عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 25-05-2006, 04:58 AM
المصابر المصابر غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: أرض الله
المشاركات: 3,304
إرسال رسالة عبر ICQ إلى المصابر إرسال رسالة عبر MSN إلى المصابر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى المصابر
إفتراضي


وجاء في الموسوعة الفقهية في تعريف الجهاد :

الجهاد : مصدر جاهد ، وهو من الجهد - بفتح الجيم وضمّها - أي الطّاقة والمشقّة ، وقيل : الجَهد - بفتح الجيم - هو المشقّة ، وبالضّمّ الطّاقة .
والجهاد القتال مع العدوّ كالمجاهدة ، قال تعالى : " وجَاهِدُوا في اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ " .
وفي الحديث الشّريف : " لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونيّة " . يقال : جاهد العدوّ مجاهدة وجهاداً إذا قاتله .
وحقيقة الجهاد كما قال الرّاغب : المبالغة واستفراغ الوسع في مدافعة العدوّ باليد أو اللّسان. أو ما أطاق من شيء ، وهو ثلاثة أضرب : مجاهدة العدوّ الظّاهر ، والشّيطان ، والنّفس . وتدخل الثّلاثة في قوله تعالى : "وجَاهِدُوا في اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ " .
وقال ابن تيميّة : الجهاد إمّا أن يكون بالقلب كالعزم عليه ، أو بالدّعوة إلى الإسلام وشرائعه ، أو بإقامة الحجّة على المبطل ، أو ببيان الحقّ وإزالة الشّبهة ، أو بالرّأي والتّدبير فيما فيه نفع المسلمين ، أو بالقتال بنفسه . فيجب الجهاد بغاية ما يمكنه . قال البهوتيّ : ومنه هجو الكفّار . كما كان حسّان رضي الله عنه يهجو أعداء النّبيّ صلى الله عليه وسلم .
والجهاد اصطلاحاً : قتال مسلم كافراً غير ذي عهد بعد دعوته للإسلام وإبائه ، إعلاء لكلمة اللّه . (انتهى) ..

جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل " الجهاد إذا أطلق لا يقع إلا على مجاهدة الكفار بالسيف" (انتهى) ..

نستخلص من جملة هذه التعاريف أن الجهاد بمعناه الخاص الوارد في أكثر نصوص القرآن والسنة هو : قتال الكفار بالسلاح لإعلاء كلمة الله ، ولا ينصرف الجهاد عن هذا المعنى في أي نص من نصوص القرآن والسنة إلا بدليل .. والله أعلم ..


أنواع الجهاد (الذي هو القتال) :

من المعلوم لدى العلماء وطلبة العلم الشرعي أن الجهاد نوعان :

النوع الأول : جهاد طلب ، وهو فرض كفاية .
النوع الثاني : جهاد دفع ، وهو فرض عين .

وقبل أن نبدأ بالكلام عن هذين النوعين من الجهاد ، لا بد من معرفة معنى "فرض الكفاية" و "فرض العين" :

أولاً : فرض الكفاية : هو الفرض الذي إذا قام به البعض سقط عن الآخرين ، وإن لم يقم به من يكفي أثم الناس كلهم، فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع كفرض العين، ثم يخلتفان في أن فرض الكفاية يسقط بفعل بعض الناس له وفرض العين لا يسقط بفعل غيره (المغني لابن قدامة) .. ومثال ذلك : صلاة الجنازة ، فهي فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن باقي المسلمين وإذا لم يقم به أحد أثم المسلمون جميعاً ..

ثانياً: فرض العين: هو الفرض الذي يجب على كل مسلم أن يفعله بنفسه كالصلاة والصوم ، فلا يجوز لأحد أن يُنيب غيره في القيام بفرض العين ، مثل أن يقول لإنسان : صلي عني الفجر أو العصر ، فهذا لا يجوز أبداً ، بل على الإنسان أن يؤدي بنفسه فرض العين ، فهو متعيّن عليه هو . (انظر المغني لابن قدامة 8/345).


ما هو جهاد الطلب ، وما حكمه !!

معنى جهاد الطلب : هو مبادرة الكفار بقتالهم في عقر دارهم - بحيث يكون الكفار في حالة لا يحشدون لقتال المسلمين – بنيّة نشر الدين وتمكينه في الأرض ..

أقوال أهل العلم في جهاد الطلب :

قال في ابن قدامة في المغني (كتاب الجهاد) : " ومعنى الكفاية في الجهاد أن ينهض للجهاد قوم يكفون في قتالهم ؛ إما أن يكونوا جندا لهم دواوين من أجل ذلك ، أو يكونوا قد أعدوا أنفسهم له تبرعا بحيث إذا قصدهم العدو حصلت المنعة بهم ، ويكون في الثغور من يدفع العدو عنها ، ويبعث في كل سنة جيش يغيرون على العدو في بلادهم . (انتهى) ..

قال الإمام عبدالعزيز بن باز (رحمه الله وطيّب ثراه) ، بعد أن ذكر بعض آيات وأحاديث الجهاد :

" وفي هذه الآيات الكريمات والأحاديث الصحيحة الدلالة الظاهرة على وجوب جهاد الكفار والمشركين وقتالهم بعد البلاغ والدعوة إلى الإسلام، وإصرارهم على الكفر حتى يعبدوا الله وحده ويؤمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ويتبعوا ما جاء به، وأنه لا تحرم دماؤهم وأموالهم إلا بذلك ، وهي تعم جهاد الطلب، وجهاد الدفاع، ولا يستثنى من ذلك إلا من التزم بالجزية بشروطها إذا كان من أهلها عملا بقول الله عز وجل: " قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" (التوبة : 29).


وقال رحمه الله: وقد كان الجهاد في الإسلام على أطوار ثلاثة: [فذكر الطورين : الأول والثاني ، ثم قال في الثالث] : الطور الثالث: جهاد المشركين مطلقا وغزوهم في بلادهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ليعم الخير أهل الأرض، وتتسع رقعة الإسلام، ويزول من طريق الدعوة دعاة الكفر والإلحاد، وينعم العباد بحكم الشريعة العادل، وتعاليمها السمحة، وليخرجوا بهذا الدين القويم من ضيق الدنيا إلى سعة الإسلام، ومن عبادة الخلق إلى عبادة الخالق سبحانه، ومن ظلم الجبابرة إلى عدل الشريعة وأحكامها الرشيدة.(انتهى) [من كتابه : فضل الجهاد والمجاهدين ، وهو كتيّب قيّم ينبغي الإعتناء به] ..

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه االله : " ثم المعروف أن المشركين يقاتلون لأجل كفرهم ، لا لأجل عدوانهم ، من أدلته حديث " أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ...." (متفق عليه) ، ولم يقل : نقاتل من قاتلنا ، ولا من نخشى شرّه !!
"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله" (التوبة : 29) ، فدل على أن قتالهم بالوصف : "الذين لا يؤمنون" هذا هو العلّة .
"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" (التوبة : 5) يفيد أنهم يُقاتَلون لأجل شركهم ، فإن الإسم إذا كان بصيغة الوصف دل على اعتبار الوصف كقولك : أعط الفقير درهماً .
"قاتلوا من كفر بالله " (أحمد ومسلم والترمذي وصححه) هذا من البرهان على أن الكفرة يُقاتَلون لأجل كفرهم . والرسول (صلى الله عليه وسلم) أفهم الخلق ، فلو كانوا لا يُقاتَلون إلا لأجل دفع شرّهم لقال : إن قاتَلُوكم . (فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 6\198)

يقول ابن قدامة رحمه الله عن جهاد الطلب في المغني: وأقل ما يفعل مرة في كل عام ؛ لأن الجزية تجب على أهل الذمة في كل عام ، وهي بدل عن النصرة ، فكذلك مبدلها وهو الجهاد ، فيجب في كل عام مرة ، إلا من عذر ، مثل أن يكون بالمسلمين ضعف في عدد أو عدة ، أو يكون ينتظر المدد يستعين به ، أو يكون الطريق إليهم فيها مانع أو ليس فيها علف أو ماء ، أو يعلم من عدوه حسن الرأي في الإسلام ، فيطمع في إسلامهم إن أخر قتالهم ، ونحو ذلك مما يرى المصلحة معه في ترك القتال ، فيجوز تركه بهدنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد صالح قريشا عشر سنين ، وأخر قتالهم حتى نقضوا عهده ، وأخر قتال قبائل من العرب بغير هدنة . وإن دعت الحاجة إلى القتال في عام أكثر من مرة وجب ذلك ؛ لأنه فرض كفاية ، فوجب منه ما دعت الحاجة إليه .." (انتهى) ..

وفي حاشية ابن عابدين: وأقل فرض الكفاية سد الثغور بالمؤمنين لإرهاب أعداء الله، وإرسال جيش في السنة على الأقل، فعلى الإمام أن يبعث سرية إلى دار الحرب كل سنة مرة أو مرتين، وعلى الرعية إعانته، فإن لم يبعث كان الإثم عليه. (انتهى) ..

وجاء في الفتاوى الهندية (كتاب السير) : " قتال الكفار الذين لم يسلموا ، وهم من مشركي العرب أو لم يسلموا ، ولم يعطوا الجزية من غيرهم واجب ، وإن لم يبدؤنا ، كذا في فتح القدير (انتهى) ..

وقال الشافعي في الأم : " وأقل ما يجب عليه أن لا يأتي عليه عام إلا وله فيه غزو حتى لا يكون الجهاد معطلا في عام إلا من عذر.." ..(انتهى) ..

وفي حاشية الشرواني وابن القاسم على تحفة الحتاج على المنهاج: الجهاد دعوة قهرية فتجب إقامته بقدر الإمكان حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم. (انتهى) ..

وقال في "الجوهرة النيرة" (لأبي بكر العبادي): وقتال الكفار واجب علينا وإن لم يبدءونا . (انتهى) ..

وفي شرح منتهى الإرادات للبهوتي: ويبعث الإمام في كل سنة جيشاً يُغيرون على العدو في بلادهم. (انتهى) ..

قال ابن حزم رحمه الله في المحلى " والجهاد فرض على المسلمين فإذا قام به من يدفع العدو ويغزوهم في عقر دارهم ويحمي ثغور المسلمين سقط فرضه عن الباقين وإلا فلا ، قال الله - تعالى - " انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم " (انتهى) ..

وفي الكافي : فرض على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو في كل سنة مرة ليدعوهم إلى الإسلام ويرغبهم ويكف أذاهم ويظهر دين الله عليهم . وفرض على الناس في أموالهم وأنفسهم الخروج المذكور لا خروجهم كافة . والنافلة منه إخراج طائفة بعد أخرى وبعث السرايا وقت الغرة والفرصة . [وقال] ابن بشير : الجهاد فرض كفاية إذا كان يكفي فيه قيام طائفة من المسلمين ولم يعين الإمام أحدا .. (انتهى ، من التاج والإكليل لمختصر خليل) ..

قال في المغني (كتاب الجهاد) : والجهاد من فروض الكفايات ، في قول عامة أهل العلم . وحكي عن سعيد بن المسيب ، أنه من فروض الأعيان ؛ لقول الله تعالى " انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله " ، ثم قال : " إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما " . وقوله سبحانه : " كتب عليكم القتال " .


نخرج من هذا بأن جهاد الطلب سببه نشر الإسلام وتمكين حكمه على سائر الأرض عن طريق إزاحة العوائق التي تقف أمامه بالقوة العسكرية ، وهو واجب على إمام المسلمين مرّة أو أكثر كل عام حسب الإستطاعة ، وهو من فروض الكفايات (على قول جمهور أهل العلم) التي إذا تركها المسلمون أثموا جميعاً ، وإذا قام به من فيهم الكفاية من المسلمين سقط عن الباقين وإلا كان فرض عين على من سواهم حتى تحصل الكفاية (وسيأتي بيان هذا إن شاء الله) ..