عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 03-05-2006, 09:03 AM
adelsalafi adelsalafi غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
المشاركات: 600
Arrow لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

لمعة الاعتقاد
أبومحمد بن قدامة المقدسي ‏(‏توفي سنة 620‏)
الحمد لله المحمود بكل لسان المعبود في كل زمان الذي لا يخلو من علمه مكان ولا يشغله شأن عن شأن جل عن الأشباه والأنداد وتنزه عن الصاحبة والأولاد ونفذ حكمه في جميع العباد لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير ‏(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏)الشورى 11 له الأسماء الحسنى والصفات العلى (الرحمن على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى)‏‏ طه 5 7 أحاط بكل شيء علما وقهر كل مخلوق عزة وحكما ووسع كل شيء رحمة وعلما ‏(‏يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما‏)‏ طه 110 موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان نبيه الكريم ‏.‏

وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى عليه السلام صفات الرحمن وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا وترك التعرض لمعناه ونرد علمه إلى قائله ونجعل عهدته على ناقله اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى ‏‏(والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا)‏‏ آل عمران 7 وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله آل عمران 7 فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم ثم حجبهم عما أملوه وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه وما يعلم تأويله إلا الله ‏.‏

قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ينزل الى سماء الدنيا و إن الله يرى في القيامة

وما أشبه هذه الأحاديث نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية ‏(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)‏ الشورى 11 ونقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدى القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت القرآن ‏.‏

قال الإمام أبو عبدالله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله ‏.‏

وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله ‏.‏

وقد أمرنا بالإقتفاء لآثارهم والإهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة

وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه اتبعو ولا تبتدعوا فقد كفيتم

وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ولهم على كشفها كانوا أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى فلئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم ولقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر لقد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوزهم آخرون فغلوا وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم ‏.‏


وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول

وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها هل علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها قال لم يعلموها قال فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت قال الرجل فإني أقول قد علموها قال أفوسعهم ان لا يتكلموا به ولا يدعو الناس إليه أم لم يسعهم قال بلى وسعهم قال فشيء وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لا يسعك أنت فانقطع الرجل فقال الخليفة وكان حاضرا لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم ‏.‏


وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان والأئمة من بعدهم والراسخين في العلم من تلاوة آيات الصفات وقراءة أخبارها ولإمرارها كما جاءت فلا وسع الله عليه ‏.‏


فمما جاء من آيات الصفات قول الله عز وجل (ويبقى وجه ربك) الرحمن 27 وقوله سبحانه وتعالى (بل يداه مبسوطتان) المائدة 64 وقوله تعالى إخبارا عن عيسى عليه السلام أنه قال (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) المائدة 116 وقوله سبحانه ‏(وجاء ربك)‏ الفجر 22 وقوله تعالى ‏(هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله)‏البقرة 210 وقوله تعالى‏(رضي الله عنهم ورضوا عنه)‏‏ المائدة 119 وقوله تعالى‏(‏يحبهم ويحبونه‏)‏ المائدة 54 وقوله تعالى في الكفار ‏(‏غضب الله عليهم‏)‏ الفتح 6 وقوله تعالى ‏(‏اتبعوا ما أسخط الله‏)‏الفتح 6‏‏ وقوله تعالى (كره الله انبعاثهم)‏ التوبة 46

ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة الى سماء الدنيا‏"‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة‏"‏

وقوله‏:‏ ‏"‏يضحك الله الى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة‏.‏‏"‏

فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته نؤمن به ولا نرده ولا نجحده ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير ‏(‏ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏)‏ الشورى 11 وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه‏.‏

ومن ذلك قوله تعالى ‏(‏الرحمن على العرش استوى‏)‏ طه 5 وقوله تعالى ‏(‏أأمنتم من في السماء‏)‏ الملك 16 وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك‏"‏‏.‏

وقال للجارية‏:‏ ‏"‏أين الله‏؟‏ قالت في السماء، قال‏:‏ أعتقها فإنها مؤمنة‏"‏‏.‏ رواه مالك بن أنس ومسلم وغيرهما من الأئمة‏.‏

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين‏:‏ كم إلها تعبد‏؟‏ قال سبعة ستة في الأرض وواحدا في السماء قال من لرغبتك ورهبتك‏؟‏ قال الذي في السماء، قال‏:‏ فاترك الستة واعبد الذي في السماء وأنا أعلمك دعوتين‏.‏ فأسلم وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ‏.‏

وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة أنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلههم في السماء ‏.‏

وروى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن ما بين سماء الى سماء مسيرة كذا وكذا‏"‏ وذكر الخبر إلى قوله‏:‏ ‏"‏وفوق ذلك العرش والله سبحانه فوق ذلك‏"‏‏.‏

فهذا وما أشبههه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله ‏.‏

سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقيل يا أبا عبدالله (الرحمن على العرش استوى) طه 5 كيف استوى فقال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ثم أمر بالرجل فأخرج ‏.‏

كلام الله


ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم يسمعه منه من شاء من خلقه سمعه موسى عليه السلام منه من غير واسطة وسمعه جبريل عليه السلام ومن أذن له من ملائكته ورسله ‏.‏

وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه ويأذن لهم فيزورونه قال الله تعالى وكلم الله موسى تكليما النساء 164 وقال سبحانه ‏(‏‏يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي‏)‏ الأعراف 144 وقال سبحانه ‏(‏منهم من كلم الله‏)‏البقرة 253 وقال سبحانه ‏(‏وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب‏)‏ الشورى 51 وقال سبحانه ‏(‏فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك‏)‏ طه 12/ 13 وقال سبحانه ‏(‏إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني‏)‏ طه 14 وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله ‏.‏

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏:‏ إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم

وروى عبدالله بن أنيس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غرلا بهما فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان‏"‏‏.‏ رواه الأئمة واستشهد به البخاري ‏.‏

وفي بعض الآثار أن موسى عليه السلام ليلة رأى النار فهالته ففزع منها فناداه ربه يا موسى فأجاب سريعا استئناسا بالصوت فقال لبيك لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت فقال أنا فوقك وأمامك وعن يمينك وعن شمالك فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى قال كذلك أنت يا إلهي أفكلامك أسمع أم كلام رسولك قال بل كلامي يا موسى ‏.‏


القرآن كلام الله

ومن كلام الله سبحانه القرآن العظيم وهو كتاب الله المبين وحبله المتين وصراطه المستقيم وتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود ‏.‏

وهو سور محكمات وآيات بينات وحروف وكلمات من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات، له أول وآخر وأجزاء وأبعاض متلو بالألسنة محفوظ في الصدور مسموع بالآذان مكتوب في المصاحف فيه محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وخاص وعام وأمر ونهي ‏(‏لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد‏)‏ فصلت 42 وقوله تعالى ‏(‏قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا‏)‏ الإسراء 88 ‏.‏

وهذا هو الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا ‏(‏لن نؤمن بهذا القرآن‏)‏ سبأ 31 وقال بعضهم ‏(‏إن هذا إلا قول البشر‏)‏ المدثر 25 فقال الله سبحانه ‏(‏سأصليه سقر‏)‏ المدثر 26 وقال بعضهم هو شعر فقال الله تعالى ‏(‏وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين‏)‏ يس 69 فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنا لم يبق شبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات وحروف وآيات لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد إنه شعر ‏.‏

وقال عز وجل ‏(‏وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله‏)‏ البقرة 23 ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يدرى ما هو ولا يعقل ‏.‏

وقال تعالى ‏(‏وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي‏)‏ يونس 15 فأثبت أن القرآن هو الآيات التي تتلى عليهم ‏.‏

وقال تعالى ‏(‏بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم‏)‏ العنكبوت 49 وقال تعالى ‏(‏إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون‏)‏ الواقعة 77 / 79 بعد أن أقسم على ذلك ‏.‏

وقال تعالى ‏(‏كهيعص‏)‏ مريم 1 ‏(‏حم عسق‏)‏ الشورى 1 وافتتح تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة

وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة‏"‏‏.‏ حديث صحيح ‏.‏

وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏"‏إقرأوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون أجره ولا يتأجلونه‏"‏‏.‏

وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه ‏.‏ وقال علي رضي الله عنه من كفر بحرف منه فقد كفر به كله ‏.‏

واتفق المسلمون على عد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ‏.‏

ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف ‏.‏
__________________
قال ابن القيم رحمه الله
العلـــم قــال اللــه قــال رســوله ___ قــال الصحابـة هـم أولـو العرفـان
مـا العلم نصبك للخلاف سفاهة ___ بيـــن النصــوص وبيـن رأي فقيـه