روى ليش الشيخ عبد العزيز يقول:
تتلمذت في شبابي عند الشيخ محمد في عنيزة وذلك قبل انتقالي للعيش في مكة
فكنا نجد من الشيخ محمد مالا نجده لدى المشائخ الآخرين من قوة الحجة
ونصاعة البيان والاهتمام بالدليل ونصرة أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه
ابن القيم رحمهما الله ..
فلما انتقلت للرياض لإكمال دراستي النظامية ..
افتقدنا الشيخ محمد وأسلوبه الفذ ..
ولم نجد في الرياض ما كنا نجده في علم الشيخ ..
فعلماء الرياض حينها ساروا على الأسلوب القديم في التعليم
وهو أن يقرأ على الشيخ فيعلق تعليقات بسيطة دون استرسال وبسط في المسألة
فيمر عليها مرورا سريعا دون بحث متعمق وهو ما كنا نجده عند الشيخ محمد
فأثر ذلك على نفسي وأصابني بإحباط وكسل ..
وذلك كردة فعل على فقدان الشيخ وعلمه وأسلوبه..
فتوجهت لقراءة كتب الأدب والتاريخ .. الخ كلامه عن شيخنا
الحلقة التاسعة والأربعون
ذات يوم من أيام العشر الأخيرة من رمضان
و بعد صلاة الظهر ونحن جلوس في غرفة الحرم
سمعنا صراخا وعويلا تردد صداه في الحرم !!
فأفزعنا ذلك جدا ..
وكان الشيخ محمد أولنا في التوجه لمصدر الصوت ..
وحينما لحقناه وجدنا أن سبب الصراخ أن مجموعة من النساء المعتمرات
من ذوات البشرة السمراء وممن آتاهن الله تعالى سعة في الأجسام..
وقوة في البنية ..
ويسرن في صف مستقيم كأنهن جنود كتيبة في جيش..
لا يردعهن رادع ولا يمنعهن حائل..!!
لم يجدن طريقا للوصول للكعبة المشرفة بسبب الزحام ..
ومنع الناس من الوصول للكعبة من الاكتضاض ..
فهداهن فكرهن المبتور وعزمن على شق طريق لهن مهما كانت النتائج..!!
فوجدن أيسر طريق وأسهل سبيل هو أن يمشين من فوق النساء المفترشات
لأرضية المسجد..!!
وهذا والله ما حدث!!
وفي النساء المسكينات النائمات على البلاط ، الكبيرة والمريضة والضعيفة..
فوطأن تلك النسوة القاسيات على الأجساد النحيلة..
ولم يرحمن ضعفهن .. ولا استغاثتهن !!
عندها حدثت الجلبة وصرخن صراخ المكلومات
توجعا من الدهس والرفس!!
ولكن دون استجابة أو رحمة..
فحاولنا نحن جاهدين أن ندرك الموقف
ونقلل الخسائر بقدر المستطاع..!!
ولكن كتيبة الموت تلك مرت وما عبأت بندائنا وترجينا لهن ..!!
حتى وصلن للجهة الأخرى ومخرن عباب الزحام بكل جدارة واقتدار!!
عجيب أمر بعض الحجيج والمعتمرين!!
كنت مرة أطوف مع الشيخ حول الكعبة ..
فسمعنا رجلا يحمل سبحة في يده..
وكانت من طولها وعدد حجارتها تزحف في الأرض!!
وجسمه ضخم كالبعير وبشرته سمراء.. وشعره أجعد وهو كفيف البصر
سمعناه يصرخ ويدعو: رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي!!
ومرة لحق الشيخ رجلا نصف رأسه محلوق والنصف الآخر غير محلوق..
ومنظره مقزز ..
فقال له الشيخ : لم نصف رأسك محلوق وتركت الآخر؟؟
فقال : أنا سأعتمر عمرتين أحدها لي والأخرى عن أمي
فهذه الحلاقة للعمرة الأولى!!!