عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 22-04-2006, 03:18 PM
لظاهر بيبرس لظاهر بيبرس غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 285
إفتراضي

وكان قصد الحكام السعوديين أن يموت زعماء العمال، كما مات غيرهم في حفائر السجن السعودي المكروه. ولكن العمال الأحرار كانوا للسعوديين وأسيادهم المستعمرين بالمرصاد، حيث أعلنوا غضبهم وإضرابهم التاريخي العظيم صبيحة يوم 17 أكتوبر سنة 1953 إلى أجل غير مسمى، وقد تناسوا كل مطالبهم أمام طلب جديد واحد، ذلك هو الإفراج عن لجنة ممثلي العمال، وهي اللجنة التي تضم زعماء العمال، وقد أيدهم في إضرابهم الشعب كله، مما اضطر معه حكومة الاحتلال السعودي إلى الإفراج عن قادة العمال، ولكنها نفتهم بعيداً عن المناطق العمالية، وشردت الكثير من العمال بناء على أمر من الشركة الاستعمارية التي هي حكومة فوق الحكومة.

ونتيجة لمواقف العمال البطولية تجاه قادتهم المخلصين، أرغمت حكومة السعوديين وشركة الاستعمار على إعادة زعماء العمال إلى العمل بمناطق الظهران، وعادت الحركة العمالية من جديد وبنوع ثوري جديد، حيث أضيف إلى المطالب العمالية مطالبة سياسية ـ إذ لا فصل بين السياسة والاقتصاد ـ حيث طالبوا بإلغاء قاعدة الظهران الذرية. وأخذوا يناضلون من أجل كبح التغلغل الاستعماري، وجشع شركاته الاستعمارية وطمعها. كما تقدموا بعدد من المطالب الوطنية، مما اضطر الملك إلى إرسال عمه الأمير مساعد بن عبد الرحمن، الذي قبض الثمن من شركة الاستعمار.

ولكن العمال استمروا في نضالهم، مما اضطر الملك أيضاً إلى المجيء بنفسه تلبية لدعوة شركة الإستعمار، للضرب عل أيدي العمال الأبطال، ولكن العمال الأحرار لم يرهبهم مظهر الملك وأسلحته الفتاكة، بل قابلوه بمظاهرة صاخبة جندوا لها خمسين ألفاً من العمال والفلاحين والمثقفين، وذلك في الساعة السابعة من مساء يوم 9 / 6 / 1956 أمام بوابة الشركة بالظهران، حيث كان الملك سعود مدعواً للعشاء لدى هذه الشركة، لتناول العشاء الذي خصمت الشركة قيمته من حصة الشركة خمسين ألف دولار، كما خصمت الشركة 30 ألف دولار قيمة القوس الذي رفعته الشركة للترحيب بالملك أيضاً، ان هذا القوس ما زالت الشركة تستعمله لدعايتها أمام بوابة شركة الظهران، وهذه طريقة "كرم" الشركات الاحتكارية الاستعمارية.

وأمام هذه القوس إصطف العمال والفلاحون والمثقفون حتى الجنود الذين جاء بهم الحكم السعودي لقمع مظاهرة العمال وبغية إطلاق النار عليهم. لقد وقف الجميع صفاً واحداً في مظاهرتهم يهتفون أمام الملك والأمراء بأصوات تشق عنان السماء "مظلومين يا سعود" "يسقط الاستبداد السعودي" "سنؤمم الشركة الاستعمارية"، "يسقط الاستعمار"، "سنزيل قاعدة الظهران الذرية ونطلق الحريات الديمقراطية، النصر للجمهورية، عاشت الوحدة العربية، عاش جمال عبد الناصر، الموت للطغاة والفناء للخونة وعبيد الاستعمار".

وكان المتظاهرون يحملون 45 لافتة كتبت عليها مطالبهم الوطنية، بالإضافة إلى أنهم قد جعلوا من غترهم ـ أي "كوفياتهم" ـ جعلوا منها لافتات كتبوا عليها المطالب، وقذوفوا بها داخل سيارات الملك وركبه الملكي السعودي.

وقد جن الأذناب وسعود لهول ما رأوه فكتبت الشركة مرسوماً ملكياً أعطته إلى جمال الحسيني فوقعه الملك سعود باسمه للفتك بالعمال، فأمر الملك بسجن المئات وتسريح الآلاف، واغتيال العشرات، ومنهم الشهيد العمالي محمد الربيع، والشهيد أحمد الملا. وأمر الملك بقتل قائد العمال ناصر السعيد، وربطه إلى سيارة كبيرة بعد قتله، لتدور به في أنحاء المناطق العمالية، كعقاب له ونذير العمال. وكاد ينفذ الأمر الملكي السعودي لو لم ينتبه أحد الضباط الأحرار، وهو العقيد محمد الذيب، ياور الملك السعودي الذي اغتاله الملك في ألمانيا عام 1959 بحقنة سم أعطاه إياها طبيب الملك، وأدعى الملك أن هذا الضابط قد مات قضاء وقدراً بالسكتة القلبية.

وكان الضابط الحر صديقاً حميماً للقائد العمالي ناصر السعيد، وقد تعرف به في مدينة حائل بعد أن ألقى ناصر كلمته الوطنية أمام الملك في حائل باسم العمال والشعب، رافضاً مبايعة الملك إلاّ إذا وافق على مطالب الشعب، وهي الدستور والبرلمان وإطلاق الحريات الديمقراطية، وعدم تدخل العائلة المالكة إطلاقاً في شؤون الشعب والبلاد والحكم، مما جعل الملك يجن ويخرج عن وعيه أمام الآلاف من أهالي حائل، ويهرول تاركاً الحفل آمراً بقتل ناصر السعيد.

ومن ذلك الوقت تعرف الضابط محمد الذيب الذي اغتاله الملك في ألمانيا، بالقائد العمالي ناصر السعيد، الذي أسر له بترك البلاد، فاضطر ناصر السعيد للهرب من مملكة العبودية والتجأ إلى مأوى الأحرار الجمهورية العربية المتحدة.

هذا موجز لحركة العمال في قلب الجزيرة العربية، هذه الحركة العمالية التي انبثق منها اتحاد أبناء الجزيرة العربية، وهو اتحاد واسع يشمل كل الأحرار الثوار في الحجاز وعسير وتهامة وحائل والقصيم والرياض وأنحاء أبناء البادية والعمال والفلاحين والجنود وكل الكادحين الثائرين من أجل القضاء على الملكية ورفع راية الجمهورية، وراية التحرر والحريات الديمقراطية والوحدة العربية الشاملة، وهذا هو الدستور المؤقت لاتحاد أبناء الجزيرة العربية.

بنود الدستور:ـ

المادة الأولى: اتحاد أبناء الجزيرة العربية (تنظيم عربي ثوري) يعمل لتحقيق حقوق كافة جماهير الشعب في قلب الجزيرة العربية، ويضم جميع الآراء التي تهدف إلى تحقيق رسالته الوطنية.

المادة الثانية: يؤمن أعضاء الاتحاد بأن الشعب هو مصدر السلطات.

المادة الثالثة: أعضاء الاتحاد يعملون داخل الجزيرة العربية وخارجها.

المادة الرابعة: يهدف الاتحاد إلى تحقيق التحرر الوطني الكامل من النظام الملكي البغيض، والقضاء على مخلفاته، وقطع دابر الخونة والنفوذ الاستعماري، وتخليص البلاد من القيود التي تحول دون تقدمها وازدهارها.

المادة الخامسة: إتّحاد أبناء الجزيرة العربية يعمل بعد الاستقلال لإقامة نظام جمهوري وحكم وطني ديمقراطي.

المادة السادسة: إتحاد أبناء الجزيرة العربية يقرر بعد الاستقلال وضع دستور للبلاد ينسجم وظروفها وخصائصها، ويكفل للمواطنين المساواة أمام القانون، وحرية اختيار ممثليهم اختياراً صادقاً في برلمان حر.

المادة السابعة: اتحاد أبناء الجزيرة العربية يؤمن بأن الاشتراكية هي النظام العادل الذي يحقق توزيع الثروات بين المواطنين توزيعاً عادلاً يضمن للمجتمع رفاهيته وسعادته.

المادة الثامنة: اتحاد أبناء الجزيرة العربية يؤمن بأن الجزيرة جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير.

المادة التاسعة: اتحاد أبناء الجزيرة العربية يؤمن بأن النضال ضد الاستعمار، والمساهمة في النضال العالمي من أجل إقرار السلام، ومساندة الشعوب المستعمرة في كفاحها من أجل التحرر واجب وظني مقدس.

المادة العاشرة: إتحاد ابناء الجزيرة العربية يؤمن بأن انتهاج سياسة الحياد الإيجابي والتعايش السلمي في السياسة الخارجية أمر ضروري.

المادة الحادية عشرة: اتحاد أبناء الجزيرة العربية يعمل على نشر الوعي، وإشاعة الثقافة الوطنية الثورية، وجعل التعليم فرضاً على جميع المواطنين ومجاناً في جميع المراحل.

المادة الثانية عشرة: اتحاد أبناء الجيرة العربية يؤمن بأن التجنيد الإجباري فريضة وطنية مقدسة، لإيجاد جيش منسجم مع روح العصر، يخدم الوطن، ويحافظ على كيانه من كل اعتداء.