عرض مشاركة مفردة
  #215  
قديم 27-05-2006, 04:12 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

قال: ( فليغيره بيده ) والتغيير هنا أوجب التغيير باليد
وهذا مقيد بما إذا كان التغيير باليد مقدورا عليه، وأما إذا كان غير مقدور عليه، فإنه لا يجب، ومن أمثلة كونه مقدورا عليه: أن يكون في بيتك الذي لك الولاية عليه يعني: في زوجك وأبنائك وأشباه ذلك، أو في أيتام لك الولاية عليهم، أو في مكان أنت مسئول عنه، وأنت الولي عليه، هذا نوع من أنواع الاقتدار، فيجب عليك هنا أن تزيله، وإذا لم تغيره بيدك فتأثم، أما إذا كان في ولاية غيرك، فإنه لا تدخل القدرة هنا، أو لا توجد القدرة عليه؛ لأن المقتدر: هو من له الولاية فيكون هنا باب النصيحة لمن هذا تحت ولايته،ليغيره من هو تحت ولايته والتغيير في الشرع ليس بمعنى الإزالة.

التغيير: اسم يشمل الإزالة، ويشمل الإنكار باللسان بلا إزالة، يعني أن يقال: هذا حرام، وهذا لا يجوز، ويشمل -أيضا- الاعتقاد أن هذا منكر و محرم؛ ولهذا جاء في هذا الحديث بيان هذه المعاني الثلاث، فقال عليه -الصلاة والسلام:- ( فإن لم يستطع - التغيير بيده - فبلسانه ) يعني: فليغيره بلسانه، ومن المعلوم أن اللسان لا يزيل المنكر دائما، بل قد يزول معه بحسب اختيار الفاعل للمنكر، وقد لا يزول معه المنكر، تقول مثلا لفلان: هذا حرام، وهذا منكر لا يجوز لك، قد ينتهي وقد لا ينتهي، فإذا أخبرت الخلق، أو المكلف الواقع في هذا المنكر، إذا أخبرته بأنه منكر وحرام فقد غيرت، وإذا سكت، فإنك لم تغير.

وإن كنت لا تستطيع باللسان، فتغيره بالقلب تغييرا لازما لك لا ينفك عنك، ولا تعذر بالتخلف عنه، وهو اعتقاد أنه منكر ومحرم ، والبراءة من الفعل يعني: بعدم الرضا به؛ لهذا جاء في سنن أبي داود أنه عليه -الصلاة والسلام- قال: ( إذا عملت الخطيئة كان من غاب عنها ورضيها كمن عملها، وكان من غاب عنها وكان ممن شهدها، فلم يفعلها كمن فعلها )

وهذا يعني: أن الراضي بالشيء كفاعله؛ لأن المنكر لا يجوز أن يقر، يعني: أن يقره المرء، ولو من جهة الرضا، وهذا ظاهر في قوله -جل وعلا-: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140) النساء ، وفي الآية الأخرى : (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) الأنعام .

فمن جلس في مكان يستهزأ فيه بآيات الله، وهو جالس لا يفارق هذا المكان، فهو في حكم الفاعل من جهة رضاه بذلك؛ لأن الراضي بالذنب كفاعله كما قال العلماء، إذا تبين ذلك، فها هنا مسائل تتعلق بهذا الحديث، وهي أن الإنكار - وجوب الإنكار - متعلق بالقدرة بالإجماع، ومتعلق بظن الانتفاع عند كثير من أهل العلم.

قال طائفة من العلماء: إنما يجب الإنكار إذا غلب على ظنه أن ينتفع المنكر، يعني: باللسان، بما لا يدخل تحت ولايته، أما إذا غلب على ظنه أنه لا ينتفع، فإنه لا يجب الإنكار؛ وذلك لظاهر قول الله -جل وعلا:- ( فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى (9) الأعلى ، فأوجب التذكير بشرط الانتفاع، وهذا ذهب إليه جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، ودل عليه عمل عدد من الصحابة -رضوان الله عليهم- كابن عمر وابن عباس وغيرهما، لما دخلوا على الولاة وأمراء المؤمنين في بيوتهم، وكان عندهم بعض المنكرات في مجالسهم، فلم ينكروها؛ وذلك لغلبة الظن أنهم لا ينتفعون بذلك؛ لأنها من الأمور التي أقروها وصارت فيما بينهم، وهذا خلاف قول الجمهور.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }