عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 29-05-2006, 03:41 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي


الأصل الثاني:

معرفة دين الإسلام بالأدلة ؛ وهو الاستسلام لله بالتوحيد ، والانقياد له بالطاعة ، والبراءة من الشرك وأهله . وهو ثلاث مراتب :
الإسلام و الإيمان والإحسان ، وكل مرتبة لها أركان .

( المرتبة الأولى ) :

الإسلام وأركانه خمسة : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ...
وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام ..فدليل الشهادة: قوله تعالى : { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم } .ومعناها : لا معبود بحق إلا الله وحده . " لا إله " : نافيا جميع ما يعبد من دون الله . " إلا الله" مثبتا العبادة لله وحده ، لا شريك له في عبادته ، كما أنه ليس له شريك في ملكه .
وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى : { وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون ـ إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ـ وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون } وقوله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّنْ دُوْنِ اللهِ فِإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } .
ودليل شهادة أن محمدا رسول الله قوله تعالى : { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِّنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّم حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } .
ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله طاعته فيما أمر ، وتصديقه فيما أخبر ، واجتناب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع .
ودليل الصيام قوله تعالى : { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } .
ودليل الحج قوله تعالى : { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } .

(المرتبة الثانية) :

الإيمان : وهو بضع وسبعون شعبة ، فأعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان.
وأركانه ستة : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره .
والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } الآية .
ودليل القدر قوله تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } .


(المرتبة الثالثة) :

الإحسان : ركن واحد ، وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
والدليل قوله تعالى : { إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } .
وقوله تعالى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ـ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ـ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ـ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } . وقوله تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } الآية .

والدليل من السنة :
حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال : بينما نحن جلوس عند النبي - صلى الله عليه وسلم- إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد . فجلس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلَّم-فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : يا محمد! أخبرني عن الإسلام ؟ فقال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " ، قال : صدقت . فعجبنا له يسأله ويصدقه ، قال : أخبرني عن الإيمان. قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره " ، قال : أخبرني عن الإحسان . قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ؛ فإن لم تكن تراه ؛ فإن يراك " ، قال : أخبرني عن الساعة . قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " ، قال : أخبرني عن أماراتها . قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاء يتطاولون في البنيان " . قال : فمضى ، فلبثنا مليا . فقال : يا عمر! أتدرون من السائل ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " هذا جبريل ؛ أتاكم يعلمكم أمر دينكم " .

(الأصل الثالث) :

معرفة نبيكم محمد - صلى الله عليه وسلَّم- وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ، وهاشم من قريش ، قريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
وله من العمر ثلاث وستون سنة ، منها أربعون قبل النبوة ، وثلاث وعشرون نبيا رسولاً ، نبئ بـ (اقرأ)

وأرسل بـ ( المدثر ) .
وبلده مكة ، بعثه الله بالنذارة عن الشرك ، ويدعو إلى التوحيد . والدليل قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ـ قُمْ فَأَنْذِرْ ـ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ـ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ـ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ـ وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ ـ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } .
ومعنى { قُمْ فَأَنْذِرْ } : ينذر عن الشرك ، ويدعو إلى التوحيد .
{ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } : عظمه بالتوحيد .
{ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } : أي طهر أعمالك عن الشرك .
{ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ } : الرجز : الأصنام ، وهجرها : تركها وأهلها ، والبراءة منها وأهلها .
أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد ، وبعد العشر عرج به إلى السماء ، وفرضت عليه الصلوات الخمس ، وصلى في مكة ثلاث سنين .
وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة .
والهجرة : الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة ، والدليل قوله تعالى : { إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنْتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ـ إِلا الْمُسْتَضْعَفًِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا ـ فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا } وقوله تعالى : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ } .
قال البغوي ـ رحمه الله ـ سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة لم يهاجروا ، ناداهم الله باسم الإيمان .والدليل على الهجرة من السنة : قوله ـ صلى الله عليه وسلَّم-: " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".
فلما استقر في المدينة أمر ببقية شرائع الإسلام ، مثل الزكاة ، والصوم ، والحج ، والأذان ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من شرائع الإسلام .
أخذ على هذا عشر سنين ، وتوفي ـ صلاة الله وسلامه عليه ـ ودينه باق ، وهذا دينه .
لا خير إلا دل الأمة عليه ، ولا شر إلا حذرها منه .
والخير الذي دلها عليه التوحيد ، وجميع ما يحبه الله ويرضاه ، والشر الذي حذرها عنه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه .
بعثه الله إلى الناس كافة ، وافترض طاعته على جميع الثقلين ، الجن والإنس ، والدليل قوله تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا }
وكمل الله به الدين ، والدليل قوله تعالى : { تَخْشَوهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا }
والدليل على موته ـ صلى الله عليه وسلَّم-قوله تعالى : { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ـ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } .

والناس إذا ماتوا يبعثون ، والدليل قوله تعالى : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } .
وقوله تعالى : { وَاللهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا ـ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا } .
وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم ، والدليل قوله تعالى : { وَللهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِالْحُسْنَى } .
ومن كذب بالبعث كفر ، والدليل قوله تعالى : { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنْ لَنْ يُّبْعَثٌواْ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ } .

وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين ، والدليل قوله تعالى : { رُسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكٌونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } .
وأولهم نوح ـ عليه السلام ـ وآخرهم محمد - صلى الله عليه وسلَّم-، وهو خاتم النبيين ، والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى : { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ } .
وكل أمة بعث الله إليهم رسولا من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن الطاغوت. والدليل قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ } وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت والإيمان بالله .قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع ، والطواغيت كثيرون ، ورؤوسهم خمسة : إبليس ـ لعنه الله ـ ، ومن عبد وهو راض ، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ، ومن ادعى شيئا من علم الغيب ، ومن حكم بغير ما أنزل الله ، والدليل قوله تعالى : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَّكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } .
وهذا هو معنى لا إله إلا الله ، وفي الحديث : " رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " .
والله أعلم.

وفي الكتب تفصيل أكثر
وإسناد الآيات والأحاديث ، وشرح مستفيض لبعض أجزاءه التي وردت هنا

وجزى الله أخينا الحجاز خير الجزاء على أن دل على هذا الخير العميم
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }