عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-05-2006, 03:31 PM
الثأر الثأر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: بلاد الاسلام
المشاركات: 233
إفتراضي وعاد حكمتيار .... [حسين بن محمود] 6 ربيع الثاني 1427هـ

فالرجل يحمل هم الأمة ، وكانت سريرته تحكي واقعه وصدق علانيته ، وشهادة من عاصره دليل على تجرد الرجل وزهده في موائد الدنيا وعزوفه عن مغرياتها ، وهو الذي لو أرادها لأتته راغبة ، ولكنه يريد ما يريده أهل الصدق من المجاهدين (نحسبه كذلك والله حسيبه) :

قال الشيخ عبد الله عزام رحمه الله : طفل في بيت حكمتيار يتيم ، قلت له: من هذا ؟.. قال : هذا ما وجدنا له أحدا فجئت به أربيه في بيتي ، ماله أقارب ، ما عرفنا له أقارب..

وقال الشيخ عزام رحمه الله : وأما حكمتيار أمير الحزب الأسلامي فقد تطرق الى مسامعنا أن مصروف عائلته الشهري لايتعدى (1500روبية باكستانية ), واذا زاد على ذلك فانه يعاتب زوجته. (انتهى) ..

ومع هذا الزهد وتلك الرأفة إلا أن الرجل يحمل بين جنبيه قلب شديد قوي في الحق لا يعرف التنازلات ولا يفقه علم أنصاف الحلول ، قال الشيخ عزام رحمه الله "وكان حكمتيار يهدد باستمرار محذرا الملك من القدوم ، ويحذر أنه سيقتل الملك فيما لو وصل إلى باكستان ، وكانت آخر هذه التهديدات في مجلس الشورى الذي اجتمع في مدينة الحجاج في إسلام اباد والذي أسفر عن انتخاب حكومة المجاهدين الحالية ، فقال حكمتيار: كل من نطق باسم ظاهر شاه فلن أصوب الرصاص إلا إلى زعيم حزبه ، وليس إلى صدره هو" . (انتهى) ..

لم يكن الرجل زعيم قبيلة ، ولا ورث المجد عن أبيه أو جده ، بل بنى لنفسه مجداً من لبنات التعب والنصب والجهاد والإقدام والصرامة والعزم والهمة ، قال الشيخ عزام رحمه الله :
"لقد كان حكمتيار وهو يعد للمعركة ويعقد الجلسات مع قادته مستشيرا مقررا موجها ليمر عليه أحيانا الليلة بكاملها لا ينام فيها سوى دقائق معدودة ، وكنت أدعو الله له وقد شكى لي في بداية الرحلة من آلام يعاني منها في ظهره وجنبه ، ثم قال لي في نهاية الرحلة بعد أن قطعنا ما يقارب مائة كيلومتر على الأقدام أو يزيد : أنها بركة الجهاد ، ما كنت أظن أني أستطيع أن أمشي نصف ساعة على قدمي، وهذه المسافة معظمها على الأقدام ، مع أن الآلام أحيانا كانت تقض عليه مضجعه فلا يهجع سوى دقائق معدودات ، ثم قال أخيرا : لقد ذهبت معظم الآلام التي كانت تعتصرني إرهاقا.
وكنت [عزام] إبان هذه الرحلة مشفقا كثيرا عليه ، وكان أول سؤال أبادره به غالبا صبيحة اليوم : هل نمت هذه الليلة ؟ وكنت أدعو له بعد أن رقيته". (انتهى)

ويخالج هذا العلو وهذه الهمة تواضع عجيب وحسن عشرة وحفظ للجميل ، فأسامة وأيمن أصغر منه سنا ، وهما في بلاده وبين ناسه ، وبنو أفغان يعرفون قدره ويشهدون بسابقته ، وبالرغم من كل هذا يقر بقيادتهما ويعلن انضمامه تحت لوائهما وهو القائد المحنك الفذ الذي فتح الله على يديه البلاد ودانت له العباد ، وكم يذكرنا هذا بموقف سيف الله خالد بن الوليد لما أتى أمر عزله من عمر وتولية أمين الأمة قائدا عاما للجبهة الشامية ، كيف رضخ أبا سليمان وانصاع للأمر وهو من هو (رحم الله الجميع) ، وقد سجل التاريخ لسيف الله تلك الواقعة بحروف من ذهب ، وزاده الله بتواضعه رفعة ، وخالد من أعرف الناس بمآل النزاع في ساحات النزال ، فحري بمن خطى خطو أبا سليمان أن يعي خطورة الموقف ويقدر مصالح الجهاد ..

إن تواضع الأمير حكمتيار قديم ، قدم تاريخه الجهادي الطويل ، وهذا الشيخ عزام رحمه الله يرسم لنا هذه الصورة الجميلة ، قال رحمه الله "ولقد كانت الخيول ترافقنا الرحلة على طول الطريق ومع هذا كله فإن نفسه الكبيرة [حكمتيار] تأبى عليه أن يركب وأن أمشي ، فكنت أفطن أحيانا إلى هذا ، فأركب رغم عدم حاجتي للركوب رحمة به لعله يرفق بنفسه فيركب بعد أن بلغ به الإرهاق مبلغه" .. (انتهى).

بمثل هذا التواضع يرتفع أهل الرايات ، وبمثل هذه الهمة تسهل الصعاب ، وبمثل هذه الروح يرتقي الرجال سلم المجد ليبلغوا منه المنازل .. لقد كانت راية الرجل واضحة ، وهدفه مُعلن ، ونيته ظاهرة ، قال الشيخ عزام رحمه الله "وقد كتب الله لي مرافقة الأخ المهندس حكمتيار أسبوعا بكامله وهو يتجول في أرجاء ننجرهار (منطقة جلال آباد)، يستحث الخطى ، ويتفقد الجبهات ، ويشعل الحماس ، ويشحذ العزائم في النفوس ، ويأخذ العهود والمواثيق على الناس ، وكان يأخذ العهد على أربع [ربما سقطت الرابعة] قضايا :

__________________



انا
الثأر

سأثأر ولـكن لرب وديــن *** وأمضي على سنتي في يقين


فإما إلى النصر فوق الأنام *** وإما إلى الله في الخالديـــن