عرض مشاركة مفردة
  #214  
قديم 27-05-2006, 04:09 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الحديث الرابع والثلاثون

من رأى منكم منكرا فليغيره بيده


عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( من رأى منكم منكرا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .

هذا الحديث حديث عظيم -أيضا- في بيان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو حديث معلوم لديكم بتفاصيل الكلام عليه؛ لأنه كثر بيانه، وبيان ما فيه، لكن نختصر المقام، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا، فليغيره بيده ) المنكر : اسم لما عرف في الشريعة قبحه والنهي عنه، فلا يكون منكرا حتى يكون محرما في الشريعة، وهنا قال: ( من رأى منكم منكرا، فليغيره بيده ) فهنا شرط، أما جواب الشرط، فهو الأمر بالتغيير باليد، وهذا الأمر على الوجوب مع القدرة، وأما فعل الشرط فهو قوله : ( من رأى منكم منكرا ) والفعل رأى هو الذي تعلق به الحكم، وهو وجوب الإنكار، ورأى هنا بصرية؛ لأنها تعدت إلى مفعول واحد، فحصل لنا بذلك أن معنى الحديث من رأى منكم منكرا بعينه، فليغيره بيده، وهذا تقييد لوجوب الإنكار بما إذا رؤي بالعين، وأما العلم بالمنكر، فلا يكتفى به في وجوب الإنكار، كما دل عليه ظاهر هذا الحديث.

قال العلماء : ظاهر الحديث على أنه لا يجب حتى يرى بالعين، وينزل السمع المحقق منزلة الرأي بالعين، فإذا سمع منكرا سماعا محققا، سمع صوت رجل وامرأة في خلوة محرمة سماعا محققا، يعرف بيقين أن هذا محرم، وأنه لا يفعل…. أن هذا في كلامه إنما هو مع أجنبية وأشبه ذلك، فإنه يجب عليه الإنكار؛ لتنزيل السماع المحقق منزلة النظر.

كذلك إذا سمع أصوات معازف، أو أصوات ملاهٍ، أو أشباه ذلك بسماع محقق، فإنه يجب عليه هنا الإنكار، وأما غير ذلك، فلا يدخل في الحديث، فإذا علم بمنكر، فإنه هنا لا يدخل في الإنكار، وإنما يدخل في النصيحة؛ لأن الإنكار علق بالرؤية في هذا الحديث، وينزل -كما قال العلماء- السماع المحقق -فقط- منزلة الرؤية قال : ( من رأى منكم منكرا ) وفي قوله: "منكرا" يظهر تعليق الأمر بالمنكر، دون الواقع فيه، فالحكم بالأمر بالتغيير باليد هذا راجع إلى المنكر، أما الواقع في المنكر، فهذا له بحث آخر.

قال: "فليغيره" يعني: فليغير المنكر، فلا يدخل في الحديث عقاب فاعل المنكر؛ لأن فاعل المنكر تكتنفه أبحاث، أو أحوال متعددة، فقد يكون الواجب معه الدعوة بالتي هي أحسن، وقد يكون التنبيه، وقد يكون الحيلولة بينه وبين المنكر والاكتفاء بزجره بكلام، ونحوه ، وقد يكون بالتعزير ، وقد يكون .. إلى آخر أحوال ذلك المعروفة، في كل مقام بحسب ذلك المقام، وما جاء فيه من الأحكام.

المقصود: أن الحديث دل بظاهره على تعليق وجوب الإنكار، ووجوب التغيير باليد بالرؤية، وما يقوم مقامها.

والثاني: بالمنكر نفسه، فتغيير المنكر، يعني -مثلا-: رجل أمامه زجاجة خمر، أو أمامه شيء من الملهيات المحرمة، فإنكار المنكر ليس هو التعنيف للفاعل، وإنما هو تغيير هذا المنكر من الخمر، أو من الملاهي المحرمة، أو من الصور المحرمة، أو أشباه ذلك بتغييره باليد مع القدرة .

تغييره باليد مع القدرة ، وأما الفاعل له فهذا له حكم آخر.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }