ونصحيتك لطلبة العلم ؟
أن يتقوا الله ، فالعلم بغير تقوى لابركة فيه ، ووبال على صاحبه ، ورأس التقوى الإخلاص ، ومما حفظته عن أبي إدريس الخولاني عائذ الله أخبره ، أن يزيد بن عميرة ـ وكان من أصحاب معاذ بن جبل ـ أخبره قال : كان لا يجلس مجلسا للذكر حين يجلس إلا قال الله حكم قسط هلك المرتابون
فقال معاذ بن جبل يوما : إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ، ويفتح فيها القرآن ، حتى يأخذه المؤمن، والمنافق ، والرجل ، والمرأة ، والصغير، والكبير، والعبد، والحر
فيوشك قائل أن يقول : ما للناس لا يتبعوني ؟! وقد قرأت القرآن؟
ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره.
فإياكم وما ابتدع ، فإن ما ابتدع ضلالة ، وأحذركم زيغة الحكيم ، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم.
وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال قلت : لمعاذ ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة.
وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟!
قال بلى اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات ، الــــتي يقال لها ما هذه ولا يثنينك ذلك عنه ، فإنه لعله أن يراجع ، وتلق الحق إذا سمعته ، فإن على الحق نورا. صحيح موقوفا.
وطلبة العلم اليوم قد كثر فيهم الحفظ ، ولكن لما قل الإخلاص ، صار بعضهم يطلب بالعلم الدنيا ، ولهذا إذا لم ينلها صار يطلب به رضا السلطان ليعطيه الدنيا ، ومن ذلك أن يسمح له بالخطابة ليرى الناس حوله ، فيكتم الحق لئلا تذهب لذة الرئاسة ،
فليتقو الله تعالى وليقوموا بأمانة العلم بتبليغه للناس ، فهو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم ، وكفى بذلك أمانة ، وأيّ أمانة هي
، فاللهم أعنا على تحملها وأداءها ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم
وأنصحهم أن يُبعدوا العلم ، ومكانة العلماء عن توظيف السلطات ، وأن يتحملوا قلة ذات اليد ، ويصبرا على مرارة الحرمان بسبب ذلك ، فإن ما عند الله خير وابقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون .
ونصحيتك للمجاهدين ؟
االمجاهدون هم خيرة هذه الامة وصفوتها ، وأثرهم على الأمة أفضل الأثر بحمد الله ، ولكن العجب ، ما أحسن أثرهم على الناس ، وأما أقبح أثر بعض الناس عليهم ، وحتى العلماء المزيفين ، والدعاة المتملقين للسلطات المنحرفة ، الذين يتقربون إلى السلطات بذم المجاهدين ، ما نفقوا عند السلطات إلا بسبب تضحيات المجاهدين وإنجازاتهم ، وإلا لما احتاجت السلطات إلى نفاق أولئك الحثالة ، ومع ذلك ينال المجاهدون منهم السوء ومن الملاحظ أن كل من ينصب لأهل الجهاد العداوة يبتلى والعياذ بالله باستعماله في مساخط الله ، نسأل الله العافية والعاقبة الحسنة ،
والمهم أنني أوصي نفس وأهل الجهاد العالمي المبارك بالإخلاص فهو روح النصر ، وبالتعاون فيما بينهم ، وحفظ الشريعة في الدماء ، والأموال ، وأن يكونوا أذلة على المؤمنين ، أعزة على الكافرين ، وأن يتفهموا خلاف غيرهم لهم إن كان صادقا مخلصا ، ولا يتهموه إن نصحهم مادام في قالب الإخوة ولم تثبت عمالته وخبثه ، وأن يشدو الحملة على الأعداء ، ويواصلوا المسيرة ، وينيروا الدرب للأمة فهم سرجها الوضاءه ، وهم طليعتها الفاتحة ،
وأن لايستعجلوا الثمرة ، ويركزوا على المعركة الإعلامية فهي لاتقل أهمية عن سلاح الميدان ، ، وعن الزهري قال : أن كعب بن مالك حين أنزل الله تبارك وتعالى في الشعر . أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله تبارك وتعالى قد أنزل في الشعر ما قد علمت ؛ وكيف ترى فيه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لحسان : إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل.
ونصحيتك للدعاة والصحوة ؟
الرفق بالناس ، والإشفاق عليهم ، والتناصر والتواد ، وترك التنافر والتباغض ، وإعانة المجاهدين بتوفير المدد البشري للمشروع الإسلامي الكبير ، والتركيز على بناء مؤسسات الدعوة والخير ، فالأفراد يذهبون والمؤسسات تبقى ، وتوسيع دائرة الإعلام الإسلامي وتنويعه واستعمال وسائله الحديثة المنضبطة بالشرع ، فهو سلاح العصر
وأنصح شباب الصحوة أن يفرقوا بين الواعظ الموهوب في تحريك العواطف فقد يكون ـ مع أهميته وفائدته ـ قليل العلم بعيداعن واقع الامة ، وبين العالم والمفــتي الذي ينير الطريق بالعلم ، فينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه ،
وأذكر الجميع وأذكر نفسي قبلهم ، أن الحساب الإلهي قائم على فردية التبعة ، فكل المشاريع في الحقيقة ، ترجع إلى مشروع شخصي ، وكل إنسان يسأله ربه عن عمره ، وعمله ، وعلمه ، وماله ، وينفرد به ، ويرجع إلى ربه وحيدا ، ولاينفعه إلا عمله ، ولا يلقى إلا ما قدم لنفسه ، ولا يُنظر يوم القيامة إلا في صحيفة أعماله ،
ولهذا يجب أن نتذكر كل يوم وليلة هذه الحقيقة ، فنملأ صحيفة أعمالنا بالحسنات ، ونعمر أوقاتنا بالطاعات ، ونكثر من الأعمال الصالحات ، ونجعل الآخرة على بالنا ، ونكثر من ذكر الله تعالى ، ونستمسك بالتقوى فهي أعظم واجب ، وأول وصية ،وخير الزاد ، فنسأل الله تعالى أن يزرقنا التقوى ، ويكتبنا من المتقين ، ويجعل أعمالنا كلها في مرضاته ، وأن يرزقنا الإخلاص فيما آتانا ، ويستعملنا في طاعته ، ويفرغ علينا صبرا ويثبت أقدامنا ، وينصرنا وينصر أمتنا ، ويقر أعيننا بنصر المجاهدين ، وظهور أمر الإسلام ، وإعلاء كلمة الله تعالى ، وإذلال الشرك والمشركين ، واندحار جيوش الكافرين آمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل .