عرض مشاركة مفردة
  #124  
قديم 24-05-2006, 06:30 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

توجهنا لجده ومنها توجهنا لمكة لأداء العمرة..
وكان في رفقتنا في تلك العمرة الأستاذ عبد الرحمن العثيمين أخا الشيخ وكذلك ابنه الصغير عبد الرحيم..
بالإضافة للأخ علي السهلي..
انتهينا من أداء المناسك سريعا ثم توجهنا بعد العصر للطائف..
وكان مسيرنا عن طريق المسيال وليس عن طريق جبل الهدى ..
كان الجو ممطرا وكنت فرحا مسرورا للغاية وذلك أن شيخنا سوف يزورن في منزلنا في الطائف..
قلت له: والله بتنور بيتنا ياشيخ بقدومكم ..
فرد علي ابن الشيخ عبد الرحيم : بتنور كل الطائف مو بيتكم فقط!!
فضحكنا من جوابه ونباهته رغم حداثة سنه..
وصلنا فكان الوالد رحمه الله في استقبالنا عند باب البيت..
ولا تسل عن فرحه وابتهاجه بنزول الشيخ محمد عندنا..
كان الوقت عصر تقريبا ..
حينما وضع شيخنا قدمه في البيت ..
قلت في نفسي : ياسبحان الكريم الخالق ..
ابن عثيمين إمام المسلمين وعالمهم وفقهيهم بنفسه يدخل بيتنا ..
كأنني أقول لأبي حينها : قد أغضبتك أنت ووالدتي بهروبي وهاأنذا اثبت لك يا أبي أن الله تعالى تولاني ورحمني ومن علي ..
فهذا الشيخ ابن عثيمين يأتيك زائرا بنفسه إكراما لك ولابنك وأهل بيتك فهل تريد برهانا انصع من هذا البرهان؟؟
ولكأن أبي قال في نفسه : تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين !!
استغفر الله من زلل القلم فعفوا إخوتي ..
إن لطعم ذلك اليوم مذاق خاص ..
تستمر حلاوته كلما استذكرته فاللهم اغفر لأبي وشيخي يا ارحم الراحمين
حينما دخل شيخنا لمجلس المنزل وكان في صدره صورة كبيرة معلقة لأخي الكبير محمد رحمه الله وكنت جهدت من قبل مع أبي أن ينزع تلك الصورة كون تعليقها محرما ويمنع دخول الملائكة كما هو المشهور من كلام أهل العلم.
ولكنه رحمه الله كان يتحجج بحجج كثيرة ويرفض رفعها..
حينما دخل الشيخ لفت نظرة تلك الصورة ..
فقال لأبي : يابو محمد أطمس هذه الصورة ..
فقام أبي من فوره وأخفاها عن نظر الشيخ ولم يرجعها ابدا !!
الحلقة الثانية والستون
أذكر مرة أن التاجر المعروف في مكة علوي تونسي دعا شيخنا ابن عثيمين للعشاء في بيته العامر..
وكان الأستاذ علوي قد دعا عددا كبيرا من وجهاء مكة وعلماءها وتجارها احتفاء بشيخنا..
سبقت شيخنا للدخول للمجلس حيث الناس تصافحه وتسلم عليه عند الباب
حينما دخلت رأيت صورة بشرية وتكاد تملأ الجدار من ضخامتها..
توقعت أن ينكر شيخنا ولا يسكت فهو كما عهدته لا تأخذه في الحق لومة لائم..
بقيت أنتظره وتساءلت في نفسي : مالذي سيحصل؟؟
وضعت في خاطري عددا من الاحتمالات ..
قطع صوت سلام الشيخ حبل التفكير وركزت النظر على عينيه ما هو انطباعه وتصرفه..
حينما توسط المجلس الفسيح لا حظ تلك الصورة فتأملها ثم أطرق وهو يمشي واحمر وجهه فهو بين خيارين اثنين : إما أن ينكر ويرضي ربه ومعنى هذا إما أن تنزع الصورة أو أن يخرج من المجلس!!
فالأول متعذر وفيه مشقة هائلة وحرج والثاني أشق وأنكى !!
أو أن يسكت وهذا ما يأباه عليه دينه وخوفه من ربة ثم اقتداء الناس به..
هذا ما تخيلته أنا ..
قال الشيخ : يا أخ علوي تعليق هذه الصورة لا يجوز ويمنع دخول الملائكة فأي بركة في مجلس لا تحضره الملائكة؟؟
رأيت وجه علوي تونسي تلون بألوان لا أميزها من الحرج والحياء..
أسعفه شيخنا وقال له : أحضروا لنا غطاء أو شرشفا وغطوا الصور ..
فتفرجت أساريره وكأن الشيخ أزاح جبلا هائلا عن صدره ..
فأمر أحد خدامه فغطى الصورة واسترحنا وانتهى الحال على ذلك ..
أذكر مرة أن شيخنا دخل بيت أحد أقرباءه وكان رجلا موسرا وفيه تعال وإسراف على نفسه ..فأراد شيخنا تأليف قلبه ودعوته ..
زرناه في منزله في جده وكان مجلسه مليئا بالتماثيل والمجسمات الحيوانية وغيرها ..
لم يتكلم شيخنا معه حول هذا الموضوع فيما بدا لي ..بل أنه ركز معه على الأمر الأهم والذي له الأولوية وهو هداية هذا الرجل وإنقاذه من براثن الضياع والضلال..
ولقد رأيت شيخنا يتألفه في الكلام ويتبسط معه ولكأنه يتكلم مع أعلى الناس منزلة وسلطة ..
فكسب بذلك قلبه وأحب الرجل ذاك شيخنا من ذلك المجلس مع أنه استقبلنا في أول الأمر بفتور وتعال..
وما خرجنا من بيته بعد ساعات إلا وقد امتلأت أسارير وجهه بشرا وحبا وإجلالا للشيخ ..
ولقد زرناه في المرة التالية بعد شهور فلم أر تلك التماثيل والمجسمات أبدا ..
وهكذا هي الدعوة ياعباد الله !!
أكسبوا الناس وتألفوا قلوبهم دون أن تتنازلوا مثقال ذرة عن دينكم !!
فالحمد لله الأمر فيه سعة لمن هداه الله ووفقه ..
جعلني الله وإياكم منهم..
__________________









الرد مع إقتباس