إن القائد "قلب الدين" - ومنذ بداية الأحداث - وعى حقيقة المؤامرة التي تدبرها أمريكا للإطاحة بالإسلام (وليس بالحكومة الإسلامية) في أفغانستان . وقد عرض عليه قادة "التخالف الشمالي" الإنضمام إليهم مقابل بعض الإمتيازات فرفض ، وها هو اليوم ينظم إلى إخوانه المجاهدين الصادقين في حربهم ضد قوى الكفر والنفاق.
أما عن موقفه بعد الحرب السابقة ضد السوفييت ومقاتلته للسيطرة على كابل ، فتلك من الفتن التي عصفت بهذه الأمة (نسأل الله أن لا يعيدها علينا) .. إن الفتن التي تأتي كقطع الليل وتدع الحليم حيراناً لم ينجُ منها حتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكيف بمن لا يقارن بهم في وقتنا الحاضر ، وقد اجتهد الأمير حكمتيار ، ولعله كان مصيبا في بعض اجتهاداته ، إلا أن الأمر كان ملتبسا ومتشعبا ومتداخلاً ومسوّراً بمكر تزول منه الجبال ..
إن في سيرة هذا الرجل عبر وعظات كثيرة ، وهو في الحقيقة : تاريخ أمة يمشي على الأرض ، فهو دليل واقعي على أن الأمر بيد الله لا بيد أعداء الأمة ، وأن الموت والحياة بيد الله لا بيد أمريكا ولا أذنابها ، وأن النصر من عند الله ، وأن الله يقلب القلوب ويتصرف في ملكه كيف شاء فيعز من يشاء ويذل من يشاء ويستبدل من شاء بمن شاء سبحانه وتعالى ..
لقد تعلمنا من سيرة حكمتيار أنه لا ينبغي لنا الحكم على المسلمين بزلة أو تأويل أو اجتهاد ، فهذا ليس منهج أهل السنة والجماعة وليس من العدل والإنصاف ، وعلينا دائماً الدعاء للمسلمين بالثبات على الحق ، ولا نفرح بزيغ مسلم وحياده عن الجادة ، بل نكيل له النصح ونتضرع إلى الله بالدعاء له ، إلا أن نتبين ونعلم علم يقين سوء طويته وكيده للإسلام والمسلمين (وهذا العلم لا يتأتى لكل الناس) ، وعندها نبرأ إلى الله منه ونحاربه وندفعه بكل ما نستطيع.
إن الحديث عن الرجل ذو شجون ، ولطالما تضرع المسلمون ودعوا له من على منابر المساجد في سائر الأرض ولإخوانه بالنصر والثبات ، ولطالما ذكر الناس اسمه في المحافل والمنتديات ، ولطالما تغنى المسلمون ببطولاته وإنجازاته التي تحكي قصة الجهاد الإسلامي في القرن المنصرم ، ولإن كان ذكّرنا قبل ثلاثين سنة بخال رسول الله سعد بن أبي وقاص الذي رمى أول سهم في الإسلام ، فاليوم يذكرنا - بتواضعه وعلو همته ونظرته البعيدة وحرصه على وحدة الصف – بسيف الله خالد بن الوليد ، فرضي الله عن الجميع ..
إنه المهندس قلب الدين حكمتيار ، الذي لم يُكمل دراسته الهندسية في جامعة كابل ، ولكنه وضع اللبنة الأولى في صرح الجهاد الإسلامي ، وهندس المعارك والحروب ، وسطر بمداد الرصاص خطوط المجد في تاريخ الأمة لسنوات طويلة .. ولولا خوفي أن يبلغه كلامي هذا لأثنيت عليه بما يستحق ، وحسبه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة ، فله أجرها ، وأجر من عمل بها بعده . من غير أن ينقص من أجورهم شيء" (مسلم) ..
فلتبشر أمريكا بما يسوؤها ، ولتستعد لصيف في أفغانستان أحر من رمضاء مكة ، ولتعد العدة لسحب نعاجها فقد أتتها السباع الضارية مكشرة عن أنيابها ..
نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعل عمل جميع المجاهدين والشهداء والعلماء العاملين وكل من انتدب لنصرة الدين من المجاهدين في الثغور والمرابطين في ميزان أعماله ما بقي ثابتا على الحق منافحا عن الدين متوليا المؤمنين معاديا الكفار والمنافقين حاكماً بما أنزل رب العالمين ..
ونسأل الله أن يجمع شمل قادة الجهاد ويعصمهم برايته ، وأن تكون لهم الدولة ، وأن يمكنهم من رقاب الكفار والمنافقين ، وأن يهدي بقية القادة الأمراء إلى الحق وينضووا تحت راية واحدة وقيادة واحدة تقودهم بإسم الله وبكتاب الله وسنة رسول الله إلى نصر الله ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
كتبه
حسين بن محمود
6 ربيع الثاني 1427هـ
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،