـ كان ثوب عبد الله ـ أخذْ بالاعارة منه ليؤدي به صلاة الجمعة لأن ثوب عمر يعريه!
وبعد أن أطلع الجمهور على صحة ما قاله عبد الله بن عمر، ورأوا ثوب أبيه، وتيقنوا أن عمر بن الخطاب لم يسرق الثوب من مال الشعب، منحوه ثقتهم وقالوا كلمتهم:
ـ (لقد سمعنا الآن وأطعنا فأتم خطابك يا عمر).
ها هو ذا الذي يتمسك بتعاليم الدين، وينهج نهج القرآن الكريم من أجل خدمة الشعب، وإنارة طريق الشعب، ورفع مستوى الشعب، ها هو أحد العمرين الذي انتصر به الإسلام.. انظر كيف يحاسبه الشعب عن ثوبه الذي يرتديه ـ فكيف به لو أطلق أسمه على الشعب ـ قائلاً الشعب "العمري" مثلاً، كما قلت الشعب "السعودي"، وكيف به لو قال أن المال مالي والأرض أرضي والشعب رعيتي؟.
وأخذتها بالسيف، وورثت الحكم، كما قلت أنت تماماً؟
ماذا سيكون مصيره تلك الساعة؟:
هذا الذي يحق له أن يتكلم باسم الإسلام.. لا يفرض بإرادته عن إرادة الشعب، ولا برأيه عن رأي الشعب..
لا يسخر الشعب لمصلحته الخاصة، ولا يسخر منه ولا يعلو عليه، ليس له قصور ولا حور ولا طعام ولا شراب يشرف على احضاره الأمريكان، بل كان حرباً عواناً على أمثال هؤلاء المستعمرين الأمريكان.
متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احراراً؟.
ولقد جاء رجل من مصر إلى عمر بن الخطاب وقال "إني أعوذ بك من شر الظلم" قال ما بك أخبرني؟. قال:
جرى سباق، فأقبلت فرسي فقلت، فرسي ورب الكعبة، وإذا بمحمد بن عمرو بن عمرو بن العاص ينهض من مكانه ويضربني بسوطه وهو يقول "خدها من ابن الأكرمين"، فبعث عمر الى عمرو كتاباً يستقدمه به، ولما قدم ومعه ابنه قال عمر للرجل: "دونك الدرة فاضرب ابن الأكرمين" فضربه حتى أوجعه، ثم قال عمر عليك برأس والده، فوالله ما ضربك الا بفضل سلطانه، والتفت عمر وقال "يا عمرو متى استبعدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً" ذلك هو الدين.
غير أنك تتجاهل كل هذا تاركاً ولاتك الجهلة الظلمة، وحاشيتك الخائنة الخبيثة، وعبيدك وأشباه العبيد من اتباعك والجواسيس يلعبون ويمجنون ويفسقون ويقتلون ويفتكون ويسفكون ويرتشون ويتاجرون ويعتدون على الأعراض ويبخسون الحريات. ويتعاملون مع الإستعمار الأمريكي المتجسد بشركة أرامكو المجرمة اتباعاً لسنتك، مستغلين اسمك وجورك وسلطانك ضد بلادنا وحريات شعبنا، الذي باسمه أصبحتم رجالاً، أمراء ووزراء مسؤولين، تتصرفون بالشعب وقيمه وكرامته وحرياته وتقودونه الى الهاوية وبئس المصير.
ابوابي مفتوحة:
وبين حين وآخر تصدر مذيلة باسمك، تارة تتهم الشعب "بالشيوعية"، تهدده بالويلات والسيف والموت والسجون، وأخرى تقول ان أبوابك مفتوحة للشاكي والمظلوم، والسائل والمحروم، وأنك غير مسؤول ولا لوم عما يحدث من مظالم.
"وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين"، ولم نستوعب الحقيقة بعد، ولم تعرف أي الأبواب المعنية بالأمر، والمفتوحة المقصودة بهذه البيانات المفتوحة أيضاً؟
أبواب القصور المحروسة بالعبيد الغلاظ، والحرس الشداد يقصدون؟. أم أبواب السجون القذرة الغاصة بالمناضلين الشرفاء المليئة بالحشرات السامة وعظام الأموات، المزودة بأحدث ما ابتكرته عقول الأمريكان اللئام من أجهزة التعذيب الرهيبة والقيود المتينة؟.. نحن لا نعلم أي أبوابك المفتوحة…
ومع ذلك لقد طرق الشعب أبواب القصور ـ أبواب المظالم المزعومة ـ، وتضرع إليك أيها المتجبر فخابت آماله فيك، فبدأ بارسال البرقيات والعرائض، ولم يجد إلاّ الويل والثبور، فحاول أن يثبت للذين كانوا يظنون أنك لا تعرف ما يدور خارج القصور من أمور ومظالم، وحين وقف يصرخ صرخات الألم والحقد ـ ممثلاً بعشرات الألوف من العمال والمواطنين الذين وقفوا يصرخون بوجهك عندما كنت في طريقك الى مطعم شركة "أرامكو" يوم 9 / 6 / 56 بهذه الصرخات الحزينة المؤلمة ـ (مظلومين).. (مظلومين متململين) نستصرخك من أجور الشركة المجرمة أرامكو الاستعمارية، (انقذنا من ظلم الولاة الجهلة في دوائر الحكومة وفي مصلحة العمل بوجه خاص)، نرفض تجديد قاعدة الظهران الذرية)، (اطلقوا حرياتنا النقابية وجميع الحريات المشروعة)، وختموها بقولهم (الفناء للاستعمار والموت لأذنابه الخونة).
ثم تقدموا في تلك اللحظة بكتاب يحتوي على المطالب الشعبية والعمالية التي تقدّم بها العمال سابقاً على يدي لجنتهم وممثليهم عام 1952 و 1955، ان أفراد البطانة الفاسدة اللعينة وفي مقدمتها جمال الحسيني، ويوسف ياسين، وتركي العطيشان، ومسعود بن جلوي، ومساعد بن عبد الرحمن وغيرهم، حضروا لديك تلك الليلة في قصر بن جلوي بالدمام، فقالوا ولعنوا بما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بشعبهم، قالوا "أن هذه التجمعات لم تكن مظاهرة فحسب، وإنما هي ثورة عمالية مقصودة لقلب نظام الحكم، وهي من صنع أشخاص معروفين، وتدفعهم دولة أجنبية معروفة.. أجل ها هم يهتفون بالموت للخونة، وبالفناء للاستعمار، ويقولون مظلومين أمامك يا طويل العمر فهل هناك ظلم "ما دام يوجد ديوان للمظالم".. وهل في بلدك المقدس خونة واستعمار؟ وما عليكم إلاّ الفتك بالرعية الخ..
والحقيقة الناصعة، ان بطانتك المجرمة تعرف نفسها جيداً، وتعلم أنها المقصودة.
وبعد ذلك تقدمت شركة أرامكو الاستعمارية بأسماء من تريد سجنهم من أبناء الشعب.. فحل طاعون حكمك الطاغي بعشرات المئات من العمال والمواطنين الشرفاء، فاستشهد العشرات في صحراء الاحساء، وفي سجن العبيد القذر، وسفكت الدماء الزكية، وشردت الآلاف، ولم يزل سجن الاحساء، بل قبر الأحياء ـ يضج من آهات المظلومين، وآهات الجياع والمحرومين، وصرخات المرضى المعذبين دون محاكمة أو تحقيق نزيه، دون أن تحترم حق الوطن وحرمات الدين، الذي تدعى زوراً وبهتاناً الانسان. فالانسانية معذبة بل معدمة في بلادنا وأي إنسانية.. أجل أي إنسانية تبيح للإنسان أن يسوم أخاه الإنسان سوء العذاب في تلك السجون بل تلك المقابر الأثرية الواسعة، التي لا تليق بكرامة الحيوان ـ وربما لا يصح التعبير ـ لأن من الحيوان ما هو أعز لديك وأشرف من أي انسان.
عفو غير شرعي
عفو غير شريف:
وقد صدر عفوك ـ غير الشريف ـ مراراً، فشمل مجرمي الأخلاق من تجّار الأعراض، وأصحاب السوابق ومستوردي المخدرات. ولم يشمل الشرفاء بالرغم من عرائض الوفود الكثيرة، وبرقيات العمال، وصيحات الأهل والأقربين، وسلطات بعض الهيئات العربية، وإتحادات العمال العربية، والطلبة واحتجاج اللجنة الاقتصادية في هيئة الأمم المتحدة، واحتجاجات الصحف الشريفة، وغضب الشعب الذي هو من غضب الله.. وبالرغم من هذا كله لن تفرج عنهم.. ولكن النار تحت الرماد، وعذابك المصلت لن يكبح جماح جماهير الشعب، ولن يفلت من عزمها الجبار ونقمتها الطاغية.
بل على العكس من ذلك ـ فالضغط يولد الانفجار ـ، ومن أصدق ممن قال لنبيه: {ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم، وشاورهم في الأمر} ولكن… هيهات أن يسمع الصم الدعاء، أو يهتدي العمي عن ضلالتهم وقد ولوا مدبرين.. هيهات أن تسمع صوت شعبك وأنت تسير وفق أهواء أشخاص لا يمتون لهذا الشعب بصلة، وليس لهم من هدف غير استغلال الوضع الارهابي المقيت، ليغنوا عن طريق هذا الوضع بمقدرات شعبنا، وتبديد موارده الطبيعية، وخيراته الكثيرة، وحبس هذا الشعب في قمقم الارهاب الكبير، ليصفو لهم الجو ويعيثوا في بلادنا فساداً، ويمعنوا تخريباً بكل ما يقع تحت أيديهم، بحكم الصلة الوثقى التي تربطهم بك.. إن هذه السياسة لن تؤدي إلا إلى دماء البلاد وهلاك الشعب، وليس المسؤول عن هذا الفساد والأفساد، امثال يوسف يس، وجمال الحسيني، وتركي العطيشان، وسعود الجلوي شريك الجاسوس الانكلو أمريكي عبد الله بن درويش، وعبد العزيز بن مساعد، ومساعد وعبد الله بن عبد الرحمن، وغيرهم من أعمامك وعبيدك ومستشاريك مطايا الاستعمار الامريكي، الذين يأخذون الرشوات والرواتب السرية من شركة أرامكو الاستعمارية وأتباعها ـ كالتابلاين ـ، وبعض المقاولين للتستر على فضائحهم وألاعيبهم الضارة بمستقبل البلاد، بل أنك أنت المسؤول عن كل هذه المهازل والمخازي والألاعب، وسيحاسبك الشعب مهما تنصلت من المسؤولية في بياناتك "والمراسيم الكاذبة" الموقعة باسمك، وما يوم حسابك ببعيد.
الجأ إلى الشعب:
فالجأ الى الشعب، فالشعب هو الحصن الحصين الذي يجب أن تلجأ إليه في كل المناسبات والظروف، وهو الذي يملك كل شيء في هذه الأرض، لأنه صاحبها الشرعي، وما أنت إلاّ فرد واحد من هذه الملايين الثمانية، وإذا ظننت أن وسائلك الإرهابية والكبت والفتك المصلت على رقاب شعبنا قد أسكت صوته، ووقفت حائلاً دون إظهار شعوره بالتعبير الطبيعي فظنك آثم، ونقمة الشعب قد أصبحت تتحول الآن، من فورة ومظاهرات، الى ثورة جامحة حاقدة ساخطة، لن تصدها أساطيل أسيادك الأمريكان، ولا قنابلهم الذرية والهيدروجينية المخزونة في قاعدة الظهران الحربية الأمريكية، ولن تتمكن بوسائلك مهما طغيت وبغيت، ومهما كنت محصناً، أن تقف أمام طغيان شعبنا العنيد.
لقد بلغ السيل الزبى، فلا ترسل من يساومني بملايينك ووظائفك ومغرياتك، واخجل مما تقول "بأن الدين يدعونا لطاعتك وعدم مهاجمة حكمك"!
لقد حدثتك جهراً، وأنا في جحيم حكمك، فهل تريد منّي أن أسكت وأنا خارج الجحيم؟ أو لم تكن مساوئ الحكم الفردي والجهل والفقر والمرض والمؤامرات الممتحن بها شعبنا أنت؟! فأرسها يا سعود.
|