عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 15-05-2006, 03:43 PM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي

هل هذا يؤكد التحليل الذي يقول إن القاعدة أدخلت أمريكا في حرب استنزاف طويلة ستنتهي بإضعافها وطردها من الهيمنة على النظام العالمي ؟



نعم هذا هو الطريق الذي تسير فيه أمريكا شاءت أم أبت ، تسير فيه كما سار فرعون في البحر الذي شقه موسى عليه السلام ، وهو يرى بأم عينه أنه يسير إلى هلاكه ، فالذي شق البحر قادر أن يطبقه عليه ، ومع ذلك سيق إلى حتفه وهو يراه ، وهكذا الطغاة يضرب الله تعالى بهم المثل في الغباء وهم في أوج كبرهم وغرورهم .



لكن متى تتراجع القوة الأمريكية العملاقة ؟



والله أعلم ،، والأمر كلّه بيد الله ، لكن المتوقع فيما بين عشر إلى عشرين سنة ، وقد بدأنا نرى كيف أن العالم بدأ يبرز فيه قوى أخرى تنازع أ مريكا ، حتى طغاة روسيا بدؤوا يفكرون بإعادة الحرب الباردة، وكذلك الصين ،



وثمة تحالفات تتمرد على واشنطن في أمريكا اللاتينية، وهذاما سيأذن برجوع الإسلام قوة عالمية بإذن الله ؟



متى ؟



عندما نتكلم على الصراع الحضاري فهذا يعني أننا سنعبر جيلا أو أكثر .



دعني أصارحك فضيلة الشيخ : إن هذا أشبه بالحلم ؟!



سبحان الله ! أنظر هذا الدين أول ما بدء ، كانت عوامل نجاحه لاشيء ، غير أن الله تعالى تكفل بنصره ، فانتشر حتى حكم نصف الكرة الأرضية في أقل من نصف قرن ،

وكانت الظروف أشد قسوة ، فنبينا صلى الله عليه وسلم كان لوحده ، وكلّ العالم ضده ، فانتصر ، وكذلك اليوم سينتصر لان النصر كان لرسالته ، ورسالته موجودة بيننا ، كما كانت في عهده صلى الله عليه وسلم ،



واليوم نرى إرهاصات النصر ، الجهاد ماضي وقوي ويزداد كل يوم ، ويحقق انتصارات باهرة عظيمة أشبه بالآيات والمعجزات ، وقادته يتصدون لأعداء الأمة بقوة وعزيمة وعزة الماضين ، والخطاب الإسلامي يكتسح الآمة ، والصحوة تنتشر انتشار النار في الهشيم ، حتى لاتوجد نشرة أخبار ليس فيها أنباء الإسلام ، إما انتصارات أو أنباء معركته ،



هذا كله لايعني سوى أن الأمة في طريق النهضة ؟



طيب فضية الشيخ ، النهضة ما هي متطلباتها ؟



الإخلاص لله ، والتمسك بحيل الله تعالى ، كما قال العلماء ، الإخلاص والمتابعة ، قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) .



فلابد من اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ( واعتصموا بحبل الله جميعا) والانقياد لشريعته ، ولابد من التخلص من حظوظ النفوس ، وإخلاص العمل لله تعالى ، ( ولاتفرقوا ) ، والتفرق يأتي من حظوظ النفس ، ويأتي من ترك طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإخلاص علاج الداء الاول ، والتجرد لإتباع الشريعة علاج الثاني



هذا على سبيل الإجمال ، ولكن ماذا عن التفصيل ؟



على مستوى التفصيل لابد من الإعداد الإيماني، والعسكري ، والسياسي ، والفكري ، وعلى جميع المستويات ، وكله يرجع إلى سبيلين :



العلم والجهاد ،



والعلم يشمل كل ما تحتاجه الأمة اليوم من علوم بدينها الذي هو هويتها ، وما يلزم من علوم النهضة كلها ، بما فيها من وسائل العصر ، حتى السياسية منها ، فالإسلام حركة تغيير عالمية تواجه الواقع وتغييره بوسائل مكافأة ، فهو إذا عجز عن فهم الواقع الذي يعيشه سيفشل ، وإذا عجز عن تحصيل ما يلزم من معارف النهضة اللازمة للمنافسة مع الأمم الأخرى سيفشل أيضا .



ومن أسباب النهضة المهمة أيضا استثمار الإسلام معطيات الواقع المعاصر لصالحه .



والجهاد يشمل كل أنواع الجهاد ، وتحصيل السلاح ، وفهم الحروب المعاصرة كلها ،وأنواعها ، وكيفية استثمارها لصالح معركته .



فضيلة الشيخ قلت استثمار معطيات الواقع لصالحه ؟ كيف يكون هذا ، لأن بعض الناس يرون في هذا تنازلا أو أنه لايمكن إلا بتقديم التنازل ؟


ثم فرق كبير بين استثمار الوضع القائم ، ودعنا نقول : البيئة السياسية ، والاجتماعية ، مثلا بما فيها من قوانين وأعراف ،لصالح الإسلام ، وبين السماح للوضع السياسي بتوظيف الإسلام ، في خدمة شعارات الجاهلية .



الذين سمحوا لأنفسهم أن يتم توظيف حركاتهم الإسلامية سياسيا لصالح شعارات جاهلية ، قـد جنوا على أنفسهم ، وعلى الإسلام ، وانتهى أمرهم إلى الإفلاس والفشـــل ، وقد كتبت في هذا كثيرا ،



فعالم السياسية فيه من المكر ، والخبث، ووسائل الكيد ، ما يعجز الواصف له عن وصفه ، وقد قال تعالى ( وقد مكروا مكرهــم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) لكن من توكل على الله تعالى ، واستعان به ، وصدق ينصره الله تعالى وعد الله لايخلف وعده ، ولهذا قال بعد الآية السابقة ( فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ) .



وفي عالم المكر السياسي ، ومنه : السماح للحركة الإسلامية بدخول اللعبة السياسية ، حسب شروط الجاهلية ، لأن طبيعة اللعبة أحيانا تستلزم وجود رقم إسلامي فيها! ليتم توظيفه فقط ، فالمشهد الشعبي يتطلب ذلك أحيانا .



وتجد الحركة الإسلامية نفسها في النهاية ، تماما مثل موضع تلاوة الآيات القرآنية في عمل الساحر!! فهي جزء من عمله كما يقال عندنا في العامية : ( لزوم الشغل ) ، يقرأها لخداع الناس ويعمي أبصارهم عن عمل السحر .



وهنا تكمن الخطورة ، وللأسف وقعت فيه بعض الجماعات إلى العظم ، أنظر مثلا إلى تجربة الحزب الإسلامي في العراق ، مأساة بل كارثة بمعنى الكلمة !! فقــد حولت خطاب الحركة الإسلامية إلى أحد العازفين في لحن المشروع الصهيوصليبي الذي جاء لإستئصال الأمة !



مهلا يا شيخ هنا خطر على بالي سؤال قبل أن نكمل ما رأيك في استفادة بعض القنوات الفضائية الفاسدة من جهود شخصيات إسلامية بارزة ؟



القضية متشابهة ، فنحن نحمل رسالة ، يجب أن ننتبه إلى أن تكون استفادتنا من وسائل العصر لخدمة رسالتنا في الإصلاح ، أرجح من استفادة غيرنا منا في الفساد ،



بعض القنوات الفضائية فاسدة ، ومفسدة ة ، قد أسست لهدف خبيث ، فهي ليست مجرد قناة إخبارية ، وأحيانا تكون بحاجة إلى وجه ديني لكي تنجح ، فيكون الشيخ كأنه أحد (البراغي) أو ( التروس ) الذي لزم لإدارة هذه الماكنة الإعلامية ، فيسارع بعض الشيوخ لسد موضع هذا (البرغي )، أو يتحول إلى ترسك في آلتهم الإعلامية ، يجذب بعض المشاهدين ، دعاية للقناة فحسب ، مع أنه ليس بحاجة إليها لينقل رسالته ولاصوته ، فالبدائل متوفرة بحمد الله .



وللأسف هذا ينطلي على من همّه الظهور الإعلامي ، فهذا إضافة إلى كونه غير مشروع هو أيضا نوع من السذاجة ، بينما لوكان العكس أعني أن الدعاة يسخرون القناة لمصلحة رسالتهم ، فهو مشروع في الجملة ،



مع ملاحظة ـ كما ذكرت قبل قليل ـ أن توفر البدائل الإعلامية ، الـــتي يمكن أن يستغلها الخطاب الإسلامي ، بدون تقديم خدمة لمنابر الفساد ، يجب أن يستفاد منه ، أقصد هذا التوفر مع ثورة الاتصالات ، يجب أ ن يستفاد منه لمحاضرة منابر الفساد وكشفها بمقاطعتها ، هذاهوالموقف الشرعي في الجملة ،



ولكن الالتزام به مع تشتت الآراء صعب جدا على أية حال .



نرجع إلى القضية الأولى الاستفادة من الأوضاع السياسية في المشروع الإسلامي ؟



نعم أقصد أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، قد خطت منهجا واضحا ، فرّق بين استثمار الواقع السياسي لصالح الإسلام ، وبين التنازل عن قيم الإسلام من أجل أن تقبله الجاهلية ،



فكان في الثانية شديد الحزم ، كما حذره الله تعالى عن أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه .



وكان صلى الله عليه وسلم في الأولى أعظم قدوة لأمته ، في توفير جميع أسباب نجاح الدعوة ، حتى لو كانت من وضع بيئة تعيش فيها الدعوة ،



ولهذا استفاد من نصرة عمه الكافر ، ومن نهوض عشيرته للدفاع عنه حتى كافرهم ، واستفاد من جوار المطعم بن عدي ،فيما هو أشبه بالحلف السياسي ، وأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مستفيدا من عدالة ملك لم يدخل في دينه بعد فيما هو أشبه باللجوء السياسي.



وعلى مستوى التنازل الشكلي الذي يحقق مصالح أكبر مع الحفاظ على الثوابت ، سمح بديباجة عقد صلح الحديبية أن لاتحول دون تحقق ثمار العقد ،



ودخل في عقده ذالك من خزاعة من لم يكن مسلما ، فاستفاد من ذلك في الفتح ،



واستثمر النظام القبلي في الجزيرة ، وكان يعطي رأس القبيلة من سهم المؤلفة قلوبهم ليسلم طمعا في المال ، فيتغاضى عن نيته ترجيحا لمصلحة إسلام قبيلته باسلامه ،



كما استفادت دعوته من صراع فارس والروم ، وإنهاك بعضهما بعضا في الحروب ، وكان ذلك الصراع العالمي مهما لصعود الإسلام ، حتى فرح المسلمون بهزيمة الفرس كما في مطلع سورة الروم



والخلاصة أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سخـّـر كل هذه الأوضاع القائمة لرسالته ، ولم يتجاهلها ، ولم يضرب حول نفسه عزلة عن البيئة ، فأثمر نهجه النصر والعزة لها ، والغلبة لأمته ،



والسبب أنه تمسك بما أنزل الله تعالى إليه، وثبت عليه ، ولم يحد عنه، في أحلك الظروف ، وكان يصدع بالحق ويجاهد به جهادا عظيما ، حتى قال للكفار وهو في ذلك الحين مستضعف مع المؤمنين ، قال لهم : لقد جئتكم بالذبح ، وصدع بما أمر الله تعالى أن يصدع به ، وثبت على الحق الذي أرسله الله به ، ولهذا نصره الله تعالى



أما ما يفعله بعض الناس اليوم من الافتراء على الله تعالى لإرضاء الطواغيت ، والكذب على الدين لئلا يغضبوهم ، وتوظيف الدعوة لفائدة سلطات محاربة للإسلام ، ووضع الفتوى الشرعية في خدمة بطش البوليس في الدعاة والمجاهدين ، وكل ذلك باسم المصلحة الشرعية ، فهذا هو منهج بلعم بن باعوراء عينه نسأل الله العافية والسلامة
__________________




لله در الفضيل بن عياض حيث يقول : لا تستوحش من الحق لقلة السالكين ، ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين . وأحسن منه قوله تعالى : ( ولقد صــدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً مـن المؤمنين)