تأسيس حزب الشعب :
في خضم الصراع المتعدد الاتجاهات الذي خاضه مصطفى كمال ، ففي حين كان يواجه تهديد تفتيت الدولة واقتسامها على أيدي المنتصرين ، وبالذات اليونانيين والفرنسيين والإنجليز .. ومن ناحية أخرى ملاحقة ما تبقى من آثار للعهد العثماني ، والذي كانت بقاياه ماثلة في استانبول ، وحيث أن مرحلة حمل السلاح شارفت على نهايتها من قبله هو وأتباعه ، كان لا بد له من تشكيل جيش عقائدي يتزعمه هو ويقوده هو ، فكان تأسيس حزب الشعب التركي ( خلق فرقة سي ) ..
لقد كان للحزب ، والذي وضعت أهدافه قبل الانتهاء من عهد الخلافة ، ركيزتان فقهيتان ، الأولى أن يكون الشعب هو من يحكم نفسه ، والثانية أن أفراد الشعب متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون !
وخاض الانتخابات الأولى على هذا الأساس ، وجمع أتباعه ومريديه على هذا الأساس ، ثم أصبحت الركائز لهذا الحزب ستة في مؤتمره الأول الذي عقد في 15/10/1927 وهي (الجمهورية ، الملية ، الشعبية ، العلمانية ، الدولية ) وقد شرح محمد عزة دروزة تلك الكلمات في كتابه ( تركيا الحديثة ) ..فقال :
الجمهورية :
وهو شكل الحكم الملائم لتركيا ..
الملية :
وهي مأخوذة من الملة ، ويقصد بها أن من يتكلم التركية ، هو أخ للأتراك حتى لو كان يعيش تحت حكم غير تركي ، ومن يتكلم التركية ويعيش تحت حكم الأتراك هو أخ للأتراك بغض النظر عن دينه وعرقه ..
الشعبية :
هي تساوي أفراد الشعب التركي ، ودون طبقية في الحقوق والواجبات ، وايجاد الانسجام بين العاملين على أساس تبادل المنافع ، فلا مصالح عائلية ولا مصالح إقليمية ، ولا مصالح قومية ..
الدولية :
وهي وجوب وصول تركيا لمصاف الدول الراقية في فترة قصيرة !
العلمانية :
اعتبر الحزب أن صيانة الأمة التركية ، تستوجب التخلص من كل روافدها المؤثرة بها ، وهي الدين و أثره على لغة وحروف و مفردات الأمة !
فقد أوضحت المنطلقات النظرية ، أن القوانين التي تسن للشعب ، مستوحاة من العلم والفن .. والدين مصان طالما أنه لا يتعارض مع تلك القوانين ..
الانقلابية :
وهي فكرة ترفض التدرج بالنمو والرقي ، بل تحث على انطلاقة القوى المغيرة ، دفعة واحدة ، ودون وضع مقتربات مع الماضي ..
وسنتطرق في المرة القادمة لأثر هذا الخطاب ، وما كتب وقيل عنه داخل تركيا .
__________________
ابن حوران
|