عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 26-04-2006, 06:01 AM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
Post

(الرابع : تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم ) .
فهذا يجوز ، فنحذِّر المسلمين من الفاسق من المبتدع كذلك : إذا كان إنسان يشهد زوراً أو شهادته باطلة بأي وجه من الوجوه وتقدح في شهادته ونبيِّن وجه القدح فإن هذا فيه نصح للمسلمين وفيه تجنيب الشر عنهم . فيقول: ( منها جرح المجروحين من الرواة والشهود ) فإذا كان في الرواي جرحاً وهو يقول : قال رسول الله ويحدث الناس ، إما أن يكون كذاباً أو متهماً بالكذب أو ضعيفاً أو مختلطاً أو أن يكون الراوي مجهولاً ولا نعرفه والناس ينقلون عنه أو أي جرح فيه فلك أن تبين الجرح في هذا الراوي إما في عدالته أو في ضبطه ، سواء تعلق الجرح بعدالته أو تعلق الجرح بضبطه كائناً كان هذا الراوي – إذا كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لا بد بل يجب علينا أن نبين ما فيه من ضعف في ضبطه أو انحراف في عدالته وقدح في عدالته ، وكذلك الشهود إذا كان الشاهد أخطأ في شهادته ما ضبطها أو كذب في شهادته فإننا نجرحه ونقول : فلان أخطأ في شهادته – إذا كان معروفاً بالصدق – لكن إذا وهم نقول : وهم في هذه الشهادة وما ضبطها ، أو أنه شهد زوراً وكذباً ونبيِّن وجه ذلك ، فنبين وجه خطئه أو وجه تعمده للكذب والتزوير في هذه الشهادة وذلك أمر جائز بإجماع المسلمين بل واجب . يقول النووي – رحمه الله - : ( بل واجب للحاجة ). يقول : يجوز وللحاجة يجب ، كائناً من كان هذا الراوي أو هذا الشاهد .
وأما ذكر الحسنات والمساوئ عند كل مناسبة فهذا شئ لم نسمعه إلا في أيامنا هذه وهو مذهب انتُحِل واصطُنِع لحماية البدع وأهلها هذا الهدف منه ، ولم يعرفه السلف وبهذه المناسبة أقول لكم : إن الإنسان إذا كان يؤلِّفُ في سِيَرِ الناس فيذكر كلَّ ما هبَّ ودبَّ من سيرهم من خير وشر لأنهم يروون تاريخاً وسيرة لكن إذا كان فقط نقد هذا الرجل تحذيراً من بدعته ومن ضلاله ومن شره أومن فسقه فلا يلزمك إلا أن تبيِّن موضع النقد ويكفي ، إذا كان إنسان يريد أن يذكر تاريخ شعب من الشعوب أو أمَّة من الأمم أو شخصية من الشخصيات يذكر كل ما ورد عنه وكل ما يتصل بحياته من خير وشر ، مسلم يهودي نصراني حتى الشيطان لما عرفوا به قال بعضهم : كان من الملائكة ثمَّ مسخه الله تبارك وتعالى فصار شيطاناً – يقولون هكذا – فإذا كنت تؤرخ حدِّث عن الناس ولا حرج يذكرون للناس حسنات وسيئات وأنت حدِّث عن المسلمين والكفار حتى فرعون إذا ترجمت له وجدت في الترجمة خيراً وشراً فيذكرون في ترجمته – أنا أقرأ وأنا صغير – أن قارون أو أحد ولاته خرج يتجول في أنحاء مصر ويجمع منهم العشور والضرائب وكذا وكذا فأتى بأموال لا أول لها ولا آخر فقال له فرعون : من أين أتيت بهذه الأموال ؟! قال : جمعتها من الضرائب وكذا ، قال : ما ينبغي لربٍّ أن يأخذ من عبيده أرجعها إلى أهلها ، فنذكر هذا من حسناته فإذا كنت مؤرخاً اذكر كلَّ ما هبَّ ودبَّ من خير وشر لكن إذا كنت ناقداً موجهاً للناس محذراً للناس من شر هذا الكتاب من شر هذا الرجل من شر هذه الجماعة من بدعهم من ضلالهم اذكر ما يستلزم النقد والجرح والتحذير ويكفي ولا يلزم ذكر المحاسن أبداً لكن هؤلاء لجهلهم وغباءهم وأهوائهم الجامحة صاروا يحتِّمون أنك لا تذكر شخصاً ولا كتاباً إلا وتذكر المحاسن والمساوئ وإلا فأنت ظالم خائن !! أين هذا ؟! بهذا الأسلوب نكذِّب السَّلف ونجرِّح في السلف ونُسْقِطُ عدالتَهم من أولهم إلى آخرهم وبهذا يسقط الإسلام تماماً فنأتي إلى أحمد وإلى البخاري وإلى الشافعي وإلى ابن معين وإلى يحى بن سعيد القطان وإلى غيرهم من أئمة الجرح والتعديل كالدارقطني وابن حبان وغيرهم فنُسْقِطُهُم كلهم من أجل هذا المنهج ونأتي إلى أئمة العقائد الذين طعنوا في الجهمية وأئمتهم وطعنوا في المعتزلة وأئمتهم وطعنوا في الخوارج وأئمتهم وطعنوا فيهم أفراداً وجماعات وطعنوا في معتقداتهم فنأتي إلى أئمة السنة كلهم ونمسح بهم التراب ونسقطهم تماماً ليبقى لنا أهل البدع وأهل الضلال والانحراف فهذا مذهب خطير فاجر – والعياذ بالله – مقترحوه ما أرادوا بذلك نفع الإسلام والمسلمين إنما أرادوا حماية أهل البدع وهذا مذهب في غاية الخطورة على الإسلام وعلى أئمة الإسلام جرَّ كلُّ ذلك هو المحاماة عن أهل البدع .
فأنا آتي لإحياء علوم الدين للغزالي وأقول : فيه وحدة وجود وفيه أحاديث موضوعة وفيه كذا وكذا ويكفيني فأنا بذلك حذَّرت الناس منه ولا يلزمني أن أعدِّد محاسنه ومساوئه لا يلزمني أبداً بإجماع المسلمين فهؤلاء يخالفون الإجماع وبمذهبهم هذا يكون الإسلام فيه عرضة للسقوط لأن أئمة الإسلام صاروا مطعونين مجروحين في ظلمات هذا المنهج الباطل الذي ما أريد به وجه الله ولا أريد به النصح للمسلمين وإنما أريد به المحاماة عن أهل البدع وعن كتبهم التي انطوت على الضلالات والخرافات والانحرافات عن منهج الله الحق .
قال النووي – رحمه الله - : ( ومنها المشاورة في مصاهرة إنسان أو ، أو مشاركته ، أو إيداعه ، أو معاملته أو غير ذلك أو مجاورته) . فأنت تريد أن تصهر إلى شخص وتتزوج من عنده فتذهب إلى إنسان يعرفه تماماًوهو ثقة عندك فتقول له : ما رأيك في فلان لأنه أتى يريد الزواج من أختي وأنا لا أعرفه فانصح لي ، إذا كان فيه عيوب تقول له : فيه كذا وكذا كأن يكون بخيلاً أو ضراباً للنساء أو مطلاقاً أو كذاباً أو تذكر إي عيب موجود فيه مما لا يصلح للمصاهرة لأنها تلاحم ، فتبيِّن ما فيه ولا يجوز كتمان شئ من ذلك أبداً ولا يلزمك من ذكر شيء من حسناته أبداً لأن المقام مقام تحذير ونصيحة .
إنسان يريد مشاركتك في مال أو مضاربة أو غيرها كتجارة أو زراعة أو غير ذلك فتسأل ما رأيك في فلان ؟ فيقول : يا أخي أنا صحبته ورأيته لا يصلح للمشاركة عنده خيانة أو تهاون أو إهمال أو كذا وكذا فيبين العيوب التي فيه ولو عيباً واحداً لا بد أن يبيِّن هذا وإلا يكون خائناً وليس بناصح .
كذلك يريد أن يُودِع عنده شيئاً من المال فيبين له إن كان أميناً يقول أمين وإذا كان غير أمين يقول : غير أمين وعنده كذا وكذا .
قال النووي – رحمه الله - : ( ومنها إذا رأى متفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك فعليه نصيحته ببيان حاله بشرط أن يقصد النصيحة) فهذا لا بد منه في كل مكان أن يكون قصده النصيحة . ( وهذا مما يغلط فيه وقد يحمل المتكلم بذلك الحسد ويلبس الشيطان عليه ذلك ) أي : قد يكون إنسان ليس عنده بدعة وليس بفاسق ولكن الحسد يحمله على أن يرمي هذا العالم بفسق أو بدعة حسداً له فهذا حرام وظلم وجور ، وإذا كان فعلاً فيه بدع وخشي على هذا الذي يدرس عليه أو كان فاسقاً وخشي من هذا الذي يدرس عله أن يتأثر بأخلاقه فعليه أن ينصح ويكون قصده بذلك وجه الله تبارك وتعالى وإبعاد هذا الطالب عن الشر كما قال . قال : ( ومنها : أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها ) أمير أو قاضي أو شئ من هذا ( إما أن لا يكون صالحاً لها أو بأن يكون فاسقاً أومغفلاً ونحو ذلك فيجب ذكر ذلك ) أي : تولى أمراً من أمور المسلمين كمنصب كبير يتوقف عليه مصالح أو مفاسد ، فإذا كان غير كفء فتقول للمسؤول عنه ومن هو فوقه ومن يقدر أن يُنحيه ويأتي بأصلح منه للمسلمين فعليك أن تأتي إلى هذا الوالي الذي فوقه وتقول : فلان لا يصلح لهذه الولاية .
أو إذا كان القاضي جائراً أو جاهلاً فيقول : هذا لا يصلح لأنه جاهل وجائر في نفس الوقت ، وإذا كان أميراً تقول : جائر أو جاهل أو لا يصلح حتى يستريح الناس من شره ويوضع بدلاً منه من يكون أنفع للمسلمين وأحفظ لأموالهم ودمائهم وأعراضهم لأن مثل هذه المناصب تتعرض فيها أموال الناس ودماؤهم وأعراضهم لشئ من الخطر فقد يكون هذا الظالم يسفك الدماء ظلماً وعدواناً وقد ينتهك الأعراض وقد يفعل ويفعل بما يضر المسلمين فعلى من يعرف منه هذا النقص ويعرف فيه هذه العيوب أن يتقدم إلى السلطان فوقه أو إلى من هو فوقه غير السلطان من هو أصغر ومن بيده أن يعزله ويجعل بديلاً منه أن يخبره بهذا حتى يستريح الناس من شره ومن أذاه ويأمنون على دمائهم وأموالهم وأعراضهم .
وهذه النصيحة تذهب بها إلى من هو فوقه ليزيله ولا تجلس على المنبر وتخطب على الطريقة الجاهلية الموجودة الآن .
كما حصل من الذين يتظاهرون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويشهرون بالولاة ويطعنون فيهم كما بالخليفة الراشد عثمان – رضي الله عنه – ويطعنون فيه وأكثر ما يقولونه أكاذيب وافتراءات – كما يحصل من أهل الفتن الآن أكثره أكاذيب وافتراءات وتجسيم لأمور صغيرة يجسمونها ويبالغون فيها حتى تصير مثل الجبال في الضخامة وكثير منها مفتعل لا حقيقة له ولا وجود له ، هذا طريق أهل الفتن .
أما كلام من يتكلم على حكومة السودان فهذا كله من ناحية البدع التي فيها والضلالات التي فيها وتحريفها للإسلام ومحاربتها للحق وأهله فمن هذه الناحية وما عليه حكومة السودان من التعاطف مع الروافض ومن علاقاتها باليهود والنصارى ومن تشجيعها لبناء القبور ومن تشجيعها للمنكرات والضلالات هذا يجب أن يعرفه الناس لأن شبابنا مخدوع يسمع دجاجلة يلمعون ويمدحون دولة السودان ويقولون : إنها دولة إسلامية وإنها نواة للخلافة الإسلامية ويلمعون ويمدحون دولة أفغانستان ويقولون : إنها دولة إسلامية وإنها نواة للخلافة الإسلامية بينما هي من أبعد الدول عن دين الله ولا يمكن أن تحوم حول هذه الأمور وحول هذه الخيالات التي تداعب كثيراً من الشباب المساكين ، ويقولون : إنها ستقوم دولة إسلامية في أفغانستان أو ستقوم الخلافة الإسلامية وتنطلق من السودان ، هذا كله أوهام فارغة لأن ما قام على الفاسد لا ينتج إلا الفساد وما قام على الباطل لا ينتج إلا الباطل ، فهذه دول قامت على الباطل وقامت على البدع وعلى الضلالات فدولة أفغانستان اولاً : فتحت كابل بحراب الشيوعين ، وثانيا : حصلت خلافات بينهم ومصارعات على الكراسي فقط لا لمصلحة الأمة ولا لمصلحة الإسلام ولا للحكم بما أنزل الله ولا لشيء من هذه المقاصد إنما حول الكراسي من يعتلي فوق هذا الكرسي ويتحكم في رقاب الناس ودمائهم وأموالهم ، فهذا يريد أن يغلب على الكرسي وهذا يريد أن يغلب وحصلت مذابح فتحالفوا مع الشيوعيين كلا الجانبين ضالعٌ ومتحالف مع الشيوعيين ومع الباطنيين ومع الروافض ومع العلمانيين ومع كل أهل الملل والنحل ، فهل يُرْجَى من خيرٍ وراء مثل هذه الأوضاع ومثل هذه الحكومات ؟!
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية