الحلقة الثانية والخمسون
برنامج شيخنا في فترة الحج برنامج شاق ومرهق بما تعنيه الكلمة من معنى
حيث يحتوي على برامج متتابعة من دروس ومحاضرات وفتاوى وتنقل بين المخيمات قبل وبعد الحج وأثناءه ..
ولقد كان يصيبني الفتور والإعياء من كثرة البرامج وشيخنا في قمة نشاطه!!
في الحج كنت أنا رديف شيخنا ولم يرافقنا أحد من أقارب الشيخ أو أصحابه
وكنا طوال فترة بقاءنا في مكة وكذلك في مخيم الحج في ضيافة شهم سأتحدث عنه لاحقا..
توجهنا بسيارتنا الجديدة (وهي جيب تايوتا لون رمادي)
لمكتب التوعية الإسلامية الواقعة في حي الششة والذي يقابله جامع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
حيث كان شيخنا يمكث كثيرا في ذلك المكتب لاستقبال
الزوار من العلماء والمشائخ والمستفتين وأمامه هاتف لا يتوقف عن الرنين
لأربع وعشرين ساعة للفتاوى..
ولسائل أن يتساءل كيف يعرف الناس رقم تلفون الشيخ في مكة أو في جده أو غيرها من المدن؟؟
والجواب: أن شيخنا قام بطريقة جميلة وسهلة بحل هذا الإشكال!!
وذلك أن جهاز التلفون في عنيزة فيه خاصية تحويل المكالمات ..
فمثلا لو اتصل شخص لعنيزة على رقم الفتاوى المعروف
فسوف يرد عليه التلفون بصوت الشيخ يقول له :
اتصل على الرقم كذا .. فمرة يعطيهم رقمه في الرياض ومرة في جده
ومرة في المدينة وهكذا..
وكان رقم التلفون يتغير في بعض الأحوال يوميا وذلك بالاتصال على الجهاز وإدخال شفرة معينه فيملي الشيخ بصوته الرقم الجديد..
وللمعلومية فشيخنا لديه اهتمام كبير بالتقنيات وخصوصا أجهزة الاتصالات
وكل من أراد أن يدخل السرور على شيخنا ويفرحه فعليه أن يخبره
بجهاز اتصال جديد نزل في السوق فستجده بعد أيام في بيته أو مكتبته !!
أذكر مرة أنني طلبت من الشيخ أن يعطيني مبلغا من نفقتي التي يرسلها
الوالد لي على حساب الشيخ حيث أن شيخنا يحتفظ بها عنده وينفق علي
منها كما ينفق الوالد على ولده ..
فقال لي : تعال عندي في البيت وسأعطيك الجهاز الذي تحتاجه..!!
فجئته ودخلت معه للبدروم حيث مكتبته الثانية ..
فأراني دولابا كبيرا به رفوف كثيرة وقد حشرت به عشرات الأجهزة
من كل الأنواع والأصناف ..!!
علما أن غالبها مهدى لشيخنا من قبل أحد أصحابه الذين اعرفهم جيد
وبمناسبة ذكر الأجهزة أذكر هذا الموقف..
كنا مرة في جده وبعد صلاة عصر ..
ذكر أحدهم للشيخ محمد أن هناك أجهزة للاتصالات
جديدة وفيها من المواصفات كيت وكيت ..
وهي متوفرة في معرض تجاري لشركة سوني في سوق حراء الدولي
فقال الشيخ لي: توجه لذلك السوق
وكان لدينا فراغ بسيط من الوقت ..
فانطلقنا للسوق وترجلنا ودخلنا ذلك المعرض..
فتجول شيخنا فيه دون أن يعرفه أحد من البائعين أو المشترين ..
فاختار جهازا أو جهازين ..
فقال البائع: للأسف لا يوجد لدينا جهاز جديد
وهذا الجهاز للعرض ولكن لو تعطينا عنوانكم فسوف نبعثه لكم ..
فقال الشيخ: أنا مقيم في عنيزة!!
فقال : سنبعثه لك لعنيزة وستتكفل أنت بقيمة الشحن..
فقال الشيخ : لا بأس بذلك ..
فأعطاه العنوان ورقم الهاتف..
ودون له الاسم : محمد بن صالح العثيمين !!
وخرجنا من المحل..
يقول الشيخ لي : بعد وصوله لعنيزة بأيام تلقى اتصالا هاتفيا من مالك المحل
وكان يبكي في التلفون ويقول: والله ياشيخ لو علمت أنك ستأتي لمحلي لتشرفت
أنا باستقبالك ..
وقد بعث الجهاز للشيخ وأهداه له ورفض رفضا باتا أن يأخذ قيمته من الشيخ..