عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 27-05-2006, 04:14 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

والجمهور على أنه يجب مطلقا، سواء غلب على الظن، أو لم يغلب الظن؛ لأن إيجاب الإنكار لحق الله -جل وعلا- وهذا لا يدخل فيه غلبة الظن، والقول الثاني، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية -كما ذكرت لكم- وجماعة، من أنه يجب مع غلبة الظن هذا أوجه من جهة نصوص الشريعة؛ لأن أعمال المكلفين مبنية على ما يغلب على ظنهم
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ) وعدم الاستطاعة هذه تشمل عدة أحوال، ويدخل فيها غلبة الظن ألا ينتفع الخصم، مثلا: إذا قابلت حليقا للحية، أو قابلت امرأة سفرت وجهها، ونحو ذلك، في بعض الأمكنة نجد حرجا هل ننكر أم لا ننكر؟

يغلب على ظننا في بعض الأحوال، أننا لو أنكرنا لما انتفع أولئك بذلك؛ لعلمهم بهذه المسألة، فيكتفى هنا بالإنكار بالقلب من جهة الوجوب، ويبقى الاستحباب في أنه يستحب أن تبقى هذه الشعيرة، وأن يفعلها من أراد فعل المستحب، وكما ذكرت لك هذا خلاف قول الجمهور، لكنه يتأيد بمعرفة حال الصحابة -رضوان الله عليهم- من أنهم إنما أنكروا ما غلب على ظنهم الانتفاع به، وإلا للزم منه أن يأثموا في ترك كثير من الواجبات في أحوال كثيرة ومعلومة.

قال في آخره: ( فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) ( فإن لم يستطع فبقلبه ) يعني: ينكر بقلبه، والإنكار بالقلب، يعني: بغض المنكر، وكراهته واعتقاد أنه منكر وأنه محرم ( وذلك أضعف الإيمان ) يعني: هذا أقل درجات الإيمان؛ لأنه هو الذي يجب على كل أحد، كل أحد يجب عليه هذا ( وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) لأن المنكر المجمع عليه إذا لم يعتقد حرمته، ولم يبغضه مع اعتقاد حرمته، فإنه على خطر عظيم في إيمانه.

هذا الحديث يدخل في بحثه الإنكار على الولاة، والإنكار على عامة الناس، ويدخل -أيضا- مراتب الإنكار، والقواعد التي تحكم ذلك، وهي كثيرة، يعني: مباحثه، أعني: مباحثه وفروعه كثيرة يطول المقام بذكرها، لكن أنبه على مسألة مهمة ذكرتها عدة مرات، وهي أن هناك فرقا ما بين النصيحة والإنكار في الشريعة، وذلك أن الإنكار أضيق من النصيحة، فالنصيحة اسم عام يشمل أشياء كثيرة، كما مر معنا في حديث ( الدين النصيحة ) ومنها الإنكار، فالإنكار حال من أحوال النصيحة؛ ولهذا كان مقيدا بقيود وله ضوابطه، فمن ضوابطه: أن الإنكار الأصل فيه أن يكون علنا؛ لقوله: ( من رأى منكم فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ) وهذا بشرط رؤية المنكر.

وهنا ندخل في بحث مسألة بحثناها مرارا، وهي أن الولاة ينكر عليهم إذا فعلوا المنكر بأنفسهم، ورآه من فعل أمامه ذلك الشيء، وعلى هذا يحمل هدي السلف في ذلك.
وكل الأحاديث التي جاءت، وهي كثيرة، أكثر من عشرة، أو اثني عشر حديثا في هذا الباب، فيها إنكار طائفة من السلف على الأمير، أو على الوالي، كلها على هذا الضابط، وهو أنهم أنكروا شيئا رأوه من الأمير أمامهم، ولم يكن هدي السلف أن ينكروا على الوالي شيئا أجراه في ولايته؛ ولهذا لما حصل من عثمان رضي الله عنه بعض الاجتهادات وقيل لأسامة بن زيد - رضي الله عنهما- : ألا تنصح لعثمان؟ ألا ترى إلى ما فعل؟ قال: أما إني بذلته له سرا، لا أكون فاتح باب فتنة.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }