عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 12-01-2001, 06:28 AM
هيثم حمدان هيثم حمدان غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2001
المشاركات: 69
Post ضعف أثر "يا رسول الله استسق لأمّتك"

رواه ابن أبي شيبة (المصنّف)، والبيهقي (دلائل النبوّة)، والخليلي (الإرشاد) بطرقٍ إلى محمد بن خازم عن الأعمش عن أبي صالح السّمّان عن مالك الدار -وكان خازن عمر على الطعام- قال: "أصاب النّاس قحطٌ في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأُتي الرجل في المنام فقيل له: إئت عمر فأقرئه السلام، وأخبره أنكم مستقون، وقل له: عليك الكيس عليك الكيس، فأتى عمر فأخبره، فبكى عمر، ثم قال: يا رب لا آلو إلاّ ما عجزت عنه".


قلت: هذا الأثر ضعيفٌ لا يحتجّ به. والسبب هو أن مالك الدار -وهو مالك بن عياض- مجهول الحال:

قال عنه المنذري (الترغيب والترهيب): "لا أعرفه".

ومثله قال الهيتمي (مجمع الزوائد).

وهو قليل الرواية، لم يروِ عنه سوى أبو صالح السمّان وعبدالرحمن بن سعيد بن يربوع وابناه عون وعبدالله، فلا ينفعه إذاً تفرّد ابن حبان بتوثيقه.

وأما قول ابن سعد عنه: "كان معروفاً" (الطّبقات)، ووصف الخليليُّ له بأنه: "تابعي قديم متفق عليه، أثنى عليه التّابعون" فإنه توثيق له من جهة عدالته، لا من جهة ضبطه، و"متفق عليه" تعني أنه متفقٌ على كونه تابعي، وليس أن الشيخان رويا له، فإنه ليس له رواية عندهما.


ملاحظات:

1) لم يَثبُت أنّ الرجل الذي توسّل بالنبي -عليه السلام- هو الصحابي بلال بن الحارث المزني، وليس في المصادر السابقة ذكر اسمه، وما قاله الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في (الفتح): "وقد روى سيف في (الفتوح) أنّ الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة" فليس بحجّة، لأن سيفاً هذا ضعيف، قال بِضَعْفِهِ يحيى بن معين (سؤالات الدوري)، وأبو زرعة (سؤالات البرذعي)، والنّسائي (الضعفاء والمتروكين)، وتركه الهيتمي (المجمع)، وأبو حاتم (الجرح والتعديل)، وقال الأصبهاني: "متهم في دينه، مرمي بالزندقة، ساقط الحديث، لا شيء" (الضعفاء)، وابن حبان: "أتهم بالزندقة .. يروي الموضوعات عن الأثبات" (المجروحين)، وابن حجر: "ضعيف الحديث" (التقريب)، والذهبي: "متروك باتفاق" (المغني)، والحاكم: "ساقط في رواية الحديث" (المدخل).

2) ليس في الأثر ما يدلُّ على أنّ الرّجلَ أَطْلَعَ عمراً -رضي الله عنه- على توسُّلِهِ بالنّبي الكريم حتى يُقال أنّ عمراً أقرَّه على فعلته.

3) لو كان التوسُّل بالنبي الكريم مشروعٌ بعد موته لما احتاج عمر الفاروق لطلب الدعاء من العباس للاستسقاء.

4) لا يصحّ التعلّق بمثل هذه الآثار لإثبات عبادةٍ ما وحثّ الناس عليها، فلو كان التّوسل بالنبي الكريم بعد موته مشروعاً لكان عادةً مطردةً عن كثير من الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-.

5) أنظر لزاماً (التوسّل أنواعه وأحكامه) للعلامة الألباني -رحمه الله تعالى-، جمع محمد عيد العباسي.